الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظة متواضعة ،بين اشكالية حنظلة الفرد ، واغتيال الفكرة

نضال حسن

2011 / 8 / 31
الادب والفن


عند امتداد يد الظلام بكاتم الصوت لتطال جبين ناجي العلي الندي بضباب لندن في اشتياق البلل من صباحات الشجرة المهجرة في الجليل ، فان المواجهة تقع هنا ليس مع حالة من التصفية الفيزيائية لوجود كائن يحمل اسما وعنوانا ومهنة ، وانما امام السياق الطبيعي لردات الفعل االعصبية الجبانة المخصية من اعداء -عرفهم ناجي واشار عليهم بحنظلته ، ولحسن المصادفة او لعدالة ممكنة في وعي فقراء الوطن فان حنظلة ارتقى للخلود في الوعي الجمعي الفلسطيني ، وارتد مغتالوه
الى ""اسفل السافلين""" بعبارة الذكر الحكيم .
ولعل حنظلة بانطلاقته واعادة انبعاثه ثانية باغتيال الروح التي حملته واقتسمت ذاتها معه يتكثف فيه التصوير للفرد الاشكالي ، من خلال ابرز ما يتقاطع مع واقع اشكالية حنظلة في احدى لوحات ناجي العلي الكاريكاتورية ، التي يصور فيها حنظلة ببراعة بالغة في استخدام الموروث الثقافي والادبي الانساني ، مسجى هامسا للارض في موته اللحظي باختراق احد اسهم المعركة لكعبه المدمى ، اذ ان استخدام ناجي العلي للاسطورة الاغريقية ""طروادة""في هذه اللوحة واضح ، وتصوير حنظلة عبر الشخصية الاشكالية في هذه الاسطورة ""آخييل"" يتضح بشكل اكثر تعليلاً عندما نتطلع بدور حنظلة في كاريكاتير ناجي العلي ،كونه الشخصية المركزية فيه ،والفرد الاشكالي بامتياز ، اما لماذا نعتبر حنظلة فرداً اشكالياً، وبامتياز ايضا ؟.
نتعامل مع حنظلة على انه الممثل الابرز والتعبير المكثف عن الفرد الاشكالي في الكاريكاتير الذي قدمه ناجي العلي ، حتى في لحظة وجوده الاولى ،فهو قد سقط الى عالم البشر / العالم المادي ، من عالم الوعي ،عبر آزمة يعانيها الميدع الذي خلقه ، وقد آتى الى لوحات ناجي العلي كثوري خبير متمرس ،صاحب حق تاريخي ،ومتجذر في الدفاع عن هذا الحق ، وبمراقبته ومعاصرته لما مر بالقضية التي تبناها ،كثيراً ما وقف في وجه اكبر الخيبات واصعب لحظات الخذلان ، فبعد ان قدم ليقلب العالم بشكل منحاز للمستضعفين ، وجد ان اضطهادهم وضعفهم يزداد ويتعقد ، الا انه كان على دراية واعية ممتزجة بالفطرة بسبيل الخلاص ،فالثورة بوصفها قلباً جذريا لمعطيات الواقع وفرضاً للحقيقة مرسومة في مخياله ، لكن آين السبيل لكي ترى النور .
لقد واجه حنظلة الاصطدام الفظ بحركة الواقع تماماً ، كما واجهت هذا الاصطدام مروحة من الشخصيات الاشكالية ، من آبطال آعمال ادبية خالدة ، كالزير سالم في التراث العربي مثالاً ، آو هرقل وآخيل في التراث الاغريقي ،واللاز عند الطاهر وطار ومتعب الهذال لدى عبد الرحمن منيف في رائعته الخماسية مدن الملح، زوربا في ما قدمه كازنتزاكس لاثراء الادب العالمي ،وحنظلة لدى ناجي العلي ،وتجدر الاشارة في هذا الموضع الى ان حنظلة بما يمثله كفرد اشكالي انما هو في صلب الادب الملحمي والاعمال الكبيرة ، وببساطته ، عفويته ، وموقفه النقدي من كل ما هو حوله انما يستحق ان يطلق عليه مفهوم الفرد الاشكالي ،لما حمله من مسؤلية اتجاه الاخرين ،كما في حالة الشخصيات الاخرى المستعان بها هنا .
اذا يتجاوز حنظلة تعريفه كفرد اشكالي في العمل الادبي خاصة ناجي العلي ، ليكون فرداً اشكالياً بامتياز ، هذا ان مجمل اعمال ناجي العلي قد امتازت بعد خلقة لحنظلة اول مرة بحضور بارز وغير موارب لحنظلة ، فقد اصبحت احدى ادوات تحليل ناجي العلي -حنظلة نفسه-اكثر من مجرد اعتباره مؤشر كآحد المؤشرات الاخرى . وبهذا يتفق استخدام ناجي العلي لحنظلة مع تعريف فيصل دراج للفرد الاشكالي في كتابه ""نظرية الرواية والرواية العربية ""على انه الذي يسقط في التيه حين يلتقى بالعالم ،كان بين الطرفين ،هوة متجددة لا يمكن عبورها ،وتصدر القطيعة كما يرى لوكاتش الذي صدمته حرب مروعة ،عن بطل متدهور يبحث عن قيم اصلية في فهم عالم متدهور بدوره وبوسائل لا يعوزها التدهور ايضاً " (دراج،1999،38).


ملاحظة حول الملاحظة : ان الفرد الاشكالي كمحور للتحليل الادبي ، هي احد الادوات التي تتميز بها المدرسة البنيوية التكوينية/التركيبية ،لتحليل الادب ،والتي -آي البنيوية التكوينية - طورت في شكلها الحالي عبر الاسهامات التي قدمها لوسيان غولدمان في هذا الاطار بناءا على ما قدمه من قبله جورج لوكاتش ، مرسمين حدود هذه المدرسة الماركسية في دراسة الادب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يتراجع 6 مراتب في اختبار إتقان اللغة الإنكليزية للعام


.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم




.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع