الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الأحزاب السورية.......(2) فكرة الوحدة في التفكير الحزبي العربي

فراس سعد

2004 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ليست مشكلة الوحدة و التعدد في التفكير السياسي وقفا على الأحزاب السورية و العربية عموما لكنها مشكلة الفكر السياسي العربي في الأساس بل مشكلة الفكر العربي عموماً فلقد درج العربي في باديته على العيش في قبائل متناحرة و عشائر متاحرة بدورها ضمن كل قبيلة و لذلك فقد فطر العربي البدوي على شعورين متناقضين و متلازمين شعور الاستقلالية في قبيلته و عشيرته و ذاته المتضخمة و شعور ناتج عن الفقر و الجوع يدفعه لمزيد من القوة التي لا تتحقق إلاّ بالوحدة التي تعني مزيدا من الكلأ و المراعي و الماء ..
كان الشعور بالأستقلالية متلازما على الدوام مع التعددية و على العكس كان الشعور بالأنسحاق و القهر متلازما مع التوحد في كيان بلوك تحكمه قوانين صارمة..
و لأن العرب قبل حركة النبي محمد الأسلامية و بعد أفول الحكم العباسي كانوا وصاروا إلى حالة من التعددية القبلية السياسية الفكرية المذهبية الطائفية تعددية أقرب إلى التناحر منها إلى التنافس أقرب إلى الألغاء منها إلى التجاور أقرب إلى التقوقع و التكفير منها إلى الأنفتاح و الحوار و التسامح و التفهّم و التفاهم صار التوحد لديهم حلما و أملا تعويضيا بديلا عن الواقع التاريخي والواقع الراهن أيضا و هو مطلب و تعويض ضروري للتوازن النفسي أكثر مما هو دافع للتوحد الفعلي و تجارب التوحد العربية الكيانية و الحزبية لا تعطي أملا و لا تشجع على المزيد .
من هنا من هذا المنطلق التاريخي الأجتماعي يجب أن نفهم و نقدر هاجس كل سياسي و حزبي عربي هاجسه الأكبر أي الوحدة لأنها تعني لديه في المستوى الباطن و العضوي أيضا, تعني الأستقرار و الوفرة و الأطمئنان , لأن النفس العربية التي تعبت من الترحال في البوادي طلبا للحياة و هربا من سيوف السراب و المنافسة تطلب اليوم الأستقرار لكن هذا الذي تطلبه ما زال بدائياً مثلما كان قبل ألف أو ألفي عام , إنها تطلب الوحدة لأن الوحدة تعني لديها مسألة كم و كثرة بدليل أن النبي العربي قال تكاثروا إني مفاخر بكم الأمم و التكاثر في قبائل العرب التي تشكل أمة العرب قبل 1400 عام كان ضروري لتكوين أمة قوية تصارع الأمبراطوريتين الروماتية و الفارسية من أجل الوصول إلى جنة الشام بل و جنان فارس و الروم و الخروج من الدائرة المغلقة التي حتمتها الطبيعة على العرب في بادية لا تمنحهم خيار آخر سوى أن يكونوا جميعا قتلة أو ضحايا, مثلما أن التكاثر ما زال يعني حتى اليوم لدى الفكر الحزبي العربي القوة فحزب البعث السوري الذي كان يشجع على زيادة أعداد السوريين بل و يمنح المبرزين في ذلك الأوسمة بلغ تعداده اليوم مليون و نصف حزبي ليس لشيء إلا لتخويف العدو بالكثرة التي غلبت الحكمة !! و لحرمان الأحزاب السياسية الأخرى في سورية من شباب جدد يرفدونها بدم جديد و لانعتقد أن هؤلاء المليون و نصف يشكلون حزباً و إنما هلاما بشريا يعبر عن مجتمع كامل لكنه حتما لا يعبر عن هوية حزب و هو في الأصل لا يملكها .
الوحدة في العقل الحزبي العربي تعني الكثرة إذا و من ثم دمج المتعدد في كيان أو بوتقة واحدة لذلك تكثر في الأدبيات الحزبية العربية عبارات و مترادفات مثل البوتقة , صهر, الواحد , الموحد .....
لكن ألم يدرك سياسيوا و حزبيو العرب- و سورية أولا- أن الوحدة تعني أيضا لاسيما حسب أعمالهم و أفعالهم مزيدا من الضعف بكل معانيه المادية و النفسية بل و لاحقا تعني مزيدا من التفكك لاسيما بالنسبة للتجارب الوحدوية الدمجية البلوكية االمنصهرة في بوتقة واحدة ؟!
من هنا نفهم الأستبداد الحزبي العربي تبعا للجذور الفكرية لمفهوم الوحدة التي تعادل في الفكرالحزبي العربي مفهومي الكثرة و الدمج أو-المفهوم المدمج بدوره - دمج الكثرة , فطالما أن هذا هو المفهوم الوحيد للوحدة صار ت الوحدة تكثير الأعداد البشرية بالتكاثر أو مزيدا من التناسل أو التنسيب للحزب ثم دمج هذه الأعداد الكثيرة المتكاثرة في بوتقة توحيد واحدة موحدة ثم الحفاظ على هذه الحالة بالقوة الأمنية و القهرية و الأفقار و القمع و الأهم التنظير الفكري السياسي لمعنى الوحدة وفقا لمفهوم الدمج و الكثرة بحيث اصبحت التعددية في الرأي خطرا على الوحدة لأنها سوف تعني لاحقا تميزا للبعض داخل الحزب و عنه في نفس الوقت الأمر الذي لا يمكن أن يفهمه أشخاص من مستوى الأحمر أو الأخضر أو الأصفر أو صدام أو عبد ال ...إلا من قبيل خيانة الحزب و الوحدة ووووو فالتعددية وهي أولا تعددية الرأي و التفكير تشكل خطرا على مفهوم الوحدة الكمية و الدمجية و خطرا على حراسها مؤسسي الأحزاب الوحدوية التي صارت تفرخ من بعضها البعض و تتكاثر – متعددة متباعدة- في سبيل الوحدة و التوحيد الواحد الأوحد و الموحد, ... وّحدوه !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران