الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادئ الأساسية للدستور

اسلام احمد

2011 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة استقطاب حاد على الساحة السياسية ينذر بضياع مكتسبات الثورة , وربما ما هو أخطر , بدأت المشكلة منذ قيام المجلس العسكري بإدارة المرحلة الانتقالية بشكل منفرد رغم عدم خبرته السياسية دون الرجوع الى أهل الرأي , و قيامه بتشكيل لجنة برئاسة المستشار طارق البشري لتعديل دستور 1971 الذي سقطت شرعيته بقيام الثورة , ثم عمل استفتاء شعبي عليه ثم قيامه بإصدار اعلان دستوري من حوالي ستين مادة اغفل بعض المواد التى استفتى عليها , وذلك بدلا من الشروع فورا في كتابة دستور جديد للبلاد , ما أدي الى انشقاق الصف الوطني الى فريقين : الأول يضم الإسلاميين , والثاني يضم القوى العلمانية والليبرالية لتشهد الساحة استقطابا غير مسبوق , بدأ بمعركة نعم ولا حول التعديلات الدستورية ثم تحول الى معركة أخرى اكثر شراسة هي الانتخابات أولا أم الدستور أولا؟!

ولأن القوى السياسية أدركت في لحظة ما خطورة انقسامها , وبالتحديد عقب احداث مسرح البالون وصدور احكام بالافراج عن بعض رموز النظام السابق , فقد جاءت جمعة 8 يوليو لتمثل وحدة الصف , غير أن القوى الإسلامية سرعان ما شقت الصف الوطني مرة أخرى في جمعة 29 يوليو التى كان من المفترض أن تكون تأكيدا على وحدة الصف ولكن الإسلاميين مع الأسف قاموا بتحويلها الى جمعة تفريق الشمل بعد أن رفعوا شعارات تنادي بإسلامية الدولة ومن ثم عاد الانقسام من جديد

ولأنني استشعرت كما استشعر غيري من المحللين خطورة الاستقطاب الراهن على مستقبل مصر فقد كتبت مقالا في السابع من يوليو بعنوان (المخرج لحل أزمة الدستور والانتخابات) طارحا بعض المقترحات من شأنها الخروج من تلك الأزمة العقيمة التى تهدد بإجهاض الثورة , وأرسلت المقال الى من يهمه الأمر , لذا كانت سعادتي كبيرة ببيان اللواء محسن الفنجري (صاحب التهديد الشهير) في الحادي عشر من يوليو , الذي وافق فيه على وضع مبادئ حاكمة للدستور إلى جانب وضع ضوابط ومعايير لتشكيل الجمعية التأسيسية التى ستتولى وضع الدستور على أن يصدر بها إعلان دستوري , وبذلك نضمن بأن تكون صياغة الدستور بالتوافق بين جميع القوى السياسية وألا ينفرد به تيار ما لحصوله على أغلبية في البرلمان

بديهي أن الدستور يجب أن يكون معبرا عن جميع المواطنين باختلافهم اذ يعد بمثابة عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكومين , ووثيقة للمجتمع تعكس قيمه وحضارته وتعبر عن مختلف فئاته بلا استثناء , وبالتالي فهو عملية توافقية بامتياز لا يجوز أن ينفرد بها تيار دون آخر مهما بلغ حجمه أو أغلبيته! , غير أن الإسلاميين اعترضوا على المبادئ الأساسية للدستور بحجة أنها تمثل التفافا على إرادة الشعب المتمثلة في الاستفتاء ووصاية عليه ومن ثم فقد شنوا حملة شرسة استخدمت فيها المنابر الإعلامية والدعوية بما فيها المساجد لحشد الناس ضد المبادئ الأساسية للدستور كما وصل بهم الأمر الى حد التهديد بالخروج المسلح ضد المجلس العسكري حال تطبيقها! , لتتحقق بذلك مفارقة مدهشة ذلك أن الإسلاميين الذين قاموا بالوقوف الى جانب المجلس العسكري وتأييد التعديلات الدستورية بدعوى الإبقاء على المادة الثانية من الدستور , رغم أنها لم تكن مدرجة على التعديلات! , هم أنفسهم الذين يعارضون الآن المبادئ الأساسية للدستور مع أنها تنص على هوية الدولة الإسلامية وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع!

والحقيقة أن موقف الإسلاميين ينطوي على مغالطات عدة ذلك أن المبادئ الأساسية للدستور لا تمثل أي وصاية على الشعب بل بالعكس فهي ليست فوق دستورية كما يصورها البعض وبالتالي فهي غير ملزمة للجمعية التأسيسية التى ستتولى وضع الدستور وإنما هي مبادئ أساسية استرشادية بمثابة بديهيات مثل مدنية الدولة وهويتها الإسلامية , كنا نظن انه لا خلاف حولها بين الجميع

كما أن موقف القوي الإسلامية يثير العديد من الأسئلة المحيرة , فإذا كان الإسلاميون قد قاموا بحشد الناس للتصويت بنعم بدعوى الإبقاء على المادة الثانية فلماذا إذن يعارضون المبادئ الأساسية للدستور مع أنها تنص على المادة الثانية؟! , ولماذا قام السلفيون بتحريم الخروج على الرئيس السابق مبارك ومن بعده بتحريم الخروج على المجلس العسكري ثم غيروا موقفهم الآن مهددين بالخروج المسلح ضد المجلس العسكري حال تطبيق المبادئ الأساسية للدستور؟! , ثم أي شرعية يتحدثون عنها؟! , اذا كانوا يتحدثون عن شرعية الاستفتاء على التعديلات الدستورية فقد انتهت شرعيتها بصدور الإعلان الدستوري الذي أغفل الكثير من التعديلات التى تم الاستفتاء عليها بمعني أن الإعلان الدستوري الحالي يستمد شرعيته من صدوره عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس من الاستفتاء ,في سياق كهذا أين تكمن المشكلة إذن؟! , ليس لدي من تفسير لموقف الإسلاميين سوى أنهم يرغبون في الاستئثار بوضع الدستور الجديد للبلاد من خلال حصولهم على أغلبية متوقعة في البرلمان القادم , غير أنني ازعم أن موقفهم هذا ينطوي على كثير من الغباء إذ لن يسمح المجلس العسكري ولا القوى السياسية بانفراد فصيل ما بصياغة الدستور الجديد للبلاد

ولأن المجلس العسكري لديه شرعية اتخاذ قوانين وقد أعلن في بيان اللواء محسن الفنجري عن وضع المبادئ الأساسية للدستور وكذلك معايير اختيار الجمعية التأسيسية التي ستتولى صياغته فيتعين أن يتم تنفيذ ذلك على الأرض حفاظا على شرف العسكرية المصرية , واعتقد أن الظرف الراهن فيما بعد الاعتداء الإسرائيلي على الجنود المصريين مواتي تماما لإجراء مصالحة بين مختلف القوى السياسية , وعلى الجميع أن يدرك أن أي انقسام سيصب بالضرورة في صالح أعدائنا المتربصين بنا في الداخل والخارج , ولأن الإسلاميين هم حجر العثرة أمام المصالحة فاعتقد أنهم بصدد اختبار حقيقي , آمل أن ينجحوا في اجتيازه بتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالحة الشخصية الضيقة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات