الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبق الاصل

عبد الستار العاني

2011 / 9 / 1
الادب والفن


طبق الاصل....... عبدالستار العاني


صباح فا ترمكسال بنبرة تثاء ب واضحة ، الشمس بدت فاترة هي الاخرى اثرنعا س
كا ن باديا على وجهها ، هواء ساكن ثقيل ، الاشجار متهدلة الاغصا ن وكأنها تريد
ان تستلقي على ظهورها فقد اتعبها الانتظار ، يوم رتيب ، الناس يتحركون
مثل دمى ، احداقهم يرتسم فيها الخوف . يتوجسون ما ستأتي به الساعا ت القادمة .
ثمة مقهى عند رأس الزقا ق تسكعت فيه وجوه تملؤها الحيرة ، يتبادلون احا د يث
ساخنة بحذر شديد يصبون لآما ل ظلت مدافة با ليأ س.
ترتعش شاشة التلفاز فجاة بضوء ينداح بعدها عن وجه المذيع ، صوته يندلق بنبرة حادة
ومنفعلة .
-: نسترعي انتباه جماهيرنا اننا سنذ يع عليكم خطابا هاما.......
صخب موسيقى من مارشات عسكرية ..... لم تكن غريبة
الرقاب تشرأب ، حدقات العيون تتسع ، الحد يث يخفت بين الحاضربن متحولا الى
صمت وترقب، ضوء ينفرج عن وجه الشاشة ، يطل وجه بخدين علتهما حمرة واضحة
اوداجه تدلت فوق الرقبة ، بدلة انيقة وياقة منشاة .
الخطاب بدأ بكلمات راحت تتصاعد منها ابخرة ساخنة وهي تزداد قوة ،مفردات ثورية
ملتهبة كادت ان تخترق الشاشة .
-: سوف نسحق... سوف نمحق...لن نستسلم ابدا....ما احلى الموت من اجل النصر....
كرات من نار تشظت وتوزعت بين الجالسين ثم انتشرت في كل زوايا المقهى ،تلوت
مثل افعى ثم انسا بت مغادرة باب المقهى .....
اصداءه تردد ت في انحاء المدينة ، جموع احتشد ت ، اصوات اصطخبت مثل بركان
وهي ترد د ...... النصر...... النصر.......
وحين جن الليل وهو ينضو رداء عتمته وعند منتصفه ، اشرقت السماء بأعمدة من
اضواء لاصفة بالالوان وهي تصعد نحو السماء ظن البعض انها العاب نارية وحين
استمرت قا ل آخرون : من يدري ربما بدأت الاحتفالات با لنصر، انتظار وترقب،
لكن الاضواء تحولت الى كتل من نار ولهيب، اصوات انفجارات اعقبتها دمدمات
وازيز، اسراب الغربان كا نت تحلق بأجنحة الموت وهي تطلق نعيقا من حمم ،
الارض تهتز بمن عليها ، تلبد ت السماء بالموت والذعر والحيرة وظلت علاما ت
الاستفهام على الوجوه .....؟؟؟؟؟؟؟؟
تدلت الاجابة من بين شفاه الفجر حين ارخى اول خيط عن كرنفا ل مشاهد الموت
المريعة جثث القتلى وهي ترسم ظلالها في كل مكان ، الجدران موشاة بالدم واللحم البشري ، البيوت اطبقت جدرانها فوق رؤوس ساكنيها ،رغم حزنه العميق
والدموع التي تجمد ت في عينيه الا انه احسس بصفعة انتزعته من خدر
امام مشاهد لم يألفها من قبل ، كان يصرخ بصوت مكتوم وهو يرنو الى افراد
عائلته جثثا ملقا ة تحت الركام .
لحظات الغت كل احاسيسه ومشاعره وان الانسا ن هوالآخر قد احتضر في اعماقه ولم
يعد اما مه الا الارتحا ل ، لا ماء ولا طعام ولا مأوى الى اين .....؟ لايدري......
هام وقد وجد نفسه في عالم غريب عليه ، الا ان سيارة فارهة توقفت
قريبا منه و قد انتشلته من وحدته ، لمح بعدها رجلا وهو يهم با لنزول منها
كان محاطا بثلة من رجا ل وهم مدججون بالسلاح وحين امعن النظر
عرفه بلحمه وشحمه واناقته المفرطة ، اخترق حاجز الرجا ل دون وعي
بكل طاقا ت حزنه وحقده ، الكلمات تحشرجت في صدره وبلهجة خلت من
الخوف قال له -: كان خطابك رائعا حين شربنا كأسنا حد الثمالة
جعلنا ننتشي بلذة الخد ر، ركضنا بكل ما اوتينا من قوة نحو آمال خادعة
رسمتها فوق غيمة من سراب لا بئس ولكني اسالك هل شاهدتم ما لحق بنا
من موت ودمار وخراب.....؟
رد عليه بلهجة لاتخلو من وقاحة
-: رغم المسؤوليات الجسام والوقت والجهد الذي كان يستنزفنا فقد كنا متابعين لاخباركم.....
رد عليه ساخرا
-: اعانكم الله على ما انتم فيه...فقد اخذت صفقات الخفاء الكثير من وقتكم اليس كذلك...؟
رد عليه بوجه علته صفرة وآثار زبد في شدقيه قائلا
-: اعدكم انني سازور المدينة لكي اطلع عن كثب على ماخلفه العدوان.......
دارت سيارة المسؤول مخلفة وراءها خطوطا من الغبار الداكن ، لكنه سقط في دوامة افقدته الذاكرة لايدري بعدها الى اين ....؟؟؟ لكنه راح يردد :-
:- كلهم طبق الاصل ولا يختلف الواحد عن الآخر ،
بعدها ظل هائما وما زال يدور ويدور لحد الآن.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا