الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة وتسونامي الازمة المالية

مكارم ابراهيم

2011 / 8 / 26
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في مقالتي السابقة الموسومة " واخيراً اليساريون كانوا على حق ". وصلتني رسالة من احد القٌراء يطلب مني توضيح الجملة التالية والتي صرح بها المعلق الانكليزي شارلس مور" إن العولمة هي نهب البنوك للأرباح من خلال المعاملات التجارية الدولية, وتوزيع خسائرها على دافعي الضرائب في جميع الدول".

بادئ ذي بدء علينا ان نوضح تأثير المؤسسات المالية الذي لايشبه تأثيرأي مؤسسة أخرى في الدولة. يعني يمكن للدولة أن تفرغ السوق من السكر والطحين في نفس الاسبوع ولن تتاثر بذلك الدول الاخرى والمواطن سيدبر اموره. ولكن الامر يختلف بالنسبة للبنوك فاي تصرف منه يمكن أن تتضرر به كل الشركات والمؤسسات في الدولة, وربما تتاثر به مؤسسات مالية في دول أخرى. لان النظام المالي مرتبط كله مع بعضه في جميع أنحاء العالم. فمجرد أن حدثت ازمة مالية في ايسلندة أثرت على فرص العمل في الدنمارك. هذه هي العولمة أي الكل يتاثر ببعضه.

هناك من يرى ان سبب الازمة المالية العالمية هي البنوك وهناك من يرى ان سببها هي الانظمة الحكومية في الدول المحتكرة للنفط كونها تتحكم باسعار النفط وهذا يخلق التغييرات المتأرجحة في النظام الراسمالي . وهناك من يرى ان سببها هوعدم تدخل الدولة في التحكم بالسوق. وهناك من يعتقد بان سبب الازمة تقع مسؤوليتها على عاتق رجال الدولة وسياستهم ذات المنهج اللانظامي والغير صحي للسوق وللمؤسسات المالية .والتنافس الضريبي للشركات .

في البداية لنأخذ فكرة موجزة عن خلفية الازمة المالية العالمية والتي يطلق عليها اليوم بالتسونامي المالي والاقتصادي الذي اعلن عنها اول مرة في الولايات المتحدة الامريكية عام 2007 بعد أن انخفضت اسعار العقارات وبدا الناس بشراء البيوت من خلال قروض قدمتها لهم البنوك بكل ممنونية . ولكن فجاة انخفضت قيم العقارات فامتنعوا المالكين عن سداد ديونهم للبنوك. وبعدها قامت البنوك باغراء الناس باخذ قروض منها.

ولكن إذا عدنا قليلا الى الوراء أي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 قام البنك المركزي الاحتياطي الفيدرالي الامريكي والبنك المركزي الاوروبي(ECB ) بتخفيض قيمة الفوائد الى ادنى نسبة1,00 %ولكن بالمقابل كان البنك الياباني ومنذ عام 1995 ثبت قيمة الفائدة بقيمة اقل على 0,50% , وكما اسلفنا انخفاض سعر العقارات والامتناع عن سداد الديون حيث خسر المالكون قيمة اوراقهم المالية المعتمدة اساسا قيمتها على قرض العقار. وهنا قامت البنوك بالشراء والبيع لبعضها الى ان فقدت البنوك ثقتها ببعضها .وبعدها صرح ( Ben Bernanke ) رئيس البنك المركزي الفيدرالي الاحتياطي الامريكي في تلك الفترة بانه بحاجة لمساعدة البنوك العالمية الاخرى. وقبل عامين اي 2008 حدث انهيار البنك ( Lehman Brothers ) وحينها وقف العالم امام ازمة مالية سارع فيها السياسيون كالعادة بتقديم الف مليار مساعدة مالية للبنك. والان يبدو واضحا للجميع عند تعرض احد البنوك لازمة تسارع الدول الاخرى بالضغط على البنك المركزي الفيدرالي الاحتياطي وكذلك الاوروبي بالمساعدة قبل ان يحدث الانهيار.

بعد 2001 لم تكن البنوك مسيطرة على القروض وقيمة الاوراق النقدية . والذي حدث بالضبط أنه بدات البنوك برفع قيمة الاوراق المالية الى 3A في قروض الرهان العقارية وبدأ الافراد يضعون أموالهم في هذه الاوراق المالية التي تاخذ البنوك عليها ارباحا . المعلوم ان البنوك تاخذ ارباحا على كل المعاملات التي تقوم بها بالنيابة عن الزبون مثل الاسهم التي يشارك بها الزبون في البورصات ياخذ البنك أرباحا عليها وعلى كل المعاملات . ولكن اذا خسر البنك فانه يبيع هذه الاوراق المالية لبنك اخر, او نرى ان الدولة تسارع في اعطاء تعويضات للبنك منعى من حدوث انهيار . او كما حدث في الدنمارك فان شركات التأمين للمتقاعدين كانت تضع اموال التوفير للمتقاعدين في اوراق مالية ليست لها قيمة وتبيعها لبنوك اخرى وبالتالي تنقل الافلاس لبنوك اخرى ويخسر المتقاعد الاموال التي تصور انها تكبر.
والجدير بالاشارة عندما فاز باراك اوباما على منصبه كرئيس للولايات المتحدة الامريكة, فان أول شئ قام به هو انه قدم قروض مالية ضخمة للبنوك لمساعدتها للخروج من ازمتها المالية, ولم يقدم القروض المالية للمواطنين المتضررين او للمؤسسات الحكومية المتضررة من الازمة الاقتصادية. وبالتاكيد لانلومه اذا عرفنا السبب وهو ان هذه البنوك ساعدته اثناء حملته الانتخابية بمبالغ ضخمة فكان عليه رد الدين لهذه البنوك بكل تاكيد.

المهم إن اعلان الازمة المالية عام 2008 في أوروبا كان له اثركبيرعلى الاقتصاد الحقيقي للدولة ,كانخفاض في الانتاج. ارتفاع معدل البطالة من 7,1 الى 9,1 اي مايعادل 25 مليون اوروبي, وتضخم في العجز وارتفاع ديون الدولة ومضاربات كبيرة على قيمة العملة الحساسة. وبالمقابل انخفاض في خدمات الرفاهية في دول الرفاه الاجتماعي مثل الدول الاسكندنافية وفي كل دول الاتحاد الاوروبي والجدير بالاشارة الى ان هناك 84 مليون اوروربي يعيش اليوم على وتحت خط الفقر. (1) صحيفة الانفورماشون الدنمارية 25 اغسطس 2011.

مايهمنا ومايجب ان نقف عنده حقيقة هو كيف ان البنوك رغم الازمة المالية الا ان مدراءها مازالوا يحتفظون بمناصبهم وربما رفعوا الى مناصب اعلى ورواتبهم خيالية !
اعتقد ربما عليكم مشاهدة الفيلم الوثائقي الامريكي الحاصل على جائزة أوسكار للعام 2011( inside job ) للمخرج Charles H. Ferguson لفهم اسباب الازمة المالية العالمية.

مكارم ابراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خارج الصندوق | هل العقوبات الأميركية وراء تدهور أسطول إيران


.. صاحب -قانون ليهي- الأميركي يطالب بتطبيقه على إسرائيل..فما قص




.. من هو كريم أحمد خان المدعي العام للجنائية الدولية؟


.. المغرب: ما الغاية من زيارة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تزامن




.. روسيا تنفي ما تردّد عن وجود طائرات مقاتلة روسية بمطار جربة ا