الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوى الانتهازية تخون الثورة و تسعى للوقيعة بين القوى الوطنية و المجلس العسكرى.

سيد حسين

2011 / 8 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ً يعتبر المصريون السعى وراء المصلحة الخاصة ضرباً من ضروب الانانية ؛ فيرفضونها رفضاً ظاهرياً فى مجمل سلوكاياتهم ؛و خاصة السياسيين منهم ؛ ولكن عملياً ؛الكل يسعى الى مصلحته حتى لو تعارضت هده المصالح مع المبادئ الاخلاقية ، كما أكد العلامة الوردي فى كتاباته ؛ مشيراً الى إن الإنسان لا يطلب الحق من أجل الحق ذاته، فالحق سلاح يستخدمه الإنسان في حاجاته أكثر مما هو هدف مطلق يقصده لذاته. وحين يتنازع الناس حول حق من الحقوق إنما هم ينشدون به مصالحهم الخاصة. فإذا تناقض الحق مع المصلحة كانت المصلحة أولى بالإتباع؛ والإنسان حين يسعى وراء مصلحته الخاصة يغطي سعيه ببرقع من الحجج المثالية ليدعم بها موقفه؛ وبهذا الخصوص يقول الحسين بن علي ؛ الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل المتدينون.

هدا المقدمة تعد تفسيراً منطقياً للحالة المصرية التى تحولت تحولاً مفاجئاً ؛ من مشهد يجمع كل صفوف الامة فى ميدان التحريراثناء جمعة التنحى ؛ الى قوى منقسمة ؛و منغلقة تدافع عن مصالحها الضيقة ليتحول الوطن من حاضن للمصريين الى مكان جامع لجماعات مصالح متعارضة و متناقضة فيما بينها .... فالاقباط يتطلعون لقانون الاحوال الشخصية و دور العبادة الموحد و الجماعات الاسلامية تطالب بسرعة اجراء الانتخابات لتنقض على مقاعد السلطة ... و البدو يقطعون الطريق الدولى من اجل اعادة محاكمة ابناء سيناء المحكوم عليهم غيابياً ... و ابناء النوبة يهددون بتدويل قضيتهم ... وغيره العديد من المطالبات التى تجمع بين طوائف بعينها ؛ الامر الدى انعكس على الحياة السياسية بظهور احزاب على اسس طائفية و عرقية يسعى من خلالها المؤسسون الى تحقيق مصالح تابعيهم دون النظر الى المصلحة العليا للوطن ؛ فتناسى الجميع الثورة و تحول المشهد الى استعراض قوى فى الشارع المصرى و من ثم نسى القائمين على ادارة شئون البلاد انهم يديرون دولة فى حالة شرعية ثورية .

فى مرحلة ما بعد خلع الانظمة الفاسدة تعمل الثورات و قيادتها على فرض الشرعية الثورية و الحكم وفق مبادئ و رؤى ثورية تترجم فى شكل قوانين او مراسيم لحين وضع دستور جديد ؛ وخلال هده الفترة تكون القيادة الثورية قيادة حاكمة تملك توجيه كل السلطات بما فيها السلطات العسكرية ؛ و لكن ظروف و ملابسات الثورة المصرية تختلف عن سابقتها نظرا لعدة عوامل اهمها غياب القيادة الحقيقية عن ميدان الثوار ؛ الامر الدى وضع القوات العسكرية فى موقف حرج ؛خُيرت فيه ما بين نصرة الشعب او مساندة الحاكم ؛فاختارت القيادة العسكرية الوقوف الى جانب الثوار و بالتالى اصبح الجيش قائدا محتملاً بل اكيدا للثورة .

من هنا بدأت اشكالية الشرعية الثورية و مدى نجاح الثوار فى فرض هده الشرعية فى ظل وجود المجلس العسكرى الدى يرى الكثير من المحللين انه مكلف من قبل الرئيس المخلوع بادارة شئون البلاد ؛الامر الدى يجعل حكم المجلس العسكرى امتداداً لحكم النظام المخلوع ؛ و هدا سبب طبيعى لتفجر الخلافات بين شباب الثورة و المجلس العسكرى و بالتالى انقسام الشعب ما بين مؤيد للثوار ومناصر للمجلس العسكرى و سياساته و لكن فى اطار مصلحة كل فصيل ؛ فالجماعات الاسلامية على سبيل المثال تناصر المجلس العسكرى لان معظم قراراته التى اتخدها لادارة مرحلة ما بعد الثورة تصب فى صالح هده الجماعات ؛ اما الشباب الدى قاموا بالثورة و حركوا المياه الراكدة فى الشارع المصرى فى سنوات قليلة ؛ يرون ان قرارات ادارة المرحلة الثورية تعمل على اقصائهم من الحياة السياسية نظرا لعدم استعدادهم لخوض الانتخابات بسبب ضيق فترة الحكم الانتقالية بالاضافة الى نظرة الشباب الواقعية للجماعات الاسلامية و الاحزاب القديمة المتواجدة على الساحة مند ثلاثين عاما دون ان تنجح فى تغيير اى شئ ؛ معتبرين هده القوى لاعب اساسى مع النظام القديم فى الحياة السياسية مع اختلاف الادوار ما بين حكام و معارضين ؛ و هو ما دفع معظم الشباب المشاركين فى الثورة الى وصف قرارات المجلس العسكرى على انها دعم للنظام القديم حتى و ان صبت فى مصلحة القوى الشكلية التى تطلق على نفسها معارضة .
و بنظرة متفحصة للوراء يتاكد لنا فى بداية الثورة تردد التنظيمات السياسية في الانخراط فيها ، حيث كانت القوى السياسية ً أكثر تقبلاً لفكرة الاستقرار والاكتفاء بالتنازلات التي قدمها مبارك، و لكنهم عدلوا عن رؤيتهم حين تأكد لهم أن الضغط الشعبي الجذري أكبر من أن يهزم أو يتراجع. فحسمت أمرها وانضمت إلى الثورة. ولكن فور تنحي الديكتاتور، ارتد الانتهازيون إلى موقعهم ترتيبا لحصد المغانم ، بل وتراجعوا إلى الخلف. حيث تعالت صيحات التيارات الاسلامية بالعودة إلى حالة الاستقرار، وظهر التحالف بين السلطة والإخوان،. وبدأ الاسلاميون بالهجوم على الاحتجاجات الاجتماعية والعمالية، واستعداء الجيش على العمال، والمطالبة بسياسة القبضة الحديدية، وتبرير العنف المستخدم ضد هذه الاحتجاجات. والأخطر من ذلك أن المستقبل القريب سيشهد تحالفات أوسع بين القوى السياسية الممثلة فى الجماعات الاسلامية وبين بقايا النظام القديم، لكبح جماح الثورة، ومبادلة الدم والجراح بديموقراطية مشوهة، تسمح لهم بالصعود السياسي، وتكمم أفواه الجياع..

و المراقب للشأن المصرى يتيقن من ان صعود الاسلاميين و على رأسهم جماعة الاخوان الى قمة البورصة الانتخابية لم يكن الا نتيجة للأداء الهزيل للأحزاب الرسمية ، في الانتخابات أو في المعارك المجتمعية، حتى ان تمدد الإخوان لم يكن بسبب مواقف سياسية صلبة ضد النظام. لكن بسبب جهود إنسانية تعوض غياب الدولة في الصحة والتعليم والخدمات. وعلى جانب آخر، اقتصرت السيطرة على النشاط النقابي فى الاونة الاخيرة على الوطني والإخوان، دون تباين واضح، ففى الحالتين كان دور النقابة إدارياً وإنسانياً فقط، لم يتطرق إلى قضايا الأجر أو شروط العمل أو تبنى رأى في القضايا الوطنية. وإن استغل الإخوان بعض النقابات كواجهة لعمل سياسي موجه لدعم فلسطين، ولم يكن في يوم ضد النظام ؛ و لكنهم بالرغم من دلك يجيدون امرين اولهما كسب التعاطف و التأييد الشعبى من خلال آليات تمرسوا على ادائها بامتطاء الدين ؛اضافة الى انتهازيتهم التى تمكنهم من استغلال الفرص فى توقيتات بعينها للانقضاض على ما يريدون جنيه من مكاسب .


و نظراً لرؤية الجماعات الاسلامية القاصرة تجاه الواقع السياسى فانها لا ترى سوى نفسها على غير الحقيقة التى تشير الى وجود قوى متباينة و مختلفة بجانب هده الجماعات ؛ مثل البدو و النوبيين و الاقباط و العلمانيين و الليبراليين ؛ و كثير من الرافضين لعنجهية الجماعات الاسلامية التى تدعى عناصرها امتلاك الحقيقة المطلقة ؛ فتأتى مسالكهم السياسية متجهمة و مشوبة بكثير من التعالى و الكبرياء ؛و قد ظهر هدا فى كثير من تصريحات قادتهم التى سفهت من القوى السياسية الاخرى بل ووصمت كثير من تلك القوى بالعمالة و الخيانة لانها تقف فى سبيل تحقيق مطامعها و مصالحها الضيقة ؛ الامر الدى دفع كل طائفة فى مصر الى الاعلان عن تأسيس حزب سياسى دفاعا عن شرعية وجودها ؛ فكانت المحصلة النهائية احزاب سلفية و اخوانية و نوبية و بدوية و قبطية بخلاف الاحزاب المدنية التى تسعى الى تكريس الحياة الديموقراطية فى مجتمع متدين بطبيعته لا يفكر فى اسس تدينه ؛ و هنا نقف عند نقطة هامة تقول بأن الشعب المصري ليس متبحرا فى دينه و انما يأتى انتماؤه و ترحيبه بالدين و من يمثلونه من منطلق العاطفة تارة و نصرة الاسلام تارة اخرى ؛ دون ان يتيح لنفسه الفرصة للتفريق بين من يمثلون دين الله الحق و بين من يمتطونه لتحقيق اهداف سياسية ؛ و هو ما يمثل حجر عثرة امام الاحزاب المدنية لتحقيق اى مكاسب سياسية او انتخابية على المستوى القريب .
و ادا كانت الجماعات الاسلامية قد عانت من الاضطهاد السياسى الدى مارسه ضدها النظام القمعى لمدة ثلاثين عاما فليست هى القوى الوحيدة التى عانت من مثل هده الممارسات ؛ فهناك الكثير من النمادج التى تفوق معاناتها معاناة الجماعات الاسلامية ؛ فعادة ما كانت تحفل المجتمعات العربية و بخاصة مصر بتهميش حقوقي واضح للأقليات ، وفي ربيع الثورة المصرية حاولت بعض تلك الأقليات الحصول على حقوقها من خلال النزول إلى الشارع والمطالبة بها مع بقية الأصوات الأخرى، وهذا يشكّل ظاهرة سلبية في توقيت المطالبة، بما ينذر بوقوع المحظور ، كما أن التغافل عنها في مثل هذه الظروف هو من الخرق والحمق عند البعض، والتقدير الأنسب في مثل هذه الحال المتداخلة أن تكون المطالبات للمقاصد العليا من الحقوق دون الدنيا منها، والتأكيد على الحريات الأساسية التي ينعم بها الجميع دون الحريات الفرعية الخاصة بفئة أو طائفة، فالمجتمع إذا تكوّن على أساس حقوقي وقام على دستور محترم من الجميع، يضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويؤسس لقضاء نزيه عادل، فلا داعي حينئذ لأي مطالبة تقتضيها خصوصيات طائفة دون أخرى.

فالاقباط على سبيل المثال ارهقوا من اضطهاد الدولة التى تجاهلت وجودهم لفترة طويلة و صلت نتائجها الى تهميش هؤلاء المصريين و استبعادهم من المناصب السياسية و الوظائف الحساسة و الحياة السياسية بوجه عام ؛زد على دلك ما لاقوه من المتطرفين الاسلاميين الجاهلين بقواعد واداب الاسلام السمحة فى التعامل مع الآخر ؛ لدلك لم يتردد الاقباط فى النزول للشارع و مناصرة الثورة خروجا على تعاليم الكنيسة ؛ كما دفعهم املهم فى مستقبل افضل الى تشكيل احزاب سياسية و الانخراط فى الاحزاب الوليدة ؛ فكان حزب المصريين الاحرار بيتا سياسيا جديدا للاقباط يعبرون من خلاله عن رغباتهم و يشاركون من خلاله فى صناعة القرار السياسى فى ظل المرحلة الجديدة .

ايضا لاقى النوبيين ويلات التهميش و التحقير من الدولة لدرجة جعلتهم يسعون الى تدويل قضيتهم على غرار ما فعله الاقباط قبل الثورة ؛ الا ان الامر يختلف مع النوبيين حيث ان النطاق الجغرافى الدى يعيشون فيه على حدود السودان فرض عليهم عزلة عن المجتمع المصرى فتأثرت النوبة مند القدم بالثقافة السودانية حتى اصبح لديهم لغتهم النوبية الخاصة و حضارة خاصة و انتماء قومى يختلف عن الانتماء القومى لباقى المصريين فهناك مذاهب عديدة تشرح الانتماء القومى لابناء النوبة منها مدهب مناهضه الانتماء النوبى بالانتماء العربى الذى يستند الى فكره مضمونها على المستوى الفردى أن العلاقة بين علاقات الانتماءات المتعددة للشخصيه النوبية هي علاقة تناقض ، وبالتالي فان تقرير علاقة الانتماء العربيه للشخصيه النوبية يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى بما فيها علاقه الانتماء الحضاريه التاريخيه النوبيه، ومن ممثلى هذا المذهب مذهب العصبية القبلية العربية الذى يجعل العلاقه بين الانتماء النوبى والانتماء العربى علاقه تناقض والغاء استنادا الى ان النوبيين ليسوا سلاله عرقية لعرب الجاهلية. هده الاشكاليات زادت من معاناة اهالى النوبة فوثب مفكريهم اثر قيام الثورة الى مسرح الاحداث مبادرين باعلان تشكيل الحزب المصرى الديمقراطى ليكون لابناء النوبة وجودا مشروعا فى قلب الحياة السياسية لاول مرة فى مصر .

اما بدو سيناء فقد كان لهم حظ وافر من الصدام مع مؤسسات الدولة و سلطاتها التنفيدية و القضائية بعد اهمال الدولة لوجودهم ؛ مما دفعهم الى البحث عن وسائل جدبدة للعيش استمرارا للحياة ؛ فلم يكن لديهم من وسائل سوى الاعتماد على الاجر الناتج عن عمليات التهريب نظراً لكونهم سكان منطقة حدودية تنشط فيها هده العمليات ؛ و لان الدولة لم تعتاد على حل المشكلات الاجتماعية من جدورها فكانت تلجأ الى وسائل العنف و المطاردة و الاحكام القضائية الغيابية بدلا من محاولة خلق سبل جديدة للحياة لسكان هده المنطقة تتوافق مع طبيعتهم الجبلية ؛ لدلك كان الصدام الدائم و المستمر بين بدو سيناء و اجهزة الدولة التنفيدية لدرجة وصف الاخيرة لمنطقة سيناء على انها مستنقع الموت لرجال الشرطة . هدا التاريخ انتهى بابناء سيناء الى مصاف الطلائع الثائرة التى شاركت بفاعلية فى احداث ثورة الخامس و العشرين من يناير و كانوا هم ايضا من اوائل المؤسسين للحزب العربى للعدل والمساواة.
ان قيام الاحزاب السياسية بعد الثورة على اسس طائفية يندر بوجود شرر يتطاير على مسرح السياسة ؛خاصة و ان التعصب للطائة و القبيلة و الدين لا زال من طبائع و تقاليد عظم المصريين ؛إن مفهوم الطائفية في العادة مرفوض وتنفر منه كل الطوائف مهما تطرفت فكرياً، كونه من دواعي تفرّق المجتمع وانقسامه، لذلك يستحيل وجوده علانية أو تدّعيه طائفة لنفسها إلا في حالات نافرة قليلة الوجود، لكننا نلحظ وبشواهد وحجج واضحة؛ الفعل الطائفي الصامت، والتوتر الصارخ من خلال الاصطفاف العنصرى للآخر، وقد يتحول تحت ذرائع شتى إلى تنظيمات باطنية الوجود تسعى لتأسيس كيانات سياسية هي جوهر العديد من المطالبات ، أو بشكل أوضح مشاريع للتقسيم وتفتيت الدولة الوطنية الواحدة، ولكن قد تتبادر إلى الذهن إشكالية أن تكون الدولة ذاتها هي مصدر الفعل الطائفي، فهذا الاحتمال حاضراً هو إعلان مواجهة وتثوير للفتيل الطائفي للانفجار، ولكنه يحمل خطر الدمار الكلي للكيان الوطني من دون تمييز، وبذلك تساهم الدولة الطائفية بموتها السريع يوم أن تميز المجتمع على أساس ديني أو عرقي أو لغوي أو غير ذلك.
مصادر القلق من نشأة الاحزاب المصرية على اسس طائفية انها تبدأ عادة بمطالبات إصلاحية رشيدة، ولكنها سرعان ما تتحول إلى صراع أشبه بحروب أهلية بعيداً من ميدان الإصلاح والتغيير، كما أدت المطالبات الطائفية في بعض البلدان إلى إحياء كوامن العداء، والتوتر بين كل المطالبين، بما ينذر بتحول خطير في مفاهيم العدالة للجميع والحرية الفكرية المضمونة للكل؛ إلى مدركات وحاجات خاصة لفئة دون الأخرى، والغريب أن هذه النعرة ما أن تثور في المجتمع حتى تجعل المدافعة عن الخصوصية أهم أولويات الإصلاح، وبالتالي تُتناسى القوى السياسية كل المطالبات الجوهرية للتغيير، ولا يعود هناك سوى صوت التخوين والتحذير بين الفئات بعضها البعض، وهذا الواقع المشاهد لبعض الطوائف التي ظهرت أثناء الثورة المصرية كان مؤشر نجاح لبعض الحكومات، فصرفت نظر المطالبين بإصلاح مؤسسات الدولة ومعالجة أخطائها إلى الالتفاف إلى خصوصياتهم الطائفية والمدافعة عنها، وقد ينشغل المجتمع بخلافاته الطائفية عن مواجهة عدوه الأول كما حصل في الغزو الأميركي للعراق، حيث تحول المجتمع بكل أطيافه من محاربين للمحتل إلى منادين ببقائه قدر المستطاع.
فيما نلاحظ ان السبب الأساس في التخندقات الطائفية السياسية والتي قد تتضخم لتقضي على وحدة المجتمع والدولة يكمن في فشل مشروع الدولة، فعندما تتحول الدولة إلى سلطة مكوّن عرقي أو طائفي لا سلطة جمهور وطني، تمارس الطغيان والتمييز تجاه رعاياها على أساس من انتمائاتهم الفرعية لا الوطنية.. عندها سيرتد المواطن المهمش إلى الوراء للبحث عن الإعتراف والحماية للتقليل من مخاطر الإقصاء والتهديد والحرمان،.. ويترتب على هذا الأمر تدريجياً إحياء الإنتماءات والولاءات الفرعية على حساب الإنتماء والولاء الوطني، وهو ما يقود إلى خلق تخندقات طائفية في الوعي واللاوعي على أساس من الهوية والإنتماء الفرعي .
هذا المفهوم البراجماتي للطائفية يعني استخدام الولاء الطائفي للالتفاف على قانون المساواة وتكافؤ الفرص الذي يشكل قاعدة الرابطة الوطنية الأولى، وبالتالي يصبح الولاء لنظام الطائفة وسلطتها على حساب الانتماء الوطني للدولة، ويُنتج بالتالي النمودج الأوضح لاستخدام الدين والعصبية في السياسة، والنظر إلى الجماعة الدينية من حيث هي جماعة مصالح خاصة، لهذا غلب على الطرح الطائفي المعاصر تغول الشأن السياسي ما يجعل هذا المفهوم الديني أكثر توظيفاً في الصناعة السياسية وقيام التكلات والتحالفات الحزبية من كونه معتقداً دينياً للفرد.

فيما يبدو أن خيارات الجماعات و الاحزاب الاسلامية نظرا لتعصبها و طائفيتها سوف تضعها في عداء متزايد مع قطاعات واسعة من الجماهير بما فيهم المنتمون والمتعاطفون مع خطاب مؤسساتها. ويعتبر إضراب الأطباء مثالاً واضح الدلالة في هذا السياق، حين رفض الإخوان الإضراب، سعي الأخصائيون من كوادر الجماعة إلى كسر الإضراب، بينما شارك عدد غيرقليل من شباب الإخوان سعيا لتحسين المستشفيات العامة، ورفع الأجور. ومع تزايد المعارك الاجتماعية، ستتسع الفجوة بين قيادة الجماعة وبين قواعدها ؛ اضف الى دلك عمق الأزمات التي يعيشها الشعب عبر عقود، وتجذر الثورة داخل الوجدان الشعبي، وهو ما يجعل المطالبات صلبة وغير قابلة للتفاوض إلى حد كبير، لذلك لن يجدي معها قمع، أو دجل فكري. ومعنى ذلك أن القوى السياسية لن تنعم بالاستقرار في ظل وجود الجماهير الغاضبة، والمشحونة بروح ثورية، تتباين صعوداً وهبوطاً، لكنها لن تهدأ.
ان ايدولوجية الجماعات الاسلامية تختلف كليةً عن الايدولوجيات التى تتبناها الاحزاب الاخرى ؛ فهى تتخد من الاسلام منهجا و شريعة للحياة ؛ و لا اعتقد فى هدا نقصا ؛ لان الاسلام جاء بشريعة دنيوية تحقق العدل و المساواة بين كل البشر سواء المسلمين و غير المسلمين ؛ الا ان الاشكالية تتجسد فى تصور هده الجماعات او طريقة فهمها للاسلام الدى يعد فهما خاطئا ناتجا عن الفقهائية التى شرعت دينا جديدا يبتعد منهجه عن صحيح الاسلام ؛ فقد عملت الوهابية على نشر فكرها المتطرف و المؤل للدين خدمة لحفنة سياسات هدفها حكم العالم ؛ و بالتالى فان القومية العربية لدى الجماعات الاسلامية فكرة قاصرة لا تتوافق مع كلية الاهداف التى تتبناها الجماعة ؛ التى هدفها فى الاساس حكم العالم و بناء امبراطورية كونية ؛تأثراً بفكر الخلافة الدى لم يعد يتواءم مع مقتضيات العصر الحديث بعد تغير مفاهيم الاحتلال او الاستعمار ؛ ففى الماضى جسد المستعمر نمودجا لاحتلال فعلى للارض بتواجد جنوده عن طريق الحرب ؛ اما العصر الحديث فيشمل احتلالا من نوع جديد هو احتلال فكرى و غزو ثقافى و زرع عملاء من المسؤلين و تسخير انظمة الحكم لتحقيق مصالح الامبريالية بطرق عدة منها الابتزاز السياسى او الضغط السياسى او الاستغلال الاقتصادى ؛ حيث تغير مفهوم القوة فى العالم و اصبح العلم و رأس المال هما المقياس الحقيقى للقوة ؛ و بالتالى لا يجوز التفكير فى غزو العالم بالسيف فى وقت تنظم فيه رحلات سياحة على سطح القمر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار