الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرن من التاريخ المترع بالتضحيات

موسى غافل الشطري

2011 / 8 / 28
الادب والفن


بكل أسف تنطلق بعض الألسن الوقحة هنا و هناك ، لتنال من أعظم مسيرة نضالية عرفها التاريخ العراقي الحديث . و من المهم أن نذكِّر المشككين و المتنكرين للحقيقة الدامغة التي تثبت على أن ما عزز ازدهار العلم و الفن و الأدب و علماء الاقتصاد و الاجتماع و غيرهم ، ما كان لغالبيتهم الساحقة ، إلاً نتاجاً لمدرسة الفكر التقدمي الذي قاده متوقدي النشاط المتربين على نهج الفكر اليساري من شيوعيين و مؤيديهم .
وهذه الحقيقة ليست من صنع أو فبركة أحد مدعٍ . بل هي الحقيقة بعينها . رغم أنف الحاقدين .
و لقد تربى ممن هم من أولاد الشيوعيين و اليساريين وما تأثروا بالسياسة إلاّ من خلالهم . وانخرطوا بتيارات أُخرى منها التيارات الدينية . بل و نشأ الشيوعيون في بيوت مؤمنة . تقية ورعة . ومن هذه العوائل خرج الشيوعيون على أعلى مستوى من الوعي و الإلتزام الأخلاقي . و قد ابتعد الشيوعيون عن اولئك المسفين اخلاقياً و اجتماعياً . و حوسب أي شيوعي من قبل تنظيمه إذا أخل بسمعته و التزامه في السلوكية العالية ، لكي لا تنعكس على أنعكاساً سيئاً ضد مسار التنظيم .
في هذه الأيام تحاول بعض النغمات المشبوهة ـ و التي سوف لن تجد لها أرضاً صالحة ـ أو تجد من يتقبلها .
إن مثل هكذا زمن ولّى إلى غير رجعة ولم يعد بصالح مريديه . و إن التجارب تثبت على أن الشيوعية و اليسار هم الأكثر حرصاً و نزاهة . و خلقاً و اماناً .
ذلك ما تعوَّد عليه الشيوعيون و تمرسوا فيه . وهم على بينة بواقع المواقف لمطلقي الشتائم و التشكيك في وطنية الشيوعيين .و لكن البينات تعطي أجوبتها لكي يخرس هؤلاء ، و لكي تتوضح الأمور للذين يفتقرون للمعلومات الواضحة التي عتّم عليها العهد الصدامي بقوة المخبرين و القتل و العقاب لرابع جار . و الآن يجرب حظهم أولئك الخائبون . و سيخيب جهدهم ، و سينكصون إلى الخلف كما نكص الصداميون .
(قل لي ما هو موقفك من الشيوعية أقل لك من أنت ) و هذا ما ينبغي أن تدركه هذه العناصر الضاله التي فاتها الزمن و خابت أمانيهم .
فالشيوعيون لم يكونوا دعاة تخريب و ترهيب . بل هم أهل وطنيه و أهل مبدأ ، ولهم من علماء الدين من يحترمهم . و أن أهم ما يشرفهم : أنهم باستمرار لا يملكون شروى نقير إلاّ حسناتهم و رجاحة عقلهم و نواياهم الحسنة .
لكل ما تقدم : لم يكن الحزب الشيوعي عابر سبيل . بل هو من أرسى قيماً نبيلة في تاريخ النضال السياسي و الوطني و الجماهيري . و هو أول من تبنى النضال من أجل الأهداف الوطنية بوجهها الإنساني الناصع . و قاد الهبّات الثورية في تظاهراته ضد الصهيونية و قدم التضحيات في تظاهرات عام 1974 و قاد وثبة كانون 1948وما قَبْلَ وبعد هذا التاريخ تبنى القضية الفلسطين و قدم الدماء من أجلها ثم اسقط حكومة صالح جبر . وفي عام 1952 قاد انتفاضة تشرين و أسقط الحكومة. وقاد انتفاضة عام 1956و قدم الشهداء منهم من اتشهدواواعدموا كما حدث في قضاء الحي / واسط . كماهبّ الشعب بقيادة الشيوعيين لنصرة الشعب المصري أبان العدوان الثلاثي. و ساهم مساهمة طليعية في انتصار ثورة 1958 تموز. و في عام 1963 قاوم الانقلاب الفاشي بقيادة حزب البعث ، بعد ساسلة طويلة من الملاحقات قبل الإنقلاب الذي دعا الجواهري أن يناشد عبد الكريم قاسم قائلاً:
تالله لاقتيد زيد باسم زائدة و لابتلى عامر و المبتغى عمر
كما قاد الحزب الشيوعي انتفاضة حسن سريع التي لم تخدمها الظروف وتم إعدامه و رفاقه . و في الستينات اللاحقة خاض الحزب الشيوعي معرك ضارية مع السلطة العارفية بالأخص في الريف و كذلك ما بعد مجيء انقلاب 1968 و قد تعرضوا للتصفية في زمن ناظم كزار بتوجيه من قيادة حزب البعث . وفي الثمانينات قاد الأنصار الشيوعيون و حلفاؤهم المقاومة في شمال العراق . و رفع السلاح إلى جانب الحركة الكردية وقدم مئات الشهداء . وفي عام اسقاط النظام قاد الحزب الشيوعي عملية طرد القوات التابعة لنظام البعث من كردستان . وقدَّم في وقوفه ضد الدكتاتورية و الانقلابات الفاشية آلاف الشهداء من خيرة رفاقه و محبيه . و لم يكن آنذاك من القوى القومية أو غيرها ،من هي قادرة على خوض هذا النوع من النضال المقدام .
فليعطني الأدعياء ممن يسئ للحزب الشيوعي تاريخاً حافلاً كهذا ، أو دليلاً منطقياً ضد محسوبيه ، من ليس في جعبتهم الخاوية غير الشعارات البائخة التي دسها البعثيون أبان نظام عبد الكريم قاسم . و البعثيون و مخابراتهم معروفون بتلفيق الشعارات و طرحها أمام أناس يتعاملون معها بحسن نية .
إن الحزب الشيوعي العراقي أرسى أخلاقية رفيعة في سوح النضال الذي انغمر فيه بكل إيمان ، ومن خلال ذلك تعمق حماسنا و انحيازنا لنصرة الشعب ، و خوض النضال من أجل المطالب الوطنية و الجماهيرية .و كان لاستهداف تنظيمات الحزب الشيوعي غاية مبيتة و مرسومة بقصد حرمان الشارع العراقي من أقدر تنظيم جماهيري متفان من أجل مصالح الشعب و رائد لا يشق له غبار في تقويم الانحرافات ضد تطلعات الشعب . و قادر على إرساء سفينة النجاة إلى الشواطئ الآمنة .
و كان هو صمام الأمان الذي طالما يلبي ساعات الشدة ليقف إلى جانب القضية مهما قست الظروف، وفي وقت الانحرافات الفاشية واللاوطنية .
والحزب الشيوعي ناضل بلا هوادة من أجل تقويم المسار ، حتى لو تطلب الأمر تقديم التضحيات الجسيمة .
فالساحة التي تخلو من دور الحزب الشيوعي بكفاءته العالية ، تفتقد إلى دليل الدرب المجرب في مسيرة المتاهات وتتعرض قضايا الشعب المصيرية إلى خسائر لا تعوض في مسيرة تجري ضمن النهج الصحيح . و غيابه المؤثر على الساحة ،حتماً يؤدي إلى متاهات تتسبب في كوارث سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و جغرافية و ثروات نفطية و مائية وضياع رؤيوي في مسيرة تتعرض إلى هجمات الفئات الضارية الشرسة و غيرها .
و كان الفرد الشيوعي هو المثال الرائع لوضوح الرؤية و الدليل المجرب و الزاخر بالحماس الوطني و السلوكية و الاجتماعية الرفيعة و للشجاعة الفائقة و للأمانة و الحرص على مصالح و ثروات الوطن و الصدق و التواضع و الغيرة . و كان هو السباق في التزامه قضية التحرر الوطني ، و في طليعة القوي الوطنية المخلصة .
و الشيوعي صاحب التزام ، حتى في سلوكه اليومي . فهو حريص على دقة المواعيد. هو حريص على دقة الانغمار في خدمة الشعب . هو
حريص على إبداء التواضع. هو حريص على تبني المساعدة .
فهو عنصر إيجابي في المجتمع .، لا يتوانى عن التضحية في حياته من أجل المهمات الصعبة .
و في كل الأحوال ، كان الشيوعي و لم يزل مثار إعجاب و احترام، و معوّل عليه و مطلوب للملمات ، ووجهاً ناصعاً من وجوه المجتمع .
و حتى اليوم و ما بعد اليوم ، سيبقى الشيوعي ملح الأرض . و سيتألق معدنه. و سيعرف الشعب أن ليس هناك من هو أكثر نزاهة و حرصاً و صدقاً ووطنية و إنسانية و سخاءاً من الشيوعي.
و هكذا يشاهد المجتمع العراقي هذه النخبة الطليعية، فالشيوعي هو صاحب الرأي الصائب. و الشخص المجرب. و هو الحكيم الذي مّرت على حياته مصاعب و ملمات الحياة و عذاباتها و الليالي المظلمة القاسية ، و من عجن دقيقها و عالج أشدها و مارس التعامل الواعي مع انعكاساتها . و مع كل هذا بقي هو الابن البار لهذا الوطن و دليل المسار عند الإنعطافات الحادة .
إن خلو ساحة النضال العراقية من قائد مجرب عبر عدة عقود كالحزب الشيوعي حتماً يؤدي إلى سوء إدارة دفة سفينة النجاة و إفشال هيمنة القوى التي تفتقر للخبرة ، ضعيفة التجربة تتسم بهشاشة الحرص ، و التخبط بإصدار إجراءات عشوائية غبية خبيثة النزعة ، ارتجالية متسرعة ، مخترقة تقوم بتنفيذ خدمات خجولة ، و عبرها تختفي مليارات الدولارات و ترليونات الدنانير و تختفي و تمضي السنين دون أن تحمل ما يمكث في الأرض . و لهذا ينبغي أن لا تخلو ساحة الوطن عن حضور الحزب الشيوعي لأداء مهماته من أجل الشعب و الوطن و التي هو كفء لها .
نحن نشكر الحزب الشيوعي لأنه أزال الغشاوة عن عيوننا لأنه أضاء لنا الطريق . و ثقفنا . و أطلق لساننا. و جعلنا حريصين .. و علّمنا كيف نحرص على دقة الرأي الذي نتخذ فيه القرار الشافي . و لا ننجر لترهات ضيقي الأفق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء