الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة الهشك بشك المدنية ...!؟

جهاد نصره

2011 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يقارب الباحث موضوعه من منظور سياسي مجرَّد كما فعل المفكر المحترم ـ طيب تيزيني ـ فإنه سيجد نفسه مضطراً للقفز فوق الكثير من الحواجز الثابتة الراسخة كل حاجز منها كافٍ وحده لنسف الهدف الذي وضعه الباحث نصب عينيه.. ثم إنه لا يبقى مستغرباً في هذه الحالة أن يتطابق حديث الباحث الدكتور ـ تيزيني ـ عن الدولة المدنية مع حديث الباحث الدكتور النائب الشيخ ـ محمد حبش ـ عن الدولة المدنية في الإسلام...!؟
في مقاله الأخير المنشور في هذا الموقع حاول الدكتور ـ تيزيني ـ أن يضع بعض المجموعات الإسلامية أمام استحقاق الدولة المدنية التي يبشِّر بها مثله مثل باقي أطياف المعارضة السورية التي أجمعت وتوحدت حول هذا الاستحقاق من غير أن يتحدث أحدٌ من هذا الربع عن السبيل إلى تحقيق ذلك اللهم ما عدا ترداد المقولات العامة من قبيل المساواة والعدالة والحقوق...!؟
يكتب الباحث قائلاً: ( كان النبي الكريم من الحصافة بحيث إنه وضع يده على "آلية" مناسبة لفهم العلاقة بين النص والواقع، ومن ثم لإدراك أن النص "الثابت" من أجل امتلاكه مصداقية، يجب أن يفهم متحركاً، وقد قاد ذلك إلى التمييز النسبي بين متطلبات الواقع وبين الإطار النصي الذي يستوعبها، وكان على القوة الإسلامية العربية، والحال كذلك أن تقتحم الآفاق عبر تجاربها العلمية الصعبة وقراءاتها النظرية، وتصل إلى حالة أو حالات من العقلانية والتوازن المجتمعي والتنوير الأخلاقي إضافة إلى التجذّر في وطنها العربي ذي الفسيفساء الرحب، بحيث تعيد النظر نقدياً وبحسب قانون التوازن بين الواقع والعقل، في ما تأخذ به من آراء ومبادئ ) وإذا ما سلمنا جدلاً بدقة ما سبق فإن مقتل البحث كان في الخلاصة التي أوردها والتي تؤكد على أن المقاربة هذه إنما تتم من خلال منظور سياسي راهن خلاصة الكاتب تقول: ( وهذا ما راحت مجموعات إسلامية تضعه موضع الفحص والتدقيق، وذلك على نحو يحقق حداً ضرورياً ومتطوراً من التجادل الفهمي بين المشكلات التي تواجهها الآن في ربيع الوطن، وبين الفكر الإسلامي في سياق وهج هذا الربيع ). ومع أن الكاتب تعمَّد وصف الكيانات الإسلامية بالمجموعات حتى لا يقول صراحةً جماعات الإخوان المسلمين أوسواها من التنظيمات المحدودة العدد والتأثير كالتيار الإسلامي الديمقراطي وحزب التحرير الإسلامي وبعض العجائز الإسلاميين من الحقوقيين والشخصيات المفردة فإنه من العبث المنهجي تصور أن هذه المجموعات أوغيرها من الإسلاميين يمكن أن يقبل بحركية النص القرآني التي يراهن عليها باحثنا مثلما راهن عليها من دون جدوى الكثيرون قبله كجمال البنا ونصر حامد وغيرهما.. إذن لماذا الهرب من الحقيقة والرهان على المستحيل..! المسلمون مؤمنون بالمطلق بأن القرآن كما هو صالحٌ لكل زمان ومكان بحيث لا يعود هناك نفع إن تعددت قراءاته وتأويلاته فمن هي وأينها تلك المجموعات التي يقول الباحث إنها راجعت نفسها نقدياً وأنها وضعت قانون التوازن بين الواقع والعقل موضع الفحص والتدقيق بحيث صار يعَّول عليها في مسألة الدولة المدنية وعليه فكيف ستكون دولة يساهم إذا لم نقل يشرف على بنائها جماعات إسلامية زركشت خطابها السياسي لغوياً وحسب كيف ستكون دولة مدنية يعيش فيها الناس سواسية في حين أن الحاكم والحكم فيها هو النص المقدس الصالح لكل زمان ومكان هل وجد الباحث الفاضل مجموعة إسلامية واحدة قدَّمت قراءة معاصرة للنص القرآني تسمح بالمراهنة..! معروف عن الجماعات هذه بأنها لاحقت وكفَّرت جميع الذين حاولوا تقديم قراءة معاصرة للنص القرآني العمى حتى فتاوى ابن تيمية لم يسبق أن راجعتها هذه المجموعات التي يعوِّل عليها الباحث فيقدم لها شهادته هذه لكن أكيد لن تكون مجاناً فيما لو..!؟ ثم هل بإمكان الباحث أن يورد مثالاً واحداً عن دولة مدنية أو شبه مدنية في الماضي والحاضر عرفها المسلمون أو تعرفوا عليها حتى يمكنه التعويل على خطاب الجماعات الإسلامية بعد أن تمَّ حشوه بلغم الدولة المدنية..!؟ نعم يرد مفهوم الدولة المدنية في الخطاب السياسي المستجد لهذه الجماعات لكنهم لا يخفون في الوقت نفسه أن المرجعية الوحيدة لدولتهم المدنية هذه ستكون الشريعة الإسلامية أما إذا كان الباحث ـ تيزيني ـ وباقي أطراف المعارضة السورية وبعد أن توافقوا سياسياً مع هذه الجماعات والشخصيات في سياق الأزمة الراهنة يقرون بأن دولة الشريعة هذه يمكن أن تكون مدنية وديمقراطية فهذا ما لا يقرَّ به الباحثون المحترفون إنما يفعلها السياسيون والذين عيونهم شاخصة إلى حيث يبتغون وهذا حق لا ينكره عليهم ملعون ولا مجنون يا حيزبون ...!؟
يا عمي وإيدي على شيبة رأس ـ أم علي ـ إن المعبر الوحيد الصالح والموصل إلى الدولة المدنية الديمقراطية يكمن في فصل الدين عن الدولة بغض النظر عن النظر في إمكانية ذلك من عدمه في المجتمعات الإسلامية وكل حديث ما دون ذلك هو حديث سياسوي يكثر إبان الأزمات السياسية ويدخل في سياق الصراع على السلطة لا غير ونحن نتفهم حالة بعض اليساريين الذين يتهربون من الإقرار بهذه الحقيقة لأننا نعلم أنهم يعلمون أن الدولة المدنية التي يجري الحديث عنها هذه الأيام هي دولة الهشك بشك وهي لن تكون إلا على شاكلة دولة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قناة الجزيرة القطرية...!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا