الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمات الإقتصادية مزمنة وليست طارئة

عبد علي عوض

2011 / 8 / 27
الادارة و الاقتصاد


أقدمَت الولايات المتحدة على إتخاذ إجراءات من شأنها إنعاش الإقتصاد الأمريكي أولاً وبالتالي الإقتصاد العالمي ، لكن حقيقة الأمر ما هي إلاّ ترقيعات سطحية ، لاتمس جوهرأسباب الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها الإقتصاد الأمريكي والإقتصاد العالمي عموماً .
تتكوَّن الدورة الإقتصادية عموماً من ثلاث مراحل هي : - النمو – التدهور والإنهيار – النهوض ، ويحمل تطوّر العمليات الإقتصادية طابعاً دورياً ( سلسلة ) : النمو الذي يتبعه ، بصورة مؤكدة ، التدهور ويليه النهوض ونمو جديد . لايمكن إدراك ، بصورة صحيحة ، معنى التغيّرات التي تطرأ على مؤشرات النمو الإقتصادي – الدلائل أو الكواشف الإقتصادية ، وتقديرتلك التغيّرات على أسواق العملات النقدية ، بدون فهم ومعرفة وحساب السلوك الدوري للإقتصاد . كذلك يَمتلك الدليل أو الكاشف المحدَّد معنى إقتصادي مختلف كلياً وآثارمالية ، إعتماداً على أية مرحلة من مراحل الدورة الإقتصادية التي يجري فيها رصد ذلك التغيّر . إنّ حدوث التغيّرات في مؤشرات كل مرحلة ، هو بمثابة إنذارلظهور المرحلة التي تليها . الإختلاف بين المراحل الثلاث يكمن في طول أو قصر مدياتها الزمنية بفعل تأثير الإنسان عليها نسبياً ، لذا لايمكن إلغاء أية واحدة منها ، وعلى هذا الأساس فالأزمة الإقتصادية - المالية ليست طارئة( كما يعتقد بعض القاصرين بالعلوم الإقتصادية ) ولايمكن القضاء عليها ، لأنها مغالطة من وجهة نظرقوانين الظواهرالإقتصادية التي تفعل فعلها ، و لكونها تمثل مكوِّن أساسي – مرحلة التدهور- من الحلقات الثلاث للدورة الإقتصادية الشاملة .
لقد فرضت طبيعة ملكية وسائل الإنتاج ( المملوكة من قِبل حفنة من أباطرة المال والصناعة ) وعلاقة قوى الإنتاج ( ملايين الكادحين الفقراء ) بها ، قسمةعمل دولية غير عادلة ، تتلخص في إنشطاردول العالم الى : دول متطورة مستغِلّة غنية منتجة وأخرى متخلفة مستغَلة فقيرة مستهلكة . إن ذلك التقسيم ، ساعَدَ بدوره على تسيُّد العملة الواحدة ( الدولار) على النشاط الإقتصادي العالمي ، بحيث أصبح معياراً للنفط والمعادن الثمينة في البورصات العالمية ، وكما هو معلوم فإنّ النقد يمثل دماء الإقتصاد وقيمة أية عملة صعبة يحدّدها واقع إقتصاد ذلك البلد .
إنّ الحل الوحيد لحصرالأزمات الإقتصادية في داخل الحدود الجغرافية لبلدانها وعدم تصديرها الى البلدان الأخرى يتلخص في الإتفاق على إصدارعملة نقدية دولية مكافئة لجميع العملات الوطنية من خلال قيمتها المغطاة بالذهب ، بإشراف الأمم المتحدة ( بنك أممي ) وليست تابعة الى اية دولة . ينحصر نشاط تلك العملة في التعاملات الخارجية فقط وتبقى العملات الوطنية سائدة داخل حدود كل بلد . ففي حالة حدوث أزمة إقتصادية في أي بلد ، فإنها ستؤثرعلى العملة النقدية الداخلية فقط ولا ينجَر تأثيرها على العملة الدولية المكافئة ، وبالتالي تسلم إقتصديات البلدان الأخرى منها وفي مقدمتها البلدان النامية والفقيرة . إنّ هذا الرأي كالحلم ، نعم من الصعب تحقيقه ، إذ ستقف بوجه إنجازه الولايات المتحدة قبل غيرها ، لأنه سيلغي هيمنتها على الإقتصاد العالمي .
لقد أعطى الدكتوركاظم حبيب توصيفاً شاملاً و وافياً للأزمات الإقتصادية وأسبابها في مقالته ( الأزمات الإقتصادية العالمية تزداد عمقاً وشمولاً يوماً بعد يوم ) ، وأجتزيء بضعة كلمات من مقالته ، تقول { .. وسياسات إقتصادية تعبِّرعن جهل بعلم الإقتصاد والقوانين الإقتصادية وسياسات إجتماعية أكثرجهلاً بحاجات الناس ، مما سيؤدي كل ذلك الى تفاقم في الصراع الإجتماعي وتحوله تدريجياً وموضوعياً الى نزاعات سياسية تأخذ طريقها ، شاء الحكام أم أبو ، الى عواقب وخيمة على الدولة والمجتمع . } .تأكيداً على ما جاء في المقالة ، هو أنّ مأساة واقع الإقتصاد العراقي تكمن في : أولاً- أنّ القوى السياسية المتشاطرة في إقتسام غنائم السلطة وثروات العراق ، أرادت إشاعة الفوضى الإقتصادية ( لبررة الإقتصاد ) ، التي أتاحت لها ممارسة الفساد بكل صوره ونهب خيرات البلد المادية ، وعدم السماح لتدخل الدولة لغرض ضبط آليات فعل القوانين الإقتصادية بما يخدم السواد الأعظم من الفقراء وكبح جماح ظهورحفنة المافيا الطفيلية ، لكن الذي حصل هو العكس . ثانياً – المسؤولون عن الملف الإقتصادي ، ينقسمون الى قسمَين ، قسم لاعلاقة له بالعلوم الإقتصادية ، وجوده جاء بفعل المحاصصة الطائفية والعرقية ، والقسم الآخرهُم إقتصاديون ، لكن غالبيتهم أنهوا دراستهم في البلدان الرأسمالية المتقدمة !! وأعني في كلامي هذا ( ليس إنتقاصاً منهم ) بَلْ أنه ليس من المعقول أنْ تسمح حكومات تلك البلدان وفي مقدمتها الولايات المتحدة ، للكليات ومعاهد البحوث الإقتصادية بدراسة – تعرية – الوجه البشع لحقيقة الإحتكارات الصناعية- المالية من خلال إستيعاب موضوعية القوانين والظواهرالإقتصادية التي تعطي تحليلاً صائباً للواقع الإقتصادي – السياسي، إنما تجيزدراسة القوانين (الفوضى الإقتصادية ) التي تضعها لنفسها حفاظاً على مصالحها التي هي مصالح الإحتكارات ذاتها ، لذا فإنّ هذا التدخل السلبي في العلوم الإقتصادية ، إنعكسَ بدوره سلباً على الدارسين والباحثين في الإقتصاد ، الذين جاؤوا بوصفتهم الطبية التي تشبعوا بها لمعالجة الإقتصاد العراقي، من دون إستيعاب حقيقة الهيكيلية الإقتصادية – الإجتماعية المشوَّهة القائمة حالياً ، وأية طبقات سُحِقت وإضمحلّت ، وأخرى طفيلية ظهرت على حسابها ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن .. سعر الذهب اليوم الأحد 2 يونيو


.. كلمة أخيرة - وزير التموين: سنكون سعداء لو طبقنا الدعم النقدي




.. كلمة أخيرة - وزير التموين: صندوق النقد لم يطلب خفض الدعم.. و


.. منصة لتجارة الذهب إلكترونياً بالحلال




.. البنك المركزي اليمني يوقف التعامل مع 6 بنوك لم تلتزم بقرار ن