الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة بين الإصلاح والحوار

علي صالح

2004 / 12 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


عندما اعتلى جلالة الملك سدة الحكم، وقرر الاستجابة للمطالب الشعبية، وإطلاق ما تعارفنا عليه بالمشروع الإصلاحي، اطمأن الكثيرون على أن البحرين دخلت مرحلة هامة من تاريخها، محاورها إجراء إصلاح سياسي واقتصادي، وإقامة حكم ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة والشفافية وتكافؤ الفرص، وإطاره العام إقامة المملكة الدستورية الديمقراطية، حيث العائلة المالكة تملك ولا تحكم، وإن هناك ارتباطاً وثيقاً بين تحمل المسئولية واتخاذ القرارات والمساءلة..

وجاء التصويت على الميثاق بمثابة التأكيد على مواصلة السير على طريق الإصلاح الشامل والمنشود، وكذلك التأكيد على مبادئ تضمنّها كلها تقريباً دستور 1973، وما استثني منها واعتبر جديداً تم تقديم ضمانات مسبقة له تمثلت في تعهدات كبار المسئولين، وأخص بالذكر منها نظام المجلسين، وصلاحيات كل واحد منهما.

وعندما طالبت قوى المعارضة وعلى رأسها الجمعيات الأربع بالحوار مع السلطة، ارادت من ذلك تصحيح مسيرة الإصلاح، واستكمال متطلباته، وضمان تقدمه إلى الأمام، وإزالة ما شابه من تراجع، وتقوية الوحدة الوطنية، ومساعدة الحكم على توفير مشاركة شعبية أكبر في العملية السياسية والديمقراطية..

فأين التقت مبادئ وأهداف الإصلاح مع مثيلتها المتعلقة بالحوار الذي بدأ في شهر يونيو الماضي ويستكمل في الفترة من سبتمبر الحالي حتى فبراير من العام القادم..

مقومات الإصلاح:

لعل الإصلاح السياسي والاقتصادي، أو المشروع الإصلاحي هدف إلى تحقيق مقومات أساسية يمكن تلخيصها فيما يلي:

إزالة الاحتقان، واستبداله بالإنفراج في الشارع السياسي البحريني، وإشاعة روح التسامح، والشعور بأهمية وضرورة تحقيق الوحدة الوطنية.
التأكيد على حقوق الإنسان، والاعتراف بها وبممارستها واحترامها، وتجسيد كل ذلك في عدد من التحركات الحية، ومنها اشهار الجمعيات الحقوقية التي تعني بهذا الشأن.
تحقيق العدالة بمستوياتها ومجالاتها المختلفة، وربط ذلك بالمساواة بين جميع أفراد الشعب، ونبذ التمييز الطائفي والعرقي، والعمل بمبدأ تكافؤ الفرص في تبؤ المراكز وشغل الوظائف، والحصول على الأعمال.
الانطلاق من حقيقة تقرر أنه لا فائدة ولا معنى للإصلاح السياسي والديمقراطي إذا لم يعني ويهدف إلى الارتفاع بمستوى معيشة المواطن، وحل مشكلاته الحياتية، بما فيها تحسين وضع الأجور وحل مشكلات البطالة والإسكان والفقر والارتقاء بمستوى الصحة والتعليم، وغيرها من الخدمات الاجتماعية والاقتصادية.
إطلاق حرية التعبير باعتبارها الأساس المتين الذي تقوم عليه الديمقراطية، بما فيها حرية الاجتماعات وإقامة الندوات والمؤتمرات والمسيرات والاعتصامات وتحرير العرائض، وتشكيل الجمعيات والنقابات والأحزاب، وكذلك حرية التعبير بالكلمة المكتوبة والمرئية والمسموعة، وحرية الحصول على المعلومات وتبادلها ونشرها بمختلف الوسائل.
إقامة مملكة دستورية ديمقراطية، يتمتع المواطنون فيها بالتعددية، وتداول السلطة، وبسيادة القانون وبتوزيع عادل للدوائر الانتخابية، ونظام انتخابي يؤكد على حريتها ونزاهتها، وتمكين الشعب من اختيار ممثليه دون تدخل أو ضغوط، وتكوين سلطته التشريعية، صاحبة الحق في التشريع والرقابة، تجسيداً لمبدأ الشعب مصدر السلطات جميعاً، بالإضافة إلى فصل السلطات ومنع هيمنة أي واحدة على الأخرى..
مقومات الحوار:

وبالمقابل، وبعد تجربة حوالي عامين من تطبيق تلك المقومات التي قام عليها الإصلاح، وبالتحديد بعد صدور الدستور الجديد في 14 فبراير 2002م، واستتباعه بسلسلة متواصلة من القوانين الرئيسية والحساسة والتي تعني بتنظيم الحياة السياسية والديمقراطية والحقوقية، والتي شكلت في مجموعها تقييداً للحريات، وخطوات إلى الوراء، وخروجاً عن الكثير من المبادئ التي جاء بها الميثاق وصوت عليها الشعب باغلبية ساحقة، عندها تحركت قوى المعارضة ممثلة في الجمعيات السياسية الأربع، ووازت في تحركها هذا بين الاحتجاج على ما حدث من اجهاض وتراجع، وفضح مجالاتها المختلفة، والعمل بإيجابية في اتجاه تصحيح مسيرة الإصلاح، ووضعها على السكة السليمة التي تمكنها من خدمة مصالح شعب البحرين وليس جهة أو فئة معينة.

وفي سبيل ذلك اتبعت المعارضة وسائل متعددة للتعبير عن أرائها ومواقفها، ضمن التمسك بالأساليب السلمية والديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر، فعقدت الندوات، ونفذت المسيرات والاعتصامات، ونظمت المؤتمر الدستوري، وعملت على إعداد العريضة الدستورية، وفي الوقت نفسه دعت إلى الدخول في حوار بينها وبين السلطة بهدف الخروج من حالة الاحتقان، والوصول إلى حل توافقي حول المسألة الدستورية، وربطت إنهاء مقاطعتها للانتخابات النيابية ومشاركتها في انتخابات عام 2006م بإجراء التعديلات الدستورية وفق آلية تعاقدية، بالإضافة إلى إعادة تنظيم الدوائر الانتخابية وإقامة الحياة الحزبية.

وفي هذا الصدد ترى المعارضة إن دستور 2002م قد تجاوز في نصوصه ما نص عليه الميثاق من تعديلات محددة يفترض أن تجري على دستور 1973م، وإن هذا التجاوز قد غير في وضع السلطات والصلاحيات، فأعطى الملك صلاحيات جديدة وكثيرة، وسلب صلاحيات التشريع والرقابة من السلطة التشريعية واعطاها للسلطة التنفيذية، وأوجد ما يسمى بتداخل السلطات وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وساوى بين المجلس المنتخب المعين في صلاحيات التشريع.

وعليه، فإن سلطة تشريعية بهذا المستوى، وبهذه الصلاحيات الضعيفة لا يمكنها أن تمارس الرقابة والمحاسبة في قضايا الفساد التي تزخر بها دوائر الدولة، ولا حتى التشريع بحيث تسن القوانين، وتتخذ القرارات التي تحافظ على المال العام، وتحل القضايا المعيشية التي اعتمدها الإصلاح في مقوماته..

وبما أن التعديلات التي تراها المعارضة وتنوي طرحها في حوارها مع السلطة هي تقويم للدستور، فإن هذا التقويم من شأنه أن يقوم الإصلاح أيضاً ويمكنه من تحقيق المبادئ والأهداف التي جاء من أجلها، والتي يتطلع لها شعب البحرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز