الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة -التقليدية- و-الجديدة-

محمد سيد رصاص

2011 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


قامت بعض الأنظمة العربية بمسح طاولة العمل السياسي المعارض،لتدجِن أحزاب(كماجرى في تجربة"الجبهة الوطنية التقدمية"في سوريا منذ عام1972)،أوتسمح بحركة محددة السقوف والايقاع لها(أحزاب تونسية قام بن علي بجعلها على هذا النمط مثل"حركة التجديد"التي خلفت الحزب الشيوعي،وقد رأينا بمصر شيء من هذا أيضاً عند حزبي"الوفد"و"التجمع" وعندما خرج حزب عن الايقاع مثل"حزب العمل"قامت سلطة حسني مبارك بوضعه خارج المشهد السياسي،فيماحصل هذا بالجزائر مع حركتي"مجتمع السلم"و"النهضة"،ولما خرج زعيم الأخيرة ،أي الشيخ عبدالله جاب الله،عن طوق العسكر قام الأخيرون بشق حركته من الداخل)،وعندما لم تستطع السلطات الحاكمة وضع بعض أحزاب المعارضة في احدى هاتين الزمرتين كانت تقوم بسحقها أمنياً عبر القمع الذي كان يصل إلى حدود استئصالية("الجبهة الاسلامية للإنقاذ" في الجزائر، و"حركة النهضة" الاسلامية التونسية ،و"الجماعة الاسلامية"في مصر،والمعارضة الاسلامية الليبية بنوعيها الإخواني والجهادي)أوإلى حدود ضربات هدفت لتجفيف الينابيع الاجتماعية للتنظيم("الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي"، "حزب العمل الشيوعي في سوريا"، حزب العمال الشيوعي التونسي، جماعة الإخوان المسلمين في مصر).
هذا الوضع أدى إلى فراغات في العمل السياسي المعارض،وإلى شلل،وأحياناً إلى انسدادات في الحركة السياسية للمعارضة:من هنا أتت محاولات لملء تلك الفراغات،كماجرى في سوريا2000-2003عبرحركة من المثقفين الذين احتوتهم "لجان احياء المجتمع المدني"،أومصر2006-2010من خلال حركتي"كفاية"و"6ابريل"والمجموعة التي التفَت حول الدكتور محمد البرادعي،فيماجرت محاولات منذ عام2006في ليبيا من قبل شخصيات كان بعضها محسوباً سابقاً على المعارضة،أوشخصيات مستقلة ،للإلتفاف حو سيف الاسلام القذافي لتشكيل مجموعة ضغط داخل النظام الليبي من أجل الاصلاح،فيمالم تجر في تونس والجزائر محاولات للقفز فوق الأحزاب،المحددة السقوف أوالمقموعة،حيث ظلت الأخيرة،بنوعيها المذكورين،قوية الجذور لتتوزع الحياة السياسية هي والحزب الحاكم في تونس بزمن بن علي ومع مجموعة الأحزاب الموالية والمحددة السقوف التي استظلت بفيء عسكر الجزائر منذ انقلاب عام1992أثناء توليها للإدارة الحكومية.
عندما جرت حراكات اجتماعية ضد السلطات الحاكمة في تونس(17كانون أول2010-14كانون ثاني2011)وفي مصر(25يناير-11فبراير2011)وفي ليبيا(17فبراير-23أوغسطس2011)وفي سوريا(منذ18آذار2011)،بانت تأثيرات الصورة السابقة للعمل السياسي المعارض على تلك الحراكات،لتكون معظمها ذات طابع عفوي من أولها إلى آخرها كما حصل في تونس حتى لحظة سقوط بن علي،وهو ماوجد أيضاً في سوريا(ماعدا المظاهرات في المناطق ذات الغالبية السكانية الكردية التي يبدوفيها الحراك منظماً وممسوكاً ومحدد الايقاع من قبل الأحزاب هناك)حيث تحاول الأحزاب،الخارجة من السجون والعمل السري أونصف السري،اللحاق لملاقاة حركة الشارع العفوية بعد أن كسر الأخير صياماً عن السياسة استغرق ثلاثة عقود،فيماأدت العفوية يعد شهرين من الحراك السوري إلى نشوء ماأسمي ب"المعارضة الجديدة" ممثلة في "التنسيقيات" ،التي أنشئت على عجل ،وهي في الغالب الأعم من قبل أناس بلاتجربة سياسية حزبية منظمة،فيمانجد في الضفة الأخرى ماأطلق عليه البعض ب"المعارضة التقليدية"ممثلة في أحزاب معارضة سابقاً دخلت السجون والسرية،أوشخصيات مستقلة معارضة قديمة،وهو مااحتوتها تحالفات تشكلت حديثاً مثل"هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي" (25حزيران2011:يسار بألوان ثلاث: عروبي وماركسي وكردي) أو"مؤتمر الانقاذ"(استانبول-16تموز:الاسلاميون بتنوعاتهم بمافيهم"الاخوان")أوتحالفات قديمة مثل"اعلان دمشق"(16تشرين أول2005:ليبراليون وأكراد موالون للبرزاني والطالباني). في مصر الثورة على مبارك كانت "المعارضة الجديدة"("كفاية"و"6ابريل"ومجموعة البرادعي،وحركات شبابية تكونَت عبر الفايسبوك )هي عصب مظاهرة 25يناير التي لم تتجاوز آلافاً قليلة لاتتعدى العشرة،فيماكان تجمع الجمعة28يناير يقارب المليون بفعل مشاركة معارضة تقليدية (الاسلاميون بفرعيهم:"الاخوان"و"الجماعة الاسلامية"مع ردف الأخيرة بالسلفيين) بينما ظهر أن الأحزاب التي خرجت عن سلطة مبارك بأيام الثورة،مثل"الوفد"و"التجمع"،لاتملك وزناً كبيراً في الشارع وهو ماتم لمسه بجلاء لمانزلت هذه الأحزاب إلى ميدان التحرير.في تونس بان الوزن الأكبر ،ولكن بعد سقوط بن علي،لأحزاب مقموعة خرجت من السجون والعمل السري والمنافي مثل"حركة النهضة" و"حزب العمال الشيوعي"،فيمالم تستطع الأحزاب التي كانت تحت خيمة الحكم السابق أن تثبت وزناً قوياً لاهي ولاالأحزاب الجديدة التشكيل.في ليبيا،ظهر أن المنشقين عن النظام عقب ثورة17فبراير،سواء كانوا مدنيين(المستشار مصطفى عبدالجليل وزير العدل)أوعسكريين(اللواء عبدالفتاح يونس وزير الداخلية)،أوالذين خرجوا من مجموعة سيف الاسلام( الدكتورمحمود جبريل)،لهم قوة أكبر من مجموعة المعارضين القدماء وإن كان الاسلاميون،وليس الليبراليون أوالموالون للحكم الملكي،قد أظهروا قوة يمكن أن تنافس "المعارضين الجدد"،الذين خرجوا من تحت عباءتي القذافي وابنه،في مرحلة مابعد23أوغسطس2011.
إذا تركنا ليبيا،حيث "المعارضين الجدد"ذوي خبرة سياسية أخذوها من الإدارة والمؤسسات التي كانوا يتولوها أوكانوا فيها،فإن "المعارضة الجديدة"في مصر وسوريا(ومعظمها شبابية وبلاتجارب تنظيمية سابقة،في البلدين)تظهر شجاعة ربما يفتقدها الآن(وليس سابقاً)من خبر السجون والعمل السري مع افتقاد كبير واضح للمعرفة في حرفة السياسة عندها بعكس "المعارضة التقليدية"،مع تسجيل مفارقة وضع البلدين عندما نجد رجحاناً واضحاً ل"المعارضين التقليديين"في مصر من حيث القوة المجتمعية في مرحلة الثورة على حكم مبارك ومرحلة مابعده،فيمانجد الوضع معاكساً في سوريا حيث من الواضح أن"المعارضة التقليدية"،بكل أنواعها بمافيها"الإخوان"،ليست ذات التأثير الأقوى في شارع مابعد18آذار2011،وإن كان الشارع مازال عفوياً في حراكه على الأغلب حيث لم تستطع"التنسيقيات"،بأنواعها التي هي من "المعارضة الجديدة"أو"مختلطة"بعد دخول بعض التنظيمات عليها،أن تقول حتى الآن بأنها تقود حراك الشارع المتظاهر.
إذا أردنا التكثيف يمكن قول بعض الاستنتاجات:في تونس ومصر كانت الأحزاب الخارجة من القمع والسجون والسرية هي سيدة ساحة الخريطة السياسية لمابعد التغيير الذي كان بقوة شارعية عفوية في تونس بخلاف مصر،ولم تستطع"المعارضة الجديدة"بشكلها الشبابي أوبتشكيلات حزبية جديدة،أن تشكل منافساً جدياً لها في الشارع،لاهي ولاالأحزاب التي كانت تحت مظلتي بن علي ومبارك.في سوريا لم تظهر"المعارضة التقليدية"ماأظهرته نظيرتيها في مصر وتونس،وإن كان من المرجح ان لاتستطيع "المعارضة الجديدة"أن تشكل بديلاً عن "التقليدية"أوأن تقفز عن أطر التيارات السياسية القائمة:اسلامية،قومية(عروبية أوكردية)،ليبرالية،ماركسية،وإن كان من المحتم أن تقفز عن بعض الأطر الحزبية القديمة لتشكل أخرى جديدة ولكن في أطر احدى هذه التيارات السياسية الأربعة المذكورة.في ليبيا سيكون الوضع أكثر تداخلاً بين هذين الشكلين للمعارضة ومن المرجح أن يختلطا ويتوزعا على التيارات السياسية في مرحلة مابعد القذافي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى