الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتهازية تهدم قيم المجتمع السامية

حسام صفاء الذهبي

2011 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


المصالح الشخصية حين تكون هي العامل المؤثر لنشاط الإنسان وأساس تعامله وتكوين علاقاته والمحرك لسلوكياته ستعكس طبيعة ما يختلج في الذات من أمراض خطيرة سياسية او اجتماعية تكون لها اخطر الآثار السلبية التي تشكل نواة الانحراف في مسيرة المجتمع عامة ، لأنه لا سمح القدر وتمكنت هذه النفوس من امتلاك السطوة والسلطة بأي شكل من الأشكال ستتلاعب بمقدرات المجتمع وستنشر هذه الثقافة السلبية التي تعتمد النفعية والانتهازية التي باتت اليوم تعتبر من اخطر الأمراض الاجتماعية التي تنخر في جسد المجتمع وأساسه وتهدم قيمه السامية ومبادئه الراقية ..
وهذا المبدأ والأسلوب صرنا نعاني منه اشد المعاناة اليوم لأنه صار يستند إلى قوانين وضوابط وأطر أخذت تُشرّعن وتُنظّر وتُجمّل هذا الأسلوب بحيث يصبح الشخص انتهازيا شريفا في نظر البعض وهذا ما يفقد أفراد المجتمع قدرة التمييز بين الحقيقة والزيف وتضيع بذلك الحقائق ومقاييس الصفاء وتؤول الأمة إلى أشلاء متناثرة كيف لا وهي تعيش بين رموز وشخصيات تتخذ مواقف سياسية أو فكرية لا تؤمن بها بالأساس ولكنها تتبناها من اجل تحقيق مصالح فردية او حماية مصالح شخصية ضيقة بحسب تغير الظروف وهذا النوع من الشخصيات الانتهازية يتميز بقدرته على تزييف الحقائق ويؤدي دوره في الخداع والتضليل السياسي والديني والفكري في سبيل تحقيق مصالحه الذاتية وان أدى هذا الأسلوب للإضرار بالمصالح العامة للمجتمع والوطن ، ويسعى بكل قوة لتجميد قوة التفكر عند المجتمع وفبركة المفاهيم لخدمة أهدافه الضيقة في مقابل تزيين الواقع وزخرفته لإقناع الجماهير المسحوقة والمعذبة والتي أهينت كرامتها وكل مقدساتها فيبذل كل ما يمتلك من جهد في سبيل عدم ظهور الحقيقة واتضاحها ، وفي اغلب الأحيان يكون هؤلاء الانتهازيون من الشخصيات التي ينجذب إليها اغلب المجتمع أو تتمتع بسلطة معينة تجعل الكثير يخضع لها ..
كما اننا اليوم نعيش تطبيقات ومصاديق واضحة للانتهازيين باختلاف التوجهات والغايات سواء كانت سياسية او دينية او غيرها وهذا ما لاحظناه بوضوح بعد احتلال العراق وسقوط نظام صدام حيث شاهدنا المؤسسة الدينية التقليدية وأبرز من يمثلها اليوم السيد السيستاني والتي كانت لا تؤمن بالتدخل في الشؤون السياسية ، شاهدنا تدخلها وبقوة في الشأن السياسي فأصبح بيدها حل وعقد أمور العراق وتدخلت بالصغيرة والكبيرة ولم تقتصر على الأمور الحسبية كما كانت تعتقد وتصرح ، فهل يعني هذا أنها صارت رافضة لفكرة المرجعية التقليدية الكلاسيكية الحسبية وتحولت الى مرجعية هادفة صالحة مؤثرة أو ان هذا هو أسلوب الانتهاز والوصولية والقفز على تضحيات المصلحين الذين كثيرا ما وقفت بوجههم هذه المرجعية الحسبية ..
وإلا لو كان الأمر خلاف هذا الشيء لرأينا المواقف مبدئية ثابتة لأن المصلح والمرجع الهادف شجاع موضوعي ثابت على مبادئه ولا يبني حياته على شقاء وآلام الآخرين بل يضحي بسعادته من أجل تحقيق المصلحة العامة كما كان منهج المرجع المرحوم محمد باقر الصدر الذي عانى ما عانى من سلبية مواقف المرجعية التقليدية لأنه كان يرى سعادته في سعادة الآخرين لا يقبل الظلم والقهر وكان ناقدا متحركا سلاحه الحقيقة حيث كرس كل حياته للكشف عنها وإظهارها للناس ..
فإذا برز وسيطر الانتهازي على المجتمع واستطاع خداعه فكريا وسياسيا بأفكاره المشوهة عندها ستحل المصيبة لأنه في هذه الحالة سيلعب دورا مهما وبكل حرية سواء في المؤسسات الدينية او السياسية او الثقافية والإعلامية أو غيرها لأنه سيكون له دورا في توجيه القرار المؤثر في المجتمع وبالتالي فان الانتهازي ليس له موقف صريح وواضح لأن مواقفه وآراءه لا تنبع من معتقداته بل من مصالحه المتسارعة والمتقلبة فهو يقول اليوم ما ينقضه غدا ويقول إذا ما تخلى عنه بعد غد وهو لا يطرح آراءه بشكل نظرية متكاملة بل بشكل مواقف آنية كما انه لا يمتلك أي شيء يمكن ان يقدمه للمجتمع ولا يمكن أن يكون عاملا إيجابيا في مرحلة من المراحل ولا يطرح نفسه كنظام بديل لأي شيء وإن كان يطرح نفسه كرمز من الرموز ومن أسباب ذلك عدم اهتمامه بتنظيم المجتمع بل بتحقق مصالح أنانية خاصة ..
وعليه فكل فئات المجتمع من شعراء وكتّاب ومثقفين تقع على عاتقهم مسؤولية التنبيه على مثل هذه الأخطار وتحديد شخصياتها والابتعاد عن العموميات التي لا يفقهها عامة الناس وضرورة ابتعاد المثقفين عن استعمال أقلامهم للمديح والثناء على رموز الانتهازية سياسيا ودينيا وفكريا وان يتعود المثقف على التعاطي مع هذه المسائل بكل شجاعة وان يتعلم تقبل مبدأ الرأي والنقد الذاتي لأن ذلك يعود على المجتمع بالخير والشعور بالثقة في الحياة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟