الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماية المدنيين في سورية والسيادة الوطنية

احسان طالب

2011 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تتفاعل الأحداث في سورية ويتعاظم عدد شهداء الثورة ويسقط عشرات الآلاف من الجرحى ومثلهم من المعتقلين ومثلهم من المهجرين والمواقف الدولية مازالت مترددة في مجملها وخائبة تجري خلف مصالح اقتصادية وسياسية غير عابئة بحقوق الانسان وقيم الخير والعدالة والحرية والمساواة في حين يستمر الموقف الاقليمي مرتبكا عاجزا عن تقديم الحلول الناجعة لوضع حد لسفك الدماء وهتك الأعراض وترويع المدنيين وتهجيرهم، فتركيا تخشى الخوض أكثر في المسألة السورية وتسعى بكل جهودها لإيجاد حل وسطي يحفظ ماء وجه السلطة السورية الحاكمة ويرد للسوريين بعضا من حقوقهم ، لكن هذا الحل الوسطي لم ولن يفلح وما زالت الأزمة الخانقة تحيط بالسوريين وهم يرزحون تحت قتل وقهر وعذابات واعتقالات متفاقمة وممنهجة . هناك بلا شك ترابط ملحوظ بين الموقف التركي والسعودي من جهة والموقف الأمريكي والغربي من جهة ثانية ولا يبدو بوضوح اتجاه بوصلة التأثير المتبادل بينهما ولعل الأرجح هو التأثير المتبادل ويمكننا استشفاف ذلك من تصريحات رئيسة الخارجية الأمريكية السيدة كلينتون التي طلبت من الأسد التنحي وكانت أوصت قبل ذلك الدول العربية بذات الطلب من الأسد . ويصعب إدارك القلق الإيراني الشديد من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين طالبوا الأسد بالاستجابة لمطالب الشعب والسير في مسيرة الإصلاح ما يعكس خوفا حقيقيا من تضعضع الحليف السوري الإستراتيجي الأول لإيران وما يبرز ضعفا واضحا في كيان النظام الذي يخفي ما ينتابه من اعياء بمزيد من الشطط بالقتل والعنف والاعتداء على المساجد واهانة رجال الدين و سياسة معارضين .
لكن التدخل الإيراني المباشر بالشأن السوري كما ظهر من خلال دعوات بعض الاعلاميين الإيرانيين بطلب إرسال لجان لتقصي الأوضاع في سورية ومعرفة مطالب السوريين، سيحرر الإدارة التركية المثقلة بمعارضة قومية داخلية قريبة في مناهجها الأيديولوجية من النظام السوري ومعارضة كردية متمردة قريبة مذهبيا من ذات النظام ومتوائمة معه بتحركاتها وارتفاع أو انخفاض وتيرة تمردها المسلح طبقا لحاجاته ومتطلباته . القضية السورية والتوغل في الشأن السوري مفصل تباين الدور التركي الإقليمي وكلما تمكنت الإدارة التركية من الاتخراط المتوازن والفعال في القضية السورية وانصاعت لصوت الأغلبية الناخبة في ديارها وقدمت الحلول المناسبة في انحيازها التام لمصلحة الشعب كما قال داود أوغلو ومعربة عن فقدان ثقتها بالأسد كما قال عبدالله غول فإن كفة الصراع على ثقل أكبر في الشرق الأوسط سينحاز لمصلحة تركيا على حساب ايران التي تهدد بالتدخل العسكري في حال تعرض الأسد لضربة عسكرية من الخارج متناسية عندها أنها ستقف في مواجهة تركيا وحلفائها في الناتو في ظرف هي أشد ما تكون فيه رغبة بتحمل أعباء اقتصادية واجتماعية اضافية لما ترزح تحته من مؤشرات اقتصادية ضعيفة لم تتمكن عوائد النفط المرتفعة من تغطيتها .كما أن انتصار الثورة السورية سيكون بلا شك محرضا وملهما قويا للمعارضة الإيرانية للانبعاث من جديد ومقارعة النظام بقوة وحيوية وفتوة نشطة كما ستكون سورية الجديدة بعيدة عن النظام الايراني الحالي وستتأثر مصالحها الاقتصاديةالحالية في سورية بمواقفها الحالية من الثورة والشعب / من هنا ندرك حساسية وأهمية الدور التركي في حماية المدنيين ودعم مطالب السوريين بالتغيير خاصة وأن لتركيا حدود برية مع سورية تمتد لثمانمئة كيلومترا تجعل من غض الطرف أو التجاهل أمر غير ممكن .
هناك علاقة جدلية بين الموقف الدولي والمعارضة السورية بمعنى أن تصاعد الضغط الدولي على النظام سيدفع المعارضة إلى الاسراع برص صفوفها وتقديم برامجها السياسية وبالاتجاه الآخر نجاحات المعارضة ستحفز الدعم الدولي . يمكن للمجتمع الدولي أن يسارع بسحب السفراء كخطوة أولى لسحب الشرعية وانخراط المجتمع الدولي المباشر سيضع حد لتدخلات ايران الداعمة بقوة لبقاء الأسد كما يساهم نزع الشرعية الدولية في تحرير أطياف أخرى من السوريين مازالت حيادية على الانقلاب على النظام فبقاء بعض المستفيدين مؤيدين هو في الواقع تأييد لمصالحهم.
الضغط الاقتصادي مهم جدا فالنظام لن يستطيع البقاء طويلا في هذه الحالة المستنفرة والمكلفة جدا . الضغط الاعلامي المباشر على رأس النظام سيدفعه إلى مزيد من التخبط والعنف ما يسارع في انهياره أيضا تواصل القوى الخارجية مع المنشقين من الجيش سيسمح لهم بتشكيل قوة حقيقية في مواجهة السلطة ما يزيد من أعبائها ويضعف قوتها
هناك خلط غير مبرر بين سلمية الثورة وحماية المدنيين حيث لا تعارض بينهما وهناك خلط غير مدروس في مفهوم التدخل الخارجي بين طبيعة السيادة الوطنية في ظل دولة يحكمها نظام شرعي يؤيده الشعب وبين الحالة السورية التي انهى فيها الشعب شرعية سلطته الحاكمة فانقلب عليه قتلا وتعذيبا وأسرا وتنكيلا وتهجيرا . السيادة الوطنية هنا هي سيادة الشعب وحماية الشعب هو حماية للسيادة الوطنية
التفاعل المنضوي تحت مظلة مفاهيم إنسانية مشتركة يحوّل تناقضات المصلحة، والانتماء العصبي إلى عامل إغناء وإثراء للجماعة الكبيرة المؤلفة من كنتونات صغيرة تميل بفعل الخوف من الظلم والطغيان أوالذوبان إلى الانغلاق والخصوصية الشديدة. كما تنحاز للظهور والانفتاح والازدهار في ظل الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية
كسر أصابع الفنان علي فرزات وشج رأس الشيخ أسامة الرفاعي واستئصال حنجرة القاشوش دلائل ضعف ومؤشرات انفلات جنوني لأوامر عليا وعدت بمفاجآت أمنية، يخشى أن تكون على غرار ما حدث في جامع الرفاعي في دمشق أو قصف بلدة القابون من الجو بواسطة مروحيات عسكرية
المعترضون على طلب حماية المدنيين بزعم الاعتراض على التدخل الخارجي يكمن إشكال قرارهم في مفهوم السيادة ومفهوم الشرعية وكأن سورية بلد منعزل عن العالم وقرار نظامه مستقل تماما لا يدنس بتدخلات خارجية بل وبشرعية خارجية ما استطاع الاستقرار أو الاستمرار بدونها . ألا يبدو جليا التدخل الخارجي الداعم لنظام بشار في حربه ضد الشعب السوري ؟ خبراء ايرانيون أسلحة وقناصة ايرانية جنود من حزب دولة الفقيه، اسلحة روسية تتدفق على ميناء الباسل في اللاذقية دعم مصرفي من اللوبي الصهيوني في أمريكا للنظام وأزلامه بغطاء أجنبي ، أليس هذا تدخلا خارجيا ضد الشعب. كما يطالب خبراء اسرائيليون بدعم نظام بشار ما يعني بأن التدخل الخارجي يبقي نظامه حيا والسوريون يقتلون صباح مساء . جامعة عربية صماء خرساء وادارة تركية مرتبكة معارضة مترددة , كل ذلك لم يثني الثورة السورية عن المضي قدما بصبر وثبات نحو نهاية التسلط والاستبداد والظلم
لا تتوقفوا عن متابعة الأحداث ومشاهدة فظائع النظام ولا تغفل عينكم لحظة عن جرائمه تابعوه وافضحوه في كل لحظة ومن لا يستطيع التفكير دون الامتناع عن المراقبة والمتابعة فليقف جانبا . تفكيرنا وإرادتنا ليست ردود أفعال إنها أفعال أولية تفرضها منهجية تفكيرنا المتسق مع مبادئنا وتطلعاتنا التي تجعلنا
ضد مشاركة الأحزاب الدينية في السياسة ومع حق المشاركة السياسية للجميع بصرف النظر عن الانتماء الديني أو المذهبي أو العرقي، و في نفس الوقت ضد تصفية الحسابات القديمة تحت غطاء القضية الوطنية وإقصاء الآخرين بدعاوى الحرية والعلمانية، لآن ذلك التفكير يعيق مسار التلاحم ويتنافى مع منطق المواطنة ويؤخر تمحور المعارضة السورية والشعب السوري حول هيئة أو مجلس مؤهل لطلب حماية المدنيين مقرا بالسيادة الوطنية ومتفقا على وحدة الأراضي السورية وسيادة الشعب الكاملة عليها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
باسل ( 2011 / 8 / 28 - 22:49 )
شكرا على المقال ، الفعل ومساعدة الداخل احسن من اللافعل ، لجنة مراقبة يبدو موضوع معقول


2 - الأستاذ أحسان طالب الفاضل
إسراء لبابيدي ( 2011 / 8 / 29 - 09:07 )
وأين كان المعترضين على التدخل الخارجي يوم تدخل نظام الأسد في شئون لبنان وغزاها ودمرها وقتل صحفيينها من ينسى اللوزي ولا تويني ولا قصير هذا ليس تدخل ؟ وأين كانوا يوم كان الأرهابيين يمرون بالجملة عبر سوريا إلى العراق ليواصلوا الهجمات ضد الشعب العراقي لتحصده بالجملة ؟ وأين كانوا يوم تسلى بقتل الفلسطسينيين في تل الزعتر وما زال يتدخل بشئونهم فلا يصلوا إلى حل لقضيتهم أليس كرمال الكرسي فعل كل هذا ليحول لبنان والعراق وفلسطين أوراق بإيدو يساوم عليها؟وكلنا نعرف أن حرب حزيران 76 أدارها السوفييت وخسرناها خسارة مروعة ، ذلك ليس تدخل فماذا يكون ؟سيادة يوم يتعلق الأمر بنا واستحلال الآخر يوم يتعلق الأمر بالتانيين .؟لكان يقتلوا أولادنا والشعب أعزل ؟ الشعب عنده دبابة ولا طائرات ؟قد ما كذبوا وقالوا يحمل السلاح ماذا تفعل بارودة أدام دبابة ؟أدام الاعتقالات والتعذيب الرهيب ؟ سدوا كل المنافذ من أين يأتي السلاح للثوار ؟ومهما أتى فبشق النفس يحصلوا عليه كفايتهم تدجيل . وشكراً

اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى ل


.. مقترح لحظر بيع السجاي?ر للمولودين بعد عام 2009 في تركيا مدى




.. مناسك الحج.. الجزيرة ترصد توافد الحجاج لرمي جمرة العقبة في أ


.. تفاصيل عملية اغتيال القيادي في حزب الله -أبوطالب- في مدينة ج




.. تقرير استخباراتي أميركي يكشف حجم الخسائر المادية بالبحر الأح