الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض السمات المشتركة لثورات الربيع العربي

احمد عبد مراد

2011 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


من المسلم به ان كل المتغيرات التي تحدث سواء في الطبيعة او في المجتمع لا يمكن ان تحدث في فراغ او دون مقدمات وتراكمات اي ان كل ما يحدث لا بد ان تكون له مسببات، وبمعنى اخر تراكمات كمية تؤدي بالضرورة الى تغيرات كيفية ،ولا
شك ان ما حصل ويحصل في الوطن العربي هو ناتج عن جملة من تلك المسببات والتراكمات على مدى سنين طويلة عاشتها الشعوب العربية بكل مرارتها وظلماتها وجورها وشضف عيشها والسحق فوق كرامتها وتجويعها وخداعها ونهبها وحرمانها وتجريدها من ابسط حقوقها في الحرية وقول كلمة حق لابد منها وتكميم افواهها ،نعم لقد صبرت وتحملت الشعوب العربية كل ذلك ،لا بل امر واقسى مما قد تتحمله شعوب اخرى مرت باقل من تلك الظروف وقد ثارت على حكامها ولقنتهم دروسا لا تنسى على مر التاريخ.
لقد عانت الشعوب العربية من ظروف غاية في التعقيد وكانت تجمعها سمات عديدة متشابهة ان لم نقل ان بعضها يكاد ان يكون متطابق في مسارات كثيرة سواء في الحرمان من حرية الكلام والتعبير وخنق الحريات وطبيعة انظمة الحكم السياسية والاجتماعية والاقتصادية واذا اردنا فيمكن الاشارة الى ابرزها ادناه
1 – ان جميع الحكومات والانظمة العربية جائت عن طريق الانقلابات العسكرية وبعضها قد حيك في دهاليز المخابرات الاجنبية.
2 – ان القسم الاكبر من تلك الانظمة التي اجرت انتخابات عامة فاز بها الحاكم او الحزب الحاكم بنسبة 99.9 بالمائة من مجموع الاصوات .س
3 – كل تلك الانظمة اومعظمها افضت الى سيطرة الفرد والعائلة او العشيرة على مقاليد الامور في الدولة والمجتمع والهيمنة على الثروات والممتلكات سواء في مجالات الصناعة او الزراعة والاراضي المملوكة والعمولات الضخمة وبيع قطاعات بكاملها لقاء رشى وهبات وعمولات ضخمة.
4 – وصلت نسبة الفساد الاقتصادي والمالي والاداري وكذلك السياسي الى مستويات عالية فاقت كل التصورات والحدود بحيث ان بعض دول العالم لاتثق بالتعامل مع الانظمة العربية الحاكمة.
5 – لقد دأبت الانظمة العربية الى خصخصة الدولة وبيع القطاع العام بأبخس الاثمان وافقار الجماهير العريضة وحرمانها من ابسط حقوقها من خلال سيطرة حفنة من الرأسماليين والاقطاعيين الذين لا يهمهم الا الربح حتى وان ادى ذلك الى هلاك المنتجين الحقيين للخيرات المادية.
6 – ومن ابرز سمات انظمة الحكم في العالم العربي العنف المفرط والقمع الدموي وازدراء النفس البشرية والاستعداد لقهرها وافنائها وسحقها بأقسى الاساليب والطرق.
7 – كل الحكومات العربية تتبجح بوضع القضية الفلسطينية في مقدمة اولوياتها واعتبارها القضية المركزية والحقيقة انهم الحكام المتعاقبون على الحكم هم من تامروا على تلك القضية وفرطوا بها.
8 – غالبية الحكام والانظمة العربية شجعت ودعمت الارهاب بهذا الشكل اوذاك وذلك من خلال التظاهر بالتدين ودعم الدعوة الاسلامية قي اصقاع العالم واعتبار بقية البشر غير المسلمين مشركين وكفار وعليهم واجب اعادتهم الى الاسلام او دفعهم الجزية ويأتي ذلك من خلال فتح الابواب واسعة امام الحركات السلفية والتكفيرية ومنحها الحرية المطلقة في بث سمومها وعدائها لبقيىة البشر من غير المسلمين وحتى المذاهب التي تختلف معها واحلال ماحرم الله من قتل النفس البشرية والامثلة كثيرة على ذلك فتلك تجربة طالبان افعانستان وكيف تجمعت الانظمة العربية الرجعية ورائها ومدتهم بكل مايطلبون وخلق القاعدة وبن لادن والامثله كثيرة جدا على ذلك فمن تسخير الاموال الطائلة الى تسخير الاعلام المرئى والمسموع والمقروء
في خدمة الحركات الارهابية وايوائها في بلدانهم معززين مكرمين بينما تذوق الجماهير المحرومة الويل والثبور ان حاولت
رفع صوتها مطالبة برفع الظلم عنها واعطائها حقوقها المهدورة من قبل الحيتان الجشعة والتي لا تشبع حتى ولو جمعت حولها
كل املاك واموال الكون لان ديدنها قهر النفس البشرية.
وفي الوقت الذي كانت فيه حكومات الانظمة العربية توغل في قهر واستنزاف شعوبها على مدى سنين طويلة غير عابهة او مدركة لما قد تؤول اليها الامور وما قد ينتج عن تلك السياسات الدموية بحق الجماهير التي وصلت الى الحد الذي لا تجد ما يسد
رمقها وباتت لا تملك ما قد تخسره وانها مهددة بحياتها وفي ما ان تكون او ان لا تكون فالامر سيان لديها راحت تلك الجماهير
تتململ وتبحث لها عن مخرج من ضنك العيش وصعوبة الحياة ومتطلباتها وكيفية الاستمرار فيها ،وفي الوقت الذي خاب امل الجماهير في امكانية قيادة وتصدي الاحزاب التقليدية سواء منها القومية العروبية اوالثورية الماركسية لمهام الثورة واستقطاب الجماهير ورص صفوفها وتوحيدها واستيعابها ضمن تنظيماتها وقيادتها نحو تحقيق اهدافها وامالها وامانيها في حياة حرة كريمة وبدلا من تصدي تلك الاحزاب التي تدعي لنفسها الدور الطليعي والقيادي في المجتمعات العربية وقيادتها نحو التحرر والانعتاق كان يحصل العكس تماما فقد كانت تلك الاحزاب والحركات تعيش حالة من الانكماش والعزلة والتراجع واصبح بينها وبين اهداف ومطالب الجماهير بون شاسع ولم تفلح في فهم مزاج الجماهير ومطالبها ففي الوقت الذي كانت الجماهير تطرح مطالبها وهواجسها الانية كانت الاحزاب والحركات العربية (الثورية) غارقة في تنظيراتها وقراءاتها وتحليلاتها الخاطئة، الواهمة والبعيدة كل البعد عن فهم الشارع وجماهيره الواسعة التي طالما كانت تبحث عن قائد ومنقذ يتصدى لهمومها ليبلورها ويصقلها ويؤطرها وينضجها في برامج طموحة واعدة صاعدة متوهجة في صورة الثورة الجماهيرية الظافرة.
لقد بدأت الجماهير تحركاتها في بعض البلدان العربية مطالبة بحقوق مشروعة وعادلة ولكن تلك التحركات ظلت حبيسة ومحدودة ومحاصرة ولم تدعم اوتوجه الوجهة التي تؤججها وتزيدها توهجا واشتعالا واتساعا وتمردا بحيث تشمل اوساط واسعة
من جماهير الشعب بمختلف مكوناته المقهورة ولكن وبرغم كل ما مرت به تلك التحركات والتظاهرات الجماهيرية من خنق وكتم للافواه لكنها ظلت حاضرة في ضمائر الشعوب التواقة للحرية والانعتاق وكانت تنتظر الشرارة التي تقدح فتشعلها حريقا
وقوده تلك الجماهير الغفيرة التي اطاحت بجبابرة وعروش الطغات ولم تكن حادثة انتحار البوعزيزي الشهيد التونسي الا شرارة اشعلت الحريق والهبت الجماهير العزم والاقدام والحمية وسط ظروف ذاتية وموضوعية مهيئة وناضجة تماما والّا كيف نفسر عدم نجاح العشرات من الهبات التي ما ان انطلقت حتى عادت وانكفئت .
ان الموجات الاحتجاجية التي انطلقت من تونس واجتاحت مصر واليمن وليبيا والان سوريا وربما تتعدى الى دول اخرى تتسم بصفات وسمات مشتركة ومن اهمها-
1 – ان هذه الثورات تمتاز بشعبية واسعة جدا واشتركت فيها طبقات وفئات مجتمعية من عمال وطلاب وفلاحين ومثقفين برجوازية متوسطة وصغيرة وحركات جماهيرية ومنظمات مجتمع مدني ولايمكن نسسيان الفنانين من ممثلين ومطربين وادباء ..الخ، بينما حضور الفنانين كان نادرا في مثل تلك الثورات والهبات الجماهيرية التي حصلت من قبل.
2 – كانت ثورات سلمية بدأتها مجاميع من الشباب وسرعان ما تحولت الى مسيرات جماهيرية واسعة، واذا ما تحولت الى مصادمات عسكرية وسادها طابع العنف والاقتتال كما حصل في الثورة الليبية فذلك بسبب رعونة القذافي وبطانته التي استخدمت السلاح والجيش والمرتزقة وبالنتيجة سقط هو وجبروته وآمل ان يعثر عليه بحفرة كما سبقه اليها الجرذ صدام حسين.
3 - كانت مساهمة المرأة متميزة وواسعة ومؤثرة ومن فئات وطبقات مختلفة كذلك.
4– لم تختصر الاحتجاجات والمظاهرات على مناضلين متحزبين اوشباب متحمسين بل شملت عوائل بكاملها من رجال ونساء واطفال وقد تميزت تلك الاحتجاجات بسقوط العديد من الاطفال الشهداء.
5 – ان ما ميز هذه الثورات هو ان مطاليبا كانت جذرية لا تقبل الحلول الوسط الا وهو اسقاط النظام حتى وان بدأت في طرح مطالب شعبية وخدمية ولكن سرعان ما تحولت الى المطلب الجذري وهو اسقاط الحكومات.
6 – ان الشئ الجديد المميز في هذه الثورات ان الجماهير امتازت بوعي متقدم عند الجماهير التي واصلت التظاهر بعد اسقاط الحكومات مطالبة بأكمال المسيرة وذلك بعدم تمكين رموز النظام القديم الالتفاف على اهداف الجماهير ومطاليبها وبقاء رموز الحكم في مواقعها ولازالت جماهير شعب تونس ومصر كذلك تتظاهر وتواصل النضال من اجل اسقاط كل الرموز القديمة وما تقديم الرئيس حسني مبارك وحاشيته الا دليل على ذلك.
7 – تخلف الاحزاب والحركات السياسية التقليدية ونزولها الى الشارع بقيادة الجماهير العفوية ونزولا عند اصرارها وتحت قيادتها .
ومع كل ما حصل من نجاحات باهرة وانتصارات رائعة حققتها الشعوب الثائرة ،هل يمكن ان تصنف تلك الاحتجاجات والانتفاضات والهبات الجماهيرية بالثورة؟ فبالرغم من كوننا عندما نتحدث ونكتب ننعتها بالثورة، وثورات الربيع العربي،الاّ اننا لا نعتقد انها دخلت في ذلك المصاف ،لانها اي تلك الاحتجاجات الاجتماعية وما حققته من تغيرات سياسية تمثلت باسقاط انظمة الاستبداد، الاّ انها عجزت من الاطاحة بالنظم الاقتصادية – الاجتماعية والاتيان بنظام سياسي جديد بامكانه السير في طريق التحولات المطلوبة حتى انجازها بالكامل وتحقيق اهداف الجماهير الثائرة في بسط العدالة الاجتماعية في المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس القبرصي يرد على تحذيرات حسن نصرالله • فرانس 24


.. إسرائيل تعتقل من جديد رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني السابق




.. قتيل باستهداف مسيّرة إسرائيلية سيارة في جنوب لبنان


.. المواطنة الفلسطينية أمل خسرت من أهلها 7 أفراد ونزحت 4 مرات ف




.. عائلات فلسطينية تعود لمنازلها المدمرة في خان يونس وتبدأ ترمي