الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياق السياسي لعملية ايلات:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


[email protected]

لم يكن الترقب السياسي الاقليمي يتوقع عملية عسكرية ضد الكيان الصهيوني. من نمط ومستوى وحجم عملية ايلات العسكرية, والتي الحقت بالهيبة العسكرية الاسرائيلية ضررا واضحا. فالانتباه السياسي وخصوصا الشعبي منشد نحو وقائع صراع الانتفاضات الشعبية في المنطقة ضد الانظمة, ومع تبلور قناعة شعبية ان نتائج هذه الصراعات تصب في اتجاه _ الاستقواء العربي_ على مواجهة العنجهية الصهيونية وخلل موازين القوى الذي يخدمها, وفي ظل حالة _ الهدنة المعلنة_ بين قطاع غزة والكيان الصهيوني, والذي تلتزمه الفصائل الفلسطينية, لاسباب متعددة اهمها ان المصلحة الفلسطينية في المصالحة الفلسطينية واعادة اعمار غزة, والتوجه الفلسطيني في الذهاب الى الجمعية العامة للامم المتحدة من اجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية, تتقاطع ايجابا مع مطلب الهدوء الامني. وعلى العكس فان وجود وتصاعد اضطراب امني مع الكيان الصهيوني, انما يعرقل هذه الاهداف الرئيسية. فان كل ذلك يخرج عملية ايلات من المنهجية الفلسطينية في المقاومة المسلحة, ويضع هذه العملية تحت منظور التساؤل الى درجة ان الدكتور محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة حماس يشير الى _ غموض_ العملية.
ان توظيف يد فلسطينية في عمل مسلح ضد الكيان الصهيوني او ضد اي موقع اقليمي اخر, هو سابقة متكررة, وهو شكل من اشكال تقاطع الصراعات الاقليمية والعالمية على الوضع الفلسطيني, ولنا خير مثال لذلك في محاولة جر العامل الفلسطيني الى صراع تقاسم الصلاحيات السياسي في الاردن, وكذلك في لبنان وسوريا. كما لا ننسى ان سببا رئيسيا من اسباب حدوث الانشقاق الفلسطيني وتفاقمه واستطالته كان جراء تداخل الصراعات الاقليمية والعالمية مع الصراع الفلسطيني الصهيوني, وبهذا الصدد لنا ان نلاحظ ان اهمية ووزن العامل الفلسطيني في منطقة شرق المتوسط هي اعلى منها في منطقة الشمال الافريقي,
فمن المعروف ان الحركة الفلسطينية السلمية او العنيفة هي ذات قيمة جيوسياسية قادرة على ان تربك التقديرات السياسية المحلية والدولية حول المنطقة. ومن المعروف ان انعدام الاستقلال الديموغرافي الفلسطيني, وكذلك التشوه الايديولوجي يمكن بل مكن في الواقع اطراف اجنبية متعددة من توظيف العامل الفلسطيني في صراعه مع طرف اخر اقليمي او عالمي, ومن الواضح ان عملية ايلات تتموضع في سياق هذه الصراعات, ولا تتموضع مباشرة في سياق الصراع الفلسطيني الصهيوني, رغم ان اليد التي نفذت العملية ربما تكون فعلا فلسطينية,
ان العنف الذي يحدث في صحراء سيناء, اكان في صورة تفجير انابيب الغاز, او تكرار الهجوم العسكري المجهول الهوية على مراكز امنية مصرية في رفح والعريش, كما وعمليات اطلاق صواريخ على كل من مدينة ايلات في الجانب الصهيوني, او مدينة العقبة الاردنية, يصب بصورة مباشرة في منهجية العبث بامن مصر, وهي احداث زادت دورية تكرارها منذ ثورة 25 فبراير التي اطاحت بادارة الرئيس حسني مبارك السياسية لمصر, ولذلك فمن المنطقي قراءة هذه العملية من منظور تاثيرها على الحالة والوضع الجيوقومي المصري, وحركته السياسية المحلية وايضا حركته السياسية على الصعيدين الاقليمي والعالمي, وان نحدد المجال المستهدف فعليا من هذه المجالات الثلاث. لان تاثيرها في المجالات الاخرى سيكون عاملا مساعدا.
بهذا الصدد فان الاحتمال الاكبر هو ان يكون المقصود مباشرة هو اظهار امكانية توسيع نطاق وحجم القدرة على العبث بامن مصر. بهدف التاثير على المستجد في دورها الاقليمي. هذا الدور الذي تفكك فيه التحالف _ الموضوعي _ بين مصر مبارك والكيان الصهيوني, فاصبح على حجم من التناغم والانسجام العالي مع النفوذ الامريكي, ويتجه الى ضرب محاولة الكيان الصهيوني التحرر من النفوذ الامريكي على الكيان الصهيوني, بل يعمل على اعادة اخضاع الكيان الصهيوني له, وهو مسار لن يتحقق للولايات المتحدة جني ثماره منه سوى بتفكيك محور ممانعة النفوذ الامريكي واسقاط المنظورالامريكي في التسوية السياسية, ولك عبر تخفيف الضغوط الغربية على النظام السوري كموقع مركزي يجمع العسكري بالسياسي من منهجية محور ممانعة النفوذ الامريكي هذا,
ان عملية ايلات في جوهرها تحمل عرض مقايضة سياسي, يضع استقرار امن مصر في كفة من ميزان الصراع في مقابل استمرار تحجيم الضغوط التي يمارسها الغرب والولايات المتحدة على سوريا في الكفة الاخرى, والذي يعني عمليا عدم المس بالمرتكزات الجيوسياسية لمحور الممانعة, او ان على الولايات المتحدة ان تواجه احتمال خسارة نفوذها الذي استعادته في مصر, وفقدانها النفوذ في هذا الموقع اللوجستي الاستراتيجي في الصراع الاقليمي والعالمي.
لقد اشرنا من قبل الى ان النظام السوري احسن حساب الاعتبارات السياسية التي تخدمه, واحسن تقدير وزنها واهميتها في الصراع الاقليمي والعالمي, واشرنا الى ان العامل الاهم منها هو امساك النظام السوري الفعلي بزمام حالة الامن شرق المتوسط, وخاصة قدرته على لجم الفصائل والاحزاب القوى المسلحة فيها, ومن الواضح ان الكيان الصهيوني والولايات المتحدة واوروبا التقطت هذا المغزى في هذه العملية العسكرية, ولم يكن غريبا وهذه الحال ان يسارع الكيان الصهيوني الى محاولة التصعيد العسكري في حين وعلى العكس منه اتجهت الولايات المتحدة واوروبا الى طمأنة النظام السوري الى انه لا تتوفر شروط تدخل عسكري اجنبي في الوضع السوري, بل وخفتت حدة تحمس تركيا ايضا للخيار العسكري لحسم الوضع في سوريا, وفشل مجلس الامن في استصدار قرار يدين هذه العملية العسكرية؟؟؟
بل ان النظام السوري ممثلا في الرئيس بشار الاسد بدى اكثر ارتياحا لوضعه في الازمة واصراره على الخيار الامني, كما انه بدى اكثر استعدادا لمواجهة الضغوط الاجنبية, وكل ذلك جاء بعد هذه العملية العسكرية, وعلى العكس من الانصياع للضغوط الدولية فان النظام السورى ابدى انحيازا اكبر لخيار الامن بعد هذه العملية, مما يقلل فرص الموقف الدولي في معالجة الازمة السورية الى اما اغتيال الرئيس بشار الاسد او حصول انقلاب عليه.
هنا ربما يرتبك البعض في فهم نجاح مصر في منع _ عدوان ارضي صهيوني على غزة_ وتقديمها لمصر ما يشبه الاعتذار عن الخرق الصهيوني لاتفاقية السلام بينهما باجتياز الحدود الدولية بينهما وقتل عسكريين مصريين, رغم ان ذلك ال_ شبه اعتذار_ بدر من وزير دفاع الكيان الصهيوني, وبقي في طابعه شبه اعتذار عسكري, رغم ان الحادثة في جوهرها سياسية وكان على المستوى السياسي الصهيوني ان يقدم اعتذاره عنها,
ان حسابات الكيان الصهيوني الخاصة لضرورة العلاقة مع مصر, وضرورة الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد من اجل حفظ حالة توازن القوى الجيوسياسية الاقليمية, كانت هي السبب في تحديد الموقف الصهيوني, وهي على كل حال ترى ان عملية ايلات اوصلت رسالة ضرورة الحفاظ على استقرار النظام في سوريا, ولذلك فان اللجوء الى عمل عسكري ثقيل يفجر حالة الامن الاقليمية ليس من صالح الكيان الصهيوني في هذا الوقت على الاقل, وقد كانت محاولة الحفاظ على العلاقات المصرية الصهيونية اثمن في الحسابات الصهيونية خاصة انها اطمأنت الى ثبات النظام في سوريا,
ان العبث بامن مصر, هو مجال من مجالات متاحة امام اطراف متعددة لخدمة الاجندات الخاصة بهذه الاطراف, وبالتاكيد فان محور الممانعة والكيان الصهيوني تدرك جميعا هذه الحقيقة, وتدرك _ الان_ ان العبث بامن مصر يعني حجما من العبث بنفوذ الولايات المتحدة بها, كما تدرك الولايات المتحدة ان تقوية الوضع المصري على اساس شرط حركته في اطار الرؤى السياسية الامريكية انما يخدم ايضا تحجيم مدى التحرر الذي انجزه الكيان الصهيوني من السيطرة الامريكية والغربية عليه. لذلك لا يجب ان نستغرب وجود محاولة سياسية مصرية لتعديل اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني خاصة على صعيد شروطها الامنية والتي تنتقص في الحقيقة من سيادة مصر على سيناء,
بل ان ذلك يطرح علينا التساؤل عن احتمال وجود منظور سياسي خاص يتعلق بسيناء عند الكيان الصهيوني, خاصة اذا تذكرنا ان الانسحاب الصهيوني منها كان في اطار الوعد بالعودة اليها, واذا تذكرنا ايضا المحاولات الصهيونية لضرب هدف التنمية المصرية لصحراء سيناء, خاصة المجال السياحي في هذا المنظور التنموي,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس حماس في الضفة الغربية يدعو الأردنيين لـ-مواجهة مشروع ضم


.. الموريتانيون يدلون بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الر




.. إيران.. جولة إعادة لانتخابات الرئاسة بين بزشكيان وجليلي


.. موفدنا يرصد الأوضاع في بلدة عيتا الشعب المحاذية للحدود مع إس




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات بعد عودة جيش الاحتلال لمنطقة الش