الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خِرافنا...وخِرافهم

عبد الفتاح مرتضى

2002 / 8 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                          

تحتج الملكات والأُمراء وألأميرات ومعهم بعض رؤساء الدول في العالم،ومنظمات حقوق الحيوان وألإنسان كذلك،على إستخدام ( الخراف ) في تفجير ألغام جزر ألفوكلاند ألأرجنتينية التي تحتلها بريطانيا بعد أن عجز الخبراء في إقتناص وكشف هذه ألألغام مما سبَّبَت خسائر بشرية،فإقترح الخبراء إستخدام الخراف بدلاً من ألأجهزة الحساسة والبشر لتدمير هذه ألألغام(وكفى المؤمنين شر القتال)!!!

والسبب في هذا ألأحتجاج عقلاني جداً..فالألغام رمز الحرب،والحرب سمة البشر،فماذنب هذه الخراف المسكينة لتكون ضحايا مجازر الحروب البشرية؟فليذهب ألإنسان الى الدرك ألأسفل فالمهم أن تسلم الخراف من مخاطر ألإنسان وألاعيبه.وهذا دليل على أنَّ لدى الخراف منزلةً كبيرة ومهمة لدى المجتمعات الغربية وهي متساوية في أهميتها كما القطط والكلاب والطيور والبعوض والقمل والبرغوث والديدان وألإنسان!!!

وبسبب ألإنفجار السكاني الهائل في العالم،فلم تعد الخراف تفي بالحاجة لسدّ النقص في الغذاء بسبب صغر حجمها،فإتّجه الغرب الى العجول وتسمينها لهذا الغرض،مما جعل الخراف تقيم الحفلات!!لأنها لن تذبح مثلما كان في السابق!!

والخراف في الغرب قد عقدت صداقة حميمة(ولربما إتفاقيات سرية) مع العجول والخنازير في محاولة لإقناعهما بالذبح بدلاً منها،وأُعلِنت البشرى،لأنّ العلماء في الغرب إستنسخوا عجلاً وليس خروفاً،وهو دليل واضح عن إستغنائهم للخروف كطعام للبشر..

يتحدث الرعاة بقصصهم عن الخراف من خلال معايشتهم لهم لسنين طويلة،وكيف نروي نحن المتحضرون(نقلاً عنهم)للنكتة حول النعجة ومدى جبنها وخوفها والى حدٍ ما غبائها.يروي الرعاة أن الذئب عندما يتقدم للقطيعلطلب الرزق وهو حذر جداً من الكلاب التي تحرس القطيع،يقوم بعمليات إحتيال مختلفة للتمويه عليها وعلى الراعي أيضاً،وعندما يطمئن ويضمن نجاح حيلته،يتقدم الى إحدى النعاج،ويُبَسبِسُ(يشاور) النعجة في اذنيها،ثم ينسحب خارجاً،فتلحق النعجة الذئب،ويتجه هو بعيداً عن القطيع والمكان الى مائدته التي جهّزها لوليمته القادمة بأقدامها الى حتفها!!

والخراف في الشرق،هي الوليمة الفاخرة لإبناء الشرق،فبها يتفاخرون بعدد الخراف التي ذبحوها لوليمة فاخرة لضيفٍ عزيز،أو ذبحها إيماناً منهم بذهاب الشرّ عن القادم او الداخل او المكان او الزمان او الحوادث المختلفة.وزيادة ألإيمان لديهم ب( ألذبح ) ،فهم ينذرون ذبح الخراف لدرء الخطر او لطلب الرزق او تحقيق أمانيهم!!..

وفي كل هذا وذاك،فخرافنا في الشرق لا تعلم سبب الذبح،فهي تُساق للذبح وليس بيدها حيلة،كما هي حال حروب الشرق،فالإنسان يذبح في حرب ليست له مصلحة او يد فيها،وهو لا يعلم لماذا يذبح،فإن رفع صوته يذبح،وإن رفع يده يذبح،وإن صمت يذبح،وإن عمل يذبح،وإن نام يذبح،وإن ضحك او بكى يذبح،فحال إنساننا في الشرق كحال خرافنا،يذبحان من حيث لا يعلمون!!!

وإنساننا في الشرق جائع في كل زمان(ذكرها السياب في قصيدة أُنشودة المطر)،ولكون خرافنا الشرقية تمتلك نكهة خاصة ولذيذة،ولكي لا يشبع إنساننا الشرقي،بات تهريب خرافنا الشرقية لدول الجوار مسألة روتينية،بل وصل التهريب بأرحامها لمنع تناسلها لدينا وإكثارها وبالتالي يشبع إنساننا!!

وبسبب ظروف الحروب وألإرهاب والقمع والذبح،بات إنساننا الشرقي يقف بكل إحترام ووقار أمام أي خروف!!.أمسى إنساننا يخاف الخراف،ويبتعد عن طريقها ويتجنبها ويتحاشاها،لأنها وبكل بساطة يمكنها أن تتهمه بالخيانة والسب والشتم وألإخلال بالواجبات والرشوة والتزوير والتهريب والسرقة والقتل وألإرتباط بالمعارضة وغيرها..

وإذا منعت بريطانيا إستخدام الخراف لتفجير ألألغام في جزر الفوكلاند،فإننا في الشرق نستخدم إنساننا لتفجير ألألغام للتخلص من ألأثنين!!!

وقد حصلت خرافنا الشرقية على إمتيازات عديدة،فهي تتجول بكل حرية في أي مكان،وتنظر بشزر الى البشر فتخيفهم وترعبهم،وباتت تحمل أقلاماً عديدة في كُم قمصانها،وتكتب التقارير حول المعارضين للسلطة،وتفتخر بتغيير لون صوفها من ألأبيض وألأسود الى ألزيتوني،وبات الخروف الزيتوني يرعب الناس جميعاً،ووجودها في أي مكان وهي بهذه الهيئة دليل لإنذارهم بكَمّ أفواههم وإفراغ جيوبهم..

وباتت الدولة التي أنتجت الخروف الزيتوني تقوم بتصديره لدول العالم لإثارة الرعب والخوف وألإرهاب والتجسس،وأنتجت أنواع مختلفة منه لمختلف ألإختصاصات لكي تتشعب في أعمق الوظائف والواجبات للمجتمع،وبات إنساننا الشرقي لا يخاف الشرطي او الكلب او القطط قدر خوفهم من الخروف الزيتوني !!!

 

 

          F.M

      Oct,1998








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -