الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الطاغية

حسين عوض

2011 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بدأت الانتفاضة الشعبية في ليبيا في السابع عشر من فبراير في مدينة بنغازي, متأثرة بالثورة الشعبية في تونس, وثورة 25 يناير في مصر, حتى شملت العديد من المدن الليبية, وبدأت الانتفاضة الليبية سلمية مطالبة بالحريات الديمقراطية, والإصلاحات الاقتصادية والسياسية ومحاربة الفساد, وتم مواجهة المظاهرات من قبل نظام القذافي بالسلاح للقضاء على الثورة في مهدها, وهذا ما دفع فيما بعد الثوار لاستخدام السلاح, بالإضافة إلى الانشقاقات العديدة في صفوف العسكريين.
حكم القذافي ليبيا على امتداد اثنين وأربعين عاما, لم يتم خلال هذه الفترة تجاوز التخلف الاقتصادي والسياسي والثقافي بل ازدادت الأوضاع سوءا, ويبلع متوسط دخل الفرد السنوي في ليبيا 16ألف دولار, بينما تحتل قطر المرتبة الأولى دوليا بمستوى متوسط دخل الفرد 90 ألف دولارسنويا, وبدلا من الإصلاح أودعت عائلة القذافي مليارات الدولارات في حسابات سرية, وحسب موقع ويكيليكس (أقام القذافي إمبراطورية مالية خلقت خلافات بين أبنائه).
تتميز المواقف السياسية العربية والإقليمية والدولية من الوضع الليبي من خلال مصالح هذه الدول, ويتميز الموقف الأمريكي من الوضع في ليبيا بالحساسية والتخوف من أن تغرق في مستنقع جديد يشوه صورتها أكثر في الداخل والخارج, وما زال الوضع في العراق وأفغانستان شاهد على ذلك, وتسعى أمريكا في هذه المرحلة لاستعادة دورها وقوتها في العالم العربي, وفي بداية التدخل الأمريكي في ليبيا صرح وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس قائلا:- إن الولايات المتحدة لا تنوي إدخال جنودها على الأرض الليبية, وتعاملت الإدارة الأمريكية بشكل يختلف كليا عن تعاملها في العراق.
أما الموقف الفرنسي فيتمثل في تحقيق مصالحه الاقتصادية والأمنية, ليتمكن من إيجاد دور يتم من خلاله تأمين هذه المصالح, ولقد تواطئ نظام ساركوزي مع نظام بن علي في تونس, ونظام مبارك في مصر, وعاد للوقوف إلى جانب الثورة الليبية, وتأييد المجلس الانتقالي والاعتراف به, ووقوفه ضد القذافي لأسباب تتعلق بالإرهاب والحرب ضد تشاد, ومعارضة القذافي لمشروع الاتحاد من أجل المتوسط.
أما الموقف الروسي كانت مصالحه في ليبيا من خلال بيع الأسلحة والمشاريع والاستثمارات في قطاع الوقود, ويميل بمواقفه السياسية إلى جانب النظام الليبي, وظهرت هذه المواقف في اجتماعات مجلس الأمن, وقد تغيرت مواقفه بعد الانتصارات التي حققها الثوار, وبعد اعتراف دول العالم في المجلس الانتقالي.
أما مواقف الصين من الوضع في ليبيا كانت تقترب من الموقف الروسي منطلقة من مصالحها, وهناك 50 مشروع للصين في ليبيا بنحو 18,8 مليار دولار أمريكي, وبسبب الحرب توقفت هذه المشاريع, وهناك ما يزيد من 35 ألف صيني يعملون في قطاعات هامة أبرزها النفط.
أما موقف الدول العربية من الوضع الليبي تبين من خلال اجتماع وزراء خارجية العرب المنعقد في القاهرة يوم 12 مارس, وطلب مجلس الجامعة من مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته إزاء تدهور الأوضاع في ليبيا, بفرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي لحماية المدنيين من قصف نظام القذافي.
جاء تدخل الحلف الأطلسي في ليبيا بناء على قرار مجلس الأمن 1973, وبدأ بتطبيق حظر الأسلحة إلى ليبيا, ومن ثم تم فرض منطقة الحظر الجوي (في مجال الجو الليبي) تطبيقا للقرار الأممي, ولم يتم تسليح الشعب من قبل الناتو (حتى لا يتم خلق أفغانستان جديدة) وتحملت مسؤولية ذلك الدول الأوروبية, لاعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في تحمل مسؤولية مباشرة بسبب حروبها في العراق وأفغانستان, وأزمة ديونها التي باتت تهدد بانهيار الاقتصاد الأمريكي.
إن تدخل النيتو في معركة ضد نظام القذافي, ساهمت في إمكانية الوصول إلى تحقيق الانتصارات المجزوءة التي حققتها الثورة الليبية بدعم وإسناد من النيتو, ويترتب على نتائج التدخل الأوروبي الأمريكي الكثير, بدءا من السيطرة على البترول الليبي, وبالإضافة إلى تسديد عشرات المليارات التي ستدفع للناتو على مدار السنوات القادمة.
قال الكاتب البريطاني سوماس ميلن في مقالة كتبها بصحيفة الغارديان البريطانية, إن الغرب لا يتخلى عن عادته المتأصلة في سلوكه, فمرة آخري ها هي الولايات المتحدة الأمريكية, وبريطانيا وباقي قوات حلف شمال الأطلسي تقصف دولة عربية بالطائرات وصواريخ كروز, لتحقيق مصالحها وأطماعها في السيطرة على البترول الليبي.
إن أهمية الساحة الليبية على الصعيد الإقليمي والدولي, وبالتحديد لكل من اسبانيا وايطاليا وفرنسا هو اشتراك هذه الدول في سواحل المتوسط, ومن أجل الحد من الهجرة الغير شرعية إلى أوروبا, كما أن عدم استقرار الوضع في ليبيا له تأثيره المباشر على كل من الثورتين المصرية والتونسية, ويعني ذلك حرص هذه الدول على الوحدة الليبية, وعدم وصول الوضع الليبي كالنموذج الصومالي.
لقد انتصر أحفاد عمر المختار على الديكتاتورية في معركة طرابلس, انتصرت الإرادة الشعبية في ظل ثورات الربيع العربي, ولكن الثمن باهظ, وحسب معلومات شركة جيل للإعلام, سقط ما يزيد عن 19520 من أبناء ليبيا منهم 3700 من الثوار و11300 من كتائب القذافي و4500 من المرتزقة, مضافا إلى تدمير شبه كامل للعديد من المدن, وليبيا اليوم بحاجة إلى ما يزيد عن 400 مليار دولار لإعادة البناء الاقتصادي, والمؤسسات الحكومية وأعمار وترميم المدن والمدارس والمستشفيات والمواصلات... وتكمن مخاطر الخوف الحقيقية على ليبيا بعد سقوط نظام القذافي في مستقبل ليبيا السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا