الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غاندي والأنتفاضات الشعوب العربية

سيف الدين علي

2011 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


المقدمة
... يتعرض الطفل في البيت (السلطة الأبوية) باستمرار لسيل من الأوامر والنواهي باسم التربية والمعرفة , هذا يشل تفكيره , ويغرس في ذهنه نظاماً من القهر والتسلط والاعتباط الذي يصبح فيما بعد , القانون الذي يتحكم بعقله .
تتابع المدرسة عملية القهر وشل الذهني التي بدأته الأسرة,من خلال سلسلة طويلة من الأنظمة والعلاقات التسلطية يفرضها النظام التربوي المتخلف , من غرس قيم الطاعة, وعدم السماح له أن ينتقد ,أو يحلل , بالتالي يقع ضحية إقصاء ذهني .
وتتابع سلسلة القمع والقهر المفروضة على الذهن والنفس من السلطات والمجتمعات المتخلفة والإعلام , وذلك من خلال المراقبة الدقيقة في كل ما يقرأ أو يكتب أو يسمع , أو يرى (عدم الاقتراب من النصوص المقدسة ,تمجيد بطولات الأسلاف الأسطورية, وتعظيم القواد , والأمراء والملوك الأحياء منهم أو الأموات....الخ)
ورعت كل الممالك والامرات و الأنظمة المتعاقبة ذلك, وأصرت على فكاك وانهيار علاقات التعاطف والمشاركة بل زرعت كل الأشكال التفرقة وبأشكال مختلفة حتى بات يشعر المواطن بالغربة في وطنه وليس له حق المواطنة منذ أربعة عشر قرناً من الاستبداد والظلم ونهبت ثروات الشعوب , وخلقت المجازر بدون أي مبرر , وحروب لأغراض سياسية ولتصدير أزاماتهاالأقتصادية أو لديمومة عروشها ’وجعل السلطة ملكاً مع كل ما تقتضيه من تشريعات,وجعلوا الأمر مشرعاً يقوم على حق التعدي في في ارتكابه.
.... الواقع السيكولوجي والسياسي للشعوب, أفرزت عدة محاور
• المحور الأول سار على محور السلطة سواء كأفراد , كمؤسسات , كأحزاب ,كجمعيات ,وترويضها حسب مصالحها ,وجعلهم على مر العصور ينخرطون في كل المجالات الممكنة ,والغير الممكنة وإعطائهم حرية الممارسة في السلب والنهب لممتلكات الخاصة والعامة كشركاء أو كسماسرة لهم (المافيا, والخارجين عن القانون , الفساد , الخ ......) في كل عصر كان لهم تسمية تليق بمواهبهم , هؤلاء استخدِموا في كثيرمن الأزمات,( الاغتيالات ,وقمع المظاهرات, ........ الخ ).
• المحور الثاني سار بطريقة العنف والتطرف والمجابهة وايجاد لها المناطق المتخلفة مكان ملائم ,تلك الجماعات ازدادت طرداً مع درجة القهر , ورأت خلاصها بالإيمان المطلق بالحل الديني المتطرف( الجهادية والتكفيرية ) مع تيارديني سياسي يؤمن أيضاً بالحل الديني بلا عنف .
المحور الثالث تراوح مابين الرضوخ المستسلم وما يرافقه من عقدة النقص (العار والمهانة) وبين التمرد المتفجر فردياً وبشكل عابر
,أو الانكفاء على الذات والتقوقع والانسحاب (العجز وقلة الحيلة ) لاستجيب لنداء ولا ينخرط في نشاط .



• المحورالرابع الأحزاب التقليدية لم تستطع الإبداع وخلق أساليب تلاءم عصورها , وآثرت السلامة والخوف من المجابهة كجيل قديم ونتيجة للتربية التي ذكرناها , وهي ساهمت في إطالة عمرا لسلطة وساومت بعضها في كثير من الأحيان. أما الاّن لا بدّ من النظر بعمق على التطورات الجارية لشعوب المنطقة

انه صراع من أجل الكرامة والحرية, بعيداً عن الإيديولوجيات والشعارات الجاهزة, عكست هذه الانتفاضات فلسفة خلاقة وواقعاً سيكولوجياً جديداً.تحتاج لدراسة دقيقة ,من الناحية الفلسفية والسيكولوجية,لأنها طرحت أسئلة كثيرة وحراك سياسياً سلمياً غير متوقع وغير موجودة في معطيات وأطروحات
الفلاسفة وعلماء النفس, طبعاً لم تأت من الفراغ, والأكيد من تفاعل حيويّ بعيداً
عن الأنظار,حتى انفجرت ؟
بما أن الشباب يشكلون 65% من الشعب ’فجزءاً منهم وجدوا متنفساً في عصر
الانفجار المعرفي والثورة المعلوماتية عبر شبكات التواصل ,فتح لهم اّفاق جديدة فتاقت روحهم إلى الحرية والحياة الكريمة وبعيداً عن نفوذ السلطة وبمعزلٍ عن
عن سياسات القمع والتصفيات الجسدية, وإصرارهم لرفض الراهن وبطرق السلمية مستفيدين من التجربة التطرف والعنف للجماعات ا لجهادية و مستفيدين من تجربة الهجرة الشباب للخارج وخلق تجربتهم بالعمل على أرض الواقع وتغيره , وأكثر الشباب خرجوا بشكل عفوي متضامنين مع ذلتهم وقهرهم الداخلي هو الشيء المشترك بينهم .
كانت صفعة الشرطية على وجه (بو عزيزي ) أشعلت القهر المختزل لقرون,
أخذها رجل السلام (غاندي ) وبحكمته نثرها حمامات سلامٍ بكل الاتجاهات .
يقول لهم:(أنا مستعد لأن أموت,لكن ليس هناك أيّ داعي لأكون مستعداً للقتل )
لقد ضحت هذه الانتفاضات بدماء عشرات ألاف من الشباب وحتى الأطفال , وخراب
لبنية التحتية للاقتصاد وهدر كثير من الأموال (ذلك بسبب الاستبداد والظلم والعنف المفرط اتجاه الاّخر الأعزل, وعقدة التشبث بالكرسي.....الخ ).
..المهم أن لا يحدث ما حدث في كثير من الثورات التي أكلت أبنائها,أوأبتلعتها الثورات المضادة,الداخلية والخارجية,وربما الاثنين معاً.ما اعتقده والمهم هو الاستمرار وبنفس طويل,متابعة الانتفاضات للتحركات السياسية الداخلية والخارجية
أكثر, ورفد تنسقياتهم بالشباب على الدوام وتنظيمها خارج الأطر الحزبية والإيديولوجية وأن تكون خارج السلطة دائماً ورفدها أيضاً بالمفكرين والمثقفين
ونقابات مستقلة, وتطوير إعلامهم وأدواتهم ,وتحويل هذه الانتفاضات إلى ثورات حقيقية في كافة مجالات الحياة وأعتقد أيضاً أن الأحزاب التقليدية التي لم تكن
ديمقراطية داخل أحزابها بل تعدت ذلك ببقاء الأمين العام عشرات السنين في مركزه كالتمثال وأحياناً ورث الابن أباه ليس بالمال فقط بل بالسياسة أيضاً,وهم الآن يركبون الموجة على أكتاف الانتفاضات,وواهم من يعتقد إنهم وراء نجاح الانتفاضات.
, وهنا لا أنكر بوجود قلة منهم مغلوليّ الأيدي, ومغلوبين على أمرهم بحكم طبيعة هذه الأحزاب وهؤلاء سارعوا للانضمام للانتفاضات وتركوا خلفهم أحزابهم . علينا ألا ننسى ما قال غاندي لقاتله : ( أنه خطأي أنا ,لأنني لم أعلمك الحب )
وأضيف أنك أنا و غير ذلك هل يبقى للمرء وجود؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عنوان مقال
الحارث العبودي ( 2011 / 8 / 27 - 13:04 )
سيدي الكاتب عنوان مقالك يجب أن يكون أحد الاثنين أدناه:
1-غاندي وأنتفاضات الشعوب العربية.
2-غاندي والأنتفاضات العربية.
أرجو أستشارة غيري في الامر للتأكد من صحة كلامي وشكرآ.


2 - تصحيح العنوان
سيف الدين علي ( 2011 / 10 / 23 - 16:24 )
.شكراً
ما تقوله صحيح سيدي الكريم.

غاندي وأنتفاضات الشعوب العربية,أنه خطأ وارد ,قبل الطباعة علينا مراجعة النص .

اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة