الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفعت الأقلام وجفت الصحف

منى زكي

2004 / 11 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


صار حال بعض الكتاب العراقيين، كلما تعلق الأمر بقناة "الجزيرة"، عجيباً حقيقة.
إنهم يكيلون الشتائم لهذه القناة، لأنها حسب زعمهم تضع العصي في عجلة تقدّم العراق على دروب الحرية والديمقراطية. ولكني متأكدة أن أغلبيتهم الساحقة تتابع نشرات أخبار هذه القناة بالذات لأنها الأكثر مصداقية، والأكثر إحراجاً لسلطات الاحتلال وعملائه، ولأنها تزوّدنا بالصورة التي لا غنى عنها من أجل تكوين قناعاتنا وتحصين مواقفنا.
ألا يكفي "الجزيرة" فخراً أنها نافست القناة العملاقة الـ "سي إن إن"، للمرّة الأولى منذ هيمنة هذه القناة عابرة القارّات على كلّ القارّات؟ ألا يكفي "الجزيرة" مصداقية أنها ما تزال ممنوعة من العمل في العراق، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ليس بسبب أنها تضع العصيّ في عجلة تقدّم العراق كما يزعم إياد علاوي، بل بسبب أنها الجهة الفضّاحة لممارسات الاحتلال مثل ممارسات الإرهابيين، والكاشفة للجرائم بحقّ أبرياء الفلوجة من المدنيين العراقيين، والتي ترتكبها جحافل جورج بوش الإرهابي مثل مفارز إعدام الإرهابي الثاني أبو مصعب الزرقاوي.
ولا توجد إلا عند المغفلين أوهام كبيرة حول تمويل "الجزيرة" وأخطائها ومثالبها، ولكن من كان من الفضائيات العربية الأخرى بلا اضعاف تلك السلبيات، فليقذف "الجزيرة" بكلّ أحجار العراق! ولكن أي غباء في تجريم القناة لأنها (حتى وهي ممنوعة من العمل في العراق!) تقوم بواجبها المهني في إيصال الحقيقة؟ إليكم مثال مقالة الكاتبة العراقية بلقيس حميد حسن في العدد 1028 من موقعنا الحبيب "الحوار المتمدن".
إنها، مثلنا جميعاً، حزينة لمقتل ناشطة الإغاثة الإنسانية مارجريت حسن على يد الإرهابيين. ولكن ما دخل قناة "الجزيرة" بهذه الجريمة؟ تكتب بلقيس: "فيا لبشرى قناة الجزيرة التي نشرت خبر تلك الغزوة الجهادية بذبح مديرة عمليات منظمة كير الدولية للإغاثة في العراق في شريط مصور قالت إنها تحتفظ به!"...
هل كانت "الجزيرة" هي التي حرّضت الإرهابيين على سفك دماء مارجريت؟ وهل القناة مدانة إذا قامت بواجبها فنشرت ما يصلها من اشرطة مسجلة (هي بمثابات "سكوبات" إعلامية يسيل لها لعاب أضخم الفضائيات العالمية)، ومدانة ايضاً إذا امتنعت عن بثّ بعض الأشرطة الأخرى لأنها صادمة وقاسية؟
والعجب العجب، كما تقول بلقيس، أنها لا تكتفي بنقد القناة ذاتها وإنما تصبّ حمم الغضب على واحد من ألمع الصحفيين العرب المخضرمين (وهو محمد حسنين هيكل) لأنه ظهر على شاشة "الجزيرة" وقال كلاماً لا يعجب كاتبتنا! وهي تقول، بجسارة مدهشة والله: "العجب العجب من محمد حسنين هيكل، وقد يذهب كل عجبنا لو تذكرنا أن قوائم كوبونات النفط لازالت تحوي أسماء سرية غير معروفة ومكشوفة للشعب العراقي"! هل تقصد أن هيكل قبض كوبونات، وأنّ ظهوره على "الجزيرة" سداد متأخر لتلك الكوبونات، حتى بعد أن صار الدكتاتور الذي منح الكوبونات... خلف القضبان؟
ولكن عجب قارئة وقارىء بلقيس حميد حسن لا يطول، لأنها بدأت بتشبيه مارجريت حسن بأول شهيدة في الإسلام سمية بنت خياط العزلاء، أم عمار بن ياسر، وانتهت بتوجيه الاتهام إلى عبد الله ملك الأردن لأنه أطلق الرهينتين الإيطاليتين قبل يوم من زيارته روما!
حقاً رُفعت الأقلام وجفّت الصحف!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم


.. وزير الدفاع الأمريكي: يمكن شن عمليات عسكرية بفاعلية بالتزامن




.. نقل جثامين الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه من تبريز لطهران ا


.. استشهاد 4 وإصابة أكثر من 20 في قصف إسرائيلي لمنزل عائلة الشو




.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك