الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البنوك الدينية بنوك راسمالية

وسام يوسف

2011 / 8 / 26
الادارة و الاقتصاد


النظام الراسمالي المتهاوي والمتازم كثيرا ما الهم المختصين والمهتمين لايجاد نظام اقتصادي بديل اكثر امنا واكثر استقرار . وعلى اختلاف المدارس والمذاهب الاقتصادية هناك ضاهرة الاقتصاد الديني والذي يطرح نظام اقتصادي بديل على اساس الفكر الديني واستخدام التعاليم الدينية والكتب السماوية لترسيخ قواعد ومعاملات اقتصادية حسب المنادين بهذه الفكرة انه اكثر استقرار وخالي من العيوب والازمات .وقد نشطت هذه الدعوات في العالم العربي وتحت مسميات النظام الاقتصادي الاسلامي والذي تبلور وانتج مؤسسات مالية واقتصادية كالبنوك الاسلامية المنتشرة في الخليج ومصر وغيرها من البلدان العربية .
لكي يكون بحثنا اكثر عمق وبشكل مختصر يجب ان نبين ان فكرة الاقتصاد الديني ليست حديثة وليست تجربة الفكر الاسلامي فقط ,فقد مرت البشرية بهذه التجربة وتحديدا في اوربا فقد سيطرت الافكار المسيحية على المذاهب الاقتصادية لوقت طويل فالكنيسة قادت حملة استمرت وتنوعت على مدى اكثر من سبعة قرون محاولة ان ترسخ المفهوم الديني وتعاليم المسيحية في المعاملات الاقتصادية وبدا الامر عندما حكمت الكنيسة وبسطت نفوذها تحديدا في المرحلة او النظام الاقطاعي والذي كانت الكنيسة به اكبر مالك للاراضي والمزارع والبساتين وبمرور الوقت وتقدم الحياة الاقتصادية زاوجت الكنيسة بين افكار ارسطو وتعاليم المسيحية والذي يعرف بالسكولائية وسادت هذه التعاليم والقوانين الى حين ضهور الراسمالية التجارية ونهاية الاقطاع وذلك تحديدا عند ضهور ما يعرف بالمركنتيلية الى ان تراجع ونهاية هذا التزاوج وضهور النظام الراسمالي بشكل منفرد وعزل الكنيسة ابان الثورة الصناعية حيث اتم النظام الراسمالي شروطه كمذهب اقتصادي يحكم العالم وتجري العلاقات الاقتصادية وفق قوانينه والتي اساسها الملكية الفردية وحرية العمل والتي بدائت بشعار دعه يعمل دعه يمر الى ان تطورت الراسمالية ووصلت الى ماوصلت منراسمالية صناعية ومالية ومعلوماتية والى يومنا هذا الذي تعجز فيه الموسسات الراسمالية عن اخفاء حقيقة افول هذا النظام وضرورة ايجاد نظام اقتصادي بديل .
وفي عودة الى مايروج اليه اليوم في العالم العربي حول الاقتصاد الاسلامي والبنوك الاسلامية وانها نظام اقتصادي بديل عن النظام الراسمالي ان هذه الفكرة حقيقة عارية عن الصحة والبحث العلمي كون لا يوجود اقتصاد ذو طابع ديني وكون ما يسمى بالاقتصاد الاسلامي والبنوك الاسلامية انها تدور في فلك النظام الراسمالي وشروط عملها وادواتها هي شروط عمل وعلاقات راسمالية فالمتتبع والمراقب اليوم لحال البنوك الاسلامية يعلم انها تمر بازمات النظام الراسمالي وانها مرتبطة بالمنظومة المالية العالمية بل انها خسرت اكثر بكثير من البنوك العالمية خلال الازمة المالية فالاحصائات الرسمية تشير الى خسائر تكبدتها البنوك الاسلامية لنسبة تصل الى اكثر من 40% من اصولها المالية . فالبنوك الاسلامية تقوم على اساس فكرة انها لا تتعامل بالربى وانها تشارك في العمل وهذا الكلام غير حقيقي كونها ربوية اكثر حتى من البنوك الراسمالية الاخرى لكن كيف نفهم انها ربوية البنك الاسلامي لايعطيك قرض بفائدة بل يقيم العمل والمعدات او السلع التي تريد ان تشتريها ويضيف ربحا على قيمتها وياخذ الضمانات لتسديد المبلغ والربح ويحاول اصحاب هذه الفكرة ان يروجوا الى ان هذه عملية مرابحة اي بيع وشراء وهذه ليست حقيقة كونك الشخص المستثمر عندما تاخذ المعدات او السلعة تذهب بها الى السوق وهو السوق الراسمالي القائم على اساس المنافسة وبالتالي انت تتعرض للربح والخسارة وهي قوانين السوق الراسمالي اما البنك الاسلامي ليس طرف في هذه العملية فهو يقيم ربحه على قيمة القرض ولا يشارك في مخاطر الخسارة والربح وبالتالي هو ليس شريك في الخسارة هو فقط متربح وهنا نحلل هذه العملية هل هي حقا عملية غير ربوية ام اكثر ربوية من البنوك العادية فالبنك العادي يعطيك قرض على اساس المشروع بسعر فائدة معين وعادة ما تكون اسعار الفائدة لا تتجاوز نسبة 8% لجذب المستثمرين وتوسيع القاعدة الاستثمارية اما مبدا المرابحة يضيف قيمة على اصل القرض تصل الى 30% واكثر كونه طرف يبيع ويربح اما انه لايقبل الخسارة حقيقة اي اقتصادي واي متتبع واي مراقب بسيط يعلم ان شروط هذه العملية هي شروط ربوية كونها قائمة على نفس المبداء وهو عدم القبول بالخسارة وعدم المخاطرة .
اما من ناحية اخرى فان النقود الموجودة في البنوك الاسلامية هية نفسها النقود الموجودة في النظام الراسمالي كونها تعمل ضمن نطاق السوق فالسؤال هنا الذي يطرح نفسه الى يخبرنا اصحاب البنوك الاسلامية في سوق يتعاملون فمثلا لو اراد بنك استيراد سلعة انتاجية ما فانه يستوردها من السوق الراسمالية وعملية التحويل المالي تجري بين الافراد والشركات والمؤسسات ضمن نظام السوق كون لو اراد اصحاب البنوك الاسلامية عزل نقودهم عن النقود الربوية في البنوك الاخرى فانها تصبح مجرد اوراق ليس لها قيمة كون قيمة النقود متاتية من كونها تمثل مخزن للقيم ووسيلة للمبادلة وانها تعوض قيمة السلع الحقيقة بشكل نقدي والجميع يعلم ان الانتاج في السوق الحقيقة اي العمل والسلع يجري وفق علاقات الانتاج الراسمالي فحقيقة فصل النقود عن النظام الراسمالي ضرب من الخيال من دون تهديم النظام الراسمالي وتهديم علاقات الانتاج الراسمالية وهذا ما توصل له ماركس والمدرسة الاشتراكية العلمية .التي بينت ان نهاية النظام الراسمالي لا تقوم على اساس اخلاقي وانما على اساس تغير علاقات الانتاج اي التخلص من نظام السوق والعلاقات الراسمالية ونقل ملكية وسائل الانتاج الى الطبقة العاملة .

حقيقة ان النظم الاقتصادية لا تاتي بتصورات فردية بل باسس اجتماعية واقتصادية وعلى اساس العلاقات الاقتصادية فالعالم لا يختار بسهولة النظام الذي يرغب بل هي عملية تفاعلية وجدلية فالبنوك الاسلامية لم تخبرنا هل ملكية الرساميل التي بداخلها هي ملكية فردية ام ملكية عامة فان كانت ملكية فردية فانها ضمن النظام الراسمالي ولم تخرج من قوانينه وان كانت عامة فانها اقرب الى راسمالية الدولة والنظام الاشتراكي وان كانت في الوسط فانها ضمن القطاع المختلط وبالتالي ان قوانين الاقتصاد تدور بين قطبين راسمالي واشتراكي وهناك مساحة لتتنقل في وسط هذين النظامين اما خارج حدودهما لا يوجد نظام واليكم مثلا بسيط فان الرئيس الامريكي اوباما اتهم بانه اشتراكي جراء ملكية الدولة الامريكية لنسبة 80% من البنوك الامريكية بعد خطة الاصلاح التي قام بها جراء الازمة المالية الحديثة والتي ادت الى انهيار الراسمالية المنفلتة وضهور دور اكبر للدولة في ادارة المؤسسة المالية وهو ما يعني راسمالية الدولة وتحويل البنوك الخاصة الى بنوك مملوكة للشعب الامريكي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع


.. الذهب يتراجع من جديد.. جرام 21 يفقد 20 جنيه




.. محمد العريان يكشف لسكاي نيوز عربية عن أهم الاستثمارات خلال ا


.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف




.. احتجاجات مناهضة للسياسات الاقتصادية في الأرجنتين