الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية حلم خلجنة الممالك العربية..قد يكون في جدة

جمال الهنداوي

2011 / 8 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


محاولة لتحقيق الارضية الملائمة للتنصل اقرب منها الى جهود التفاهم والاتفاق هو ما تشير اليه التسريبات الاخيرة التي تداولتها بعض وسائل الاعلام السعودية قبيل الاجتماع الاول الذي ستحتضنه جدة منتصف الشهر المقبل بخصوص انضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، والذي من المقرر ان يشهد حضور وزراء خارجية دول التعاون الخليجي الست، اضافة الى وزيري خارجية الأردن والمغرب.
فلا يمكننا النظر الى المعلومات المتواترة والمتساقطة من مختلف وسائل الاعلام السعودية -او الممولة سعوديا-والتي تتحدث عن ان الدعوة التي طرحت اثر قمة تشاورية في الرياض في العاشر من أيار الماضي كانت متعجلة ومفاجئة للقادة المجتمعين..وفي هذا الوقت بالذات الا على انها وسيلة استباقية لايجاد بعض المخارج السياسية التي تبرر التملص من تبعات غياب سكرة الاندفاع وراء القرارات الفردية المتعجلة غير المدروسة والمأزومة بهاجس التحديات المستجدة والمتصاعدة في المنطقة..
فلا يعتقد ان اعلام مغرق بالتسييس والمركزية خصوصا في الامر ذات المساس بالمبادرات التي يقف خلفها قادة دول المجلس يستبق مؤتمرا يهدف الى ايجاد الآليات التي من المنتظر ان يكون"خطوة أولى نحو الاندماج الكامل، لقيادة المنظومة الخليجية خصوصًا في ضوء المستجدات الأخيرة التي تعيشها المنطقة العربية" بسيل من التقارير التي تتحدث عن معارضة كويتية صارمة للفكرة من حيث المبدأ..وتذمر دول اخرى..ورفض سلطنة عمان لانضمام الاردن..واستمرار التحفظ الاماراتي ..واقتصار الترحيب على المملكة العربيةالسعودية و-كنتيجة طبيعية -البحرين..الا اذا كان هذا المؤتمر هو مقدمة لعملية بروتوكولية تستهدف الخروج الآمن من مطب المبادرات الخليجية التي تكرر فشلها في التعاطي مع الازمات والمستحدثات السياسية في المنطقة..وانه عامل اخر من عوامل ارتباك المقاربات الخليجية لتنامي وانتشار الاحتجاجات العربيه وارتدادياتها وتنامي الروح الطائفية وثقل التطير من الخطر الإيراني المستدام وخصوصا في هذه المرحلة التي تشهد تعاظم التفرد السعودي في قيادة وتشكيل قرارات وتوجهات المنظومة الخليجية.
فعلى الرغم من التقارير التي تتحدث عن بعض التحريك في هذه المواقف نتيجة زيارات الملك عبد الله الثاني الأخيرة لكل من البحرين وقطر والكويت ضمن حملة علاقات عامة سياسية تستهدف توطيد أواصر العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، وإقناعها بجدوى انضمام الأردن إلى هذا المجلس، وبحث اوجه التعاون الاقتصادي بينها وبين الأردن..الا ان هشاشة العلاقات مع قطر بالذات قد وتوترها الدائم قد يفخخ هذا التوجه في اي وقت..كما ان الجواب الخليجي على اعلان المغرب الرسمي عن استعداده للبدء في إجراء مشاورات مع مجلس التعاون الخليجي لوضع إطار للتعاون بينهما، من خلال عرض الامر من خلال شروط اهمها أن لا يقيم المواطنون المغاربة في دول الخليج دون إقامة، وأن لا يتملك المغاربة في دول الخليج كما هو الحال للمواطن الخليجي، وأن يستمر العمل بالتأشيرة قبل دخولهم إلى أي دولة خليجية.قد لا يدل على جدية مجلس التعاون في دعوته للمملكة المغربية للانضمام او قد تكون مؤشرا على فتور متوقع في العلاقة ناتجة عن ميل المغرب الى تحقيق شكل من الاستجابة للمطالبات الشعبية والتأكيد على التمسك الكامل باتحاد المغرب العربي، واعتباره "خيارًا استراتيجيًا" خاصة وان المغرب كان المبادر إلى إنشاء التكتل المغاربي.
وكل هذا قد يكون مما يخفض من سقف المتوقع من مؤتمر ايلول وما قد يسفر عنه من قرارات وخطوات..وبالنتيجة المنتظر من الآمال المعلنة بتشكيل "تكتل عربي أكثر قوة واستقرارًا وتحصيناً ضد الثورات والتحولات التي تعرفها المنطقة العربية".
ان المعضل الذي تواجهه المنظومة الخليجية هو ان قراراتها عادة ما تكون فجائية و طارئة بصورة اقرب الى العبثية ومحكومة بتقنيات المسلسلات البدوية والاستناد على ردود الافعال المتشنجة اكثر من كونها نتيجة دراسة معمقة مدعمة بالاتصالات الكافية والخبرة والدراية والبحث المستفيض لاوضاع معينة تساعد المجلس لاتخاذ القرار نحو ما يحقق الحاجة الفعلية من اصداره..فصدور مثل هذه القرارات التي تقترب من الانعطافة في مسيرة الثوابت الخليجية المبنية على الانغلاق والتاكيد على الخصوصية وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المنطقة..ومع كل هذه الاعتراضات والتحفظات التي تخللتها.. قد يكون مما يشير الى وجود خلل واضح وجلي ومربك في بنيوية مؤسسة القمة في المنظومة الخليجية وفي آلية التوصل الى القرار ضمن البيت الخليجي الذي يشهد المزيد من الفردية والتطرف في المواقف المؤدية الى مزيد من التقاطع والازمات اكثر مما تقدم من حلول..
لن يكون فتحا لو استنتجنا ان الاردن والمغرب لن ينضما الى مجلس التعاون الخليجي..خصوصا مع هذا الرفض القاطع-ولكن المؤدب-لقرار ضمهما على مستوى مؤسسات وهيئات خليجية متعددة والذي وصل حد التحذير من ان تنفيذ مثل هذه الخطوة قد يكون مدخلا لانفراط عقد المجلس وليس لتجميع العضوية داخله بسبب تميز البلدين باوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة ووجود نوع من المشاركة الشعبية في بعض المؤسسات ما لا نجد صدى في اروقة السياسة الخليجية العليا وهذا ما يدفع الا افتقار مثل هذه القرارات الى الدراسات اللازمة قبل اعلانها بهذا الشكل الاحتفالي المزيف ..
ان المطلوب من الدول الخليجية في حالة رغبتها في ترصين جبهاتها الداخلية وسد المنافذ امام التدخلات الاجنبية في شؤونها الداخلية العمل على استباق الاحتجاجات الشعبية الآتية في يوم لا ريب فيه الى شواطئ الخليج الدافئة من خلال توسيع المشاركة السياسية في اتخاذ القرار وعدم الاسراف في الخيارات الامنية المبنية على خصوصية خليجية ملتبسة في مواجهة هذه المطالب..وعدم التوحل في مسارات التحشيد واللململة وفق عناوين ورموز متقلقلة ومتعامية عن الكثير من العوامل التي قد تدعو الى الفرقة اكثر مما تقدم من وعود بالوحدة والانصهار والتجمع..
كما ان الأسر الحاكمة في الخليج مدعوة الى التصالح مع شعوبها والاستفادة من الافضلية الوقتية التي يقدمها لهم تأخر الاحتجاجات في سلم اولويات المواطن الخليجي واعتبار هذه الميزة نقطة انطلاق نحو الاصلاح اكثر من ان تكون خندقا للمزيد من الافراط في تركيز السلطات والثروات في ايديها والاستمرار في سياسة الاقصاء والتهميش للمواطن الخليجي مقابل التوجه نحو المبادرات التي تهدف الى حماية عروشها من الانتفاضات الشعبية في المقام الاول رغم كل ما يقال عن التهديدات الخارجية..والاهم هو النظر الى حق الشعوب في التعبير والمشاركة على انها من الامور المشروعة التي يمكن الوصول معها الى نقاط التقاء تحفظ للاسر الحاكمة وجودها في ظل ثقافة تحترم الخيارات الشعبية وحقوق المواطنة والانتماء ضمن وعي تام بعدم امكانية الاستمرار بتهميش الشعوب تحت ذرائع التخوين والتطاول على الثوابت الوطنية والتأليه الاقرب للمسخرة للذوات الحاكمة والاتكاء على اشرطة الفضائيات في بناء هيبة مفترضة قد لا تجد لها مكانا في ضوء الثورات الشعبية العربية الحالية..وخصوصا مع السقوط المدوي للخيار الامني القمعي أمام رياح التغيير التي يبدو انها تتخذ صفة الحتم والقدر في منطقتنا التي طال انتظارها لنسائم الحرية والتعبير الحر عن الخيارات الشعبية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى