الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعيدوا لاهوار الجنوب خضرتها وطيورها

حميد الموسوي

2011 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في اربعينيات القرن الماضي قام طبيب بريطاني بجولة سياحية في العراق شملت المناطق الاثارية , والمدن الدينية , والمصايف السياحية , ومعظم المدن العراقية واريافها , لكنه وجد نفسه مشدودا بقوة لاهوار الجنوب العراقي مسحورا بطبيعتها الخلابة , مشغوفا بمياهها الواسعة الامتداد الصافية الزرقة محتضنة طيور الماء المهاجرة في رحلة ذهابها وايابها, غامرة كل اصناف المخلوقات المائية , ملوحة باعواد القصب الاخضر المديد .
ماخوذا بتصاميم بيوت القصب وزخارفها الفطرية , معجبا بكرم وبساطة وعادات وتقاليد سكانها سومريي السحنة والامتداد والجذور .
فلم تطاوعه قدماه الرحيل وقرر الاقامة الدائمة متعايشا مطمئنا من طيبة ناسها متلذذا بحليب الجاموس , وخبز السياح والطابق مع سمك الشبوط والبني والخضيري والبش والبط , مستانسا بمواويل المحمداوي الشجية وابوذيات الحزن الجنوبي الازلي واغاني الصبايا في اماسي الاعراس والاعياد والمناسبات .
طيلة اقامة هذا الطبيب – الذي قدم خدماته الطبية لمضيفيه والتي امتدت لعدة سنوات – عكف على دراسة مجتمع الاهوار مستعينا بما كتب عن حضارة وادي الرافدين من دراسات عالمية فتوصل الى نتائج اكيدة وثقت عمق هذا المجتمع وامتداده وارتباطه الوثيق بالحضارة السومرية مستعينا بالصور والاشكال القديمة وتطابقها مع سحنة واشكال المجتمع الحاضر .
لم يكتف بدراسة المجتمع بل امتدت دراسته الى عالم طيور الاهوار التي تجاوزت الستين نوعا وتعجب من دقة تشخيص سكان الاهوار من حيث وضع اسم خاص لكل نوع من تلك الطيور والاسماك والنباتات .
كانت علاقة الطبيب وثيقة برجال الدين في تلك المنطقة وخاصة السيد سروط وعائلته التي تتمتع بنفوذ واسع واحترام واجلال سكان الجنوب , وكذلك شيوخ العشائر والوجهاء , وقد وثق تلك المعلومات مصحوبة بصور ملونة جذابة في كتاب كبير صدر في سبعينيات القرن الماضي .
كان الطبيب يطلق على الاهوار : جنة الله الجنوبية .
لقد فجعت جنة الاهوار في ثمانينات القرن الماضي حين امرت سلطات الحرب العبثية بتجفيف الاهوار ورصدت لذلك الاموال الطائلة مستعينة بالجهد الهندسي العسكري والمدني مستنفرة كل الطاقات لازاحة الاهوار خوفا من تواجد المعارضة فيها .
فجففت المياه وقضت على الطيور والاسماك والنباتات وهجرت السكان .
مع قدوم العهد الجديد استبشر سكان الاهوار الذين تشردوا في القرى القريبة ولم يستطيعوا التكيف والعيش فيها استبشروا بان تعيد السلطة الجديدة الحياة لجنة الجنوب وطيورها واسماكها لكن مرور السنين السبع لم يبشر بالعوة المنشودة لهذه الجنة .
ذكرتنا الزيارة التفقدية لمعالي وزير البيئة الاخ سركون لازار لاهوار الدملج وتاكيده العمل على جعل المنطقة محمية اهوار الوسط وابدى تاثره الشديد لبطئ عمليات احياء اعظم جنة سياحية في المنطقة العربية وحجم المردود المالي الذي ستوفره هذه المنطقة فيما لو امتدت اليها اياد الاعمار المخلصة .
ذكرتنا هذه الزيارة باهوار الجنوب وعاشقها الطبيب البريطاني .
وكلنا امل ان تستجيب الحكومة لمقترحات ومشاريع وزارة البيئة لاحياء الاهوار وجعلها قبلة للسياح من جميع انحاء العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م