الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تضحك كثيرا سيدي الجاسر..

جمال الهنداوي

2011 / 8 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


تكاد تتردد بين اصداء السطور قهقهة السيد جاسر عبدالعزيز الجاسرالتي جلجلت في مقاله المنشور في جريدة الجزيرة السعودية والذي سوده –كما يقول هو على الاقل-تحت موجة من الضحك الهستيري والعيون الدامعة من الضحك والاستغراب تأثرا بالخبر الذي يقول:"إن السيد مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، وجّه رسالة شكر للعراق بعد اعتراف الحكومة العراقية بالمجلس الانتقالي الليبي"..ورغم ان هذا الخبر قد تمت تعميته بصورة تامة من قبل وسائل اعلام الرأي والراي الآخر..ولكن يبدو ان السيد الجاسر قد تعثر به في احدى الصحف العراقية الصادرة في الخارج.. وهذا ما جعله يسرف قليلا في وضع علامات التعجب كتعبير اقرب الى شعوره في تلك اللحظة..
وهذا التعثر قد يكون هو السبب في تحوله الى التجهم-مع الاحتفاظ بالاستغراب-وهو يقلب بين يديه بقية الخبر الذي يشير الى رغبة " المستشار والرجل الورع المتخصص بالقانون والشريعة مصطفى عبدالجليل" في الاطلاع على تجربة العراق في فترة ما بعد سقوط النظام..والخطوات التي قطعتها العملية السياسية ومراحلها الديمقراطية كالانتخابات النيابية-اكيد انك تمارسها حد الملل سيدي الجاسر- وكتابة الدستور..ولكن هذا الحنق الاقرب للغيظ لم يمنع السيد الكاتب من توجيه التحذير المشفق "للاخوة الليبيين"من الوقوع في تلك المصيبة.." فإن الليبيين في غنى عن هذا التعلم والاقتباس من دستور وضعه المحتل الأمريكي"مذكرا الاشقاء بأن من "من يرأس المجلس الانتقالي الليبي رجل متخصص في القانون، وله زملاء متخصصون في القانون الدستوري من الليبيين الذين لم يتلوثوا ولم يجلبهم الاحتلال، بل جاهدوا وقاتلوا وانتزعوا حريتهم بجهودهم"
نكاد نتفق مع ما اورده الكاتب ضمنا-او غفلة- ان العملية السياسية الديمقراطية الديمقراطية التي تجري في العراق تتسم بخصوصية قد تميزها عن غيرها من خلال ظروف نشأتها الصعبة المليئة بتشوهات القمع والارهاب وسلسلة الحروب المتطاولة والحصار الذي ساهمت به بالحاح شبق دولة السيد الجاسرالمنصورة ومن تداعيات التدخل الخارجي والذي كان –وللصدفة البحتة- لنفس دولته ايادي بيضاء كثيرة على انجازه بالطريقة التي تم بها.. ولكن قد تكون هذه النقاط هي التي تجمعنا مع التجربة الليبية الكبرى..بل قد يتفوق العراقيون بانهم كانوا في دور الضحية الى النهاية ولم يكونوا طرفا في النزاع الاولي ولم تنقل لنا –او لكم-وسائل الاعلام صورا عن صدامات مسلحة او مناظر التقبيل الاحتفالي لاعلام الدول المحتلة التي كانت ترترف على اعمدة الانارة في عاصمة السيد كاتب المقال ..
ودون ان نخوض في السؤال العبثي عن ما يمكن ان يجده السيد مصطفى عبد الجليل من نصائح حول عملية البناء الديمقراطي لو شد الرحال الى مملكتكم الحرة اولا..فهي مما قد يتثاقف حوله الناس مستقبلا حول المواقد في ليالي الشتاء الباردة..ولكننا من منطلق النصح المشفق ايضا..نجد لزاما علينا ان نلفت نظر السيد الكاتب ان سقوط النظام في العراق عام 2003 ، وما تلاه من تحرر نسبي للعراقيين على مستويات عدة، بدءا من حرية التعبير عن الرأي، الى المشاركة في صنع القرار عن طريق الانتخابات البرلمانية والمحلية، كان الدافع الرئيس وراء التساؤلات التي طرحها العديد من المثقفين العرب عن امكانية انتقال الشعوب العربية الى التعددية رغم كل الجهد المبذول من قبل انظمتكم واعلامكم المسيس لتدويرها تجاه انتاج ردود افعال انعكاسية تجاه طموحات الشعوب بالتحرر والتخلص من نظم الاستبداد الشمولي.من خلال الترويج لما سوف يصيب الشعوب من فوضى واقتتال ان ازاحت جلاديها عن سدة الحكم.
وان كانت الاحداث والاخفاقات التي واكبت عملية التغيير في العراق والتقاطعات السياسية والمطاحنات الفئوية –والتي كان للنظام الذي يقبض منه السيد الكاتب دورا كبيرا في اذكائها-قد امدت في عمر بعض الانظمة في المنطقة..الا ان الوعي بمسؤولية هذه الانظمة ذاتها عن كل هذا الاستخفاف بامن الشعوب ووحدتهم الوطنية هو ما حصن الثورات العربية من التلوث بنصائحكم الاخوية..
وان كان الجميع يتحاشون مقاربة النموذج العراقي كمثال لانتفاضات الربيع العربي فان كل المقالات التي تريد ان تمسح العرق البارد المتصبب من جبين الانظمة الهلعة من تساقط الاطمئنان الزائف الى ان نار الحق لن تلامس اذيالهم..لن تقوى على اشاحة شبح صدام حسين وهو يتدلى في حبل القصاص الالهي العادل في مخيلة اولى امرك سيدي الجاسر..وان الاحداث قد تجاوزت كثيرا الدعة التي توفرها الادارة الاعلامية لعملياتهم الترقيعية المشوشة..
وان التجربة العراقية ان لم تكن بالصلابة التي تمكنها من تجاوز تدخلات دول الجوار..فانها ستكون على الاقل النبراس الذي ينير الطريق للشعوب العربية بعيدا عن الاخطاء التي كابدها العراقيون في طريقهم نحو الحرية والعدالة والمساواة..وان كان النيل من العراق ومعاناة شعبه ما زال وسيلة مناسبة للتكسب لبعض الاقلام الصغيرة..فان حتى الكبيرة منها لن تستطيع ان تمسح من ذهن العراقيين حلاوة التلويح بالاصبع المغمس بالبنفسج للشعوب المنتصرة على قوى الارهاب والاستبداد.. ولن تقوى على منع اكفنا المضمخة بالدماء من الاشارة الى الطريق الصحيح الذي يقي الشعوب الحرة شر نصائح الاشقاء..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى