الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخالفه دستوريه من الماضي

احمد الجوراني

2011 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يعرف الدستور من قبل فقهاء القانون الدستوري بانه عقد اجتماعي بين الحاكم ( الطبقه السياسيه ) والمحكوم ( الشعب ) , فهو يكتب من قبل النخب السياسيه ويوافق عليه الشعب من خلال الاستفتاء عليه , وغالباً ما تتم مخالفته والتجاوز عليه من قبل السياسي الحاكم وهذا التجاوز او المخالفه هو دليل على عدم احترام السياسي لنفسه اولاً لانه من كتبه وللشعب ثانياً لانه من وافق عليه.
بعد الحرب العالميه الاولى وفي مؤتمر لوزان للصلح سنة 1923 ترتب على الدوله العراقيه الفتيه مبلغ عشرة ملايين جنيه تسديداً عن د يون بذمة الامبراطوريه العثمانيه كون العراق احد الولايات المنسلخه عن الامبراطوريه وبذلك يتحمل جزء من هذه الديون وفي وزارة جعفر العسكري التي تأ لفت في 21 ت2 سنة1926 كان السيد ياسين الهاشمي (رحمه الله) وزيراً للماليه الذي سنحت له فرصة شراء اسهم وسندات مطروحه للبيع باثمان بخسه تعادل 15% من قيمتها الحقيقيه فاخذ على عاتقه مسؤلية استغلال المبالغ المخصصه في الميزانيه العامه لشراء هذه الاسهم من اجل تسديد الدين العراقي دون ان يستشير مجلس الوزراء او الحصول على موافقة مجلس النواب خشية افتضاح الامر في الاسواق الماليه الذي يؤدي الى ارتفاع اسعار الاسهم وانتفاء الغايه من الاقدام على هذه العمليه , فاستطاع شراء تسعة ملايين ونصف المليون من الجنيهات – بشكل اسهم وكوبونات – بمبلغ لايتجاوز مليون ومئتان وثلاثون الف جنيه تخلص بها العراق من اعباء دين طويل .*
لقد ارتكب هذا الوزير مخالفه دستوريه صريحه بعدم رجوعه الى مجلس الوزراء او الحصول على موافقة مجلس النواب ولكنها مخالفه تصب في مصلحة البلد , وليت كل مخالفات اليوم تكون مثلها , ان هذه الحادثه لها دلالات عديده منها ان السيد ياسين الهاشمي(رحمه الله)كوزير يتمتع بكفائه مهنيه عاليه ونزاهه , فهو حافظ على المال العام وساعد على اطفاء الدين العراقي عكس وزراء العراق اليوم وسلطته التنفيذيه الذين يبعثرون اموال البلد ذات اليمين وذات الشمال من خلال الصفقات الوهميه الفاسده والعمولات المشبوهه.
اما كسياسي فهوخالف الدستور من اجل مصلحة الوطن وعرض نفسه وبطلب منه على لجنة تحقيق برلمانيه وهذا نابع من احترامه لنفسه وللدستور والشعب , في حين اغلب سياسيي الوقت الحاضر في العراق يخالفون الدستور يومياً من اجل مصالحهم الحزبيه والفئويه متجاهلين ارادة الشعب الذي اوصلهم الى مراكز صنع القرار.
على المستوى الشخصي ان السيد الهاشمي تعامل مع هذا الملف بكل ثقه بالنفس وشجاعه مجازفاً بتعرضه الى المسائله القانونيه في الوقت الذي اغلب السياسين غير الفاسدين يتخوفون من التعامل مع المال العام لمنفعة الشعب خشية الوقوع في شرك الفساد وتعاد الاموال المخصصه للمشاريع والخدمات الى الخزينه نهاية العام دون المساس بها حيث ان خزينة العراق تبدأ بعجز وتنتهي بفائض وهم يعلمون او لايعلمون ان ذلك من مظاهر الفساد ودليل على عدم الثقه بالنفس والشجاعه في اتخاذ القرار.
نأمل من سياسينا ان يقرؤا التاريخ ويستنبطوا منه الدروس والعبر , فالتاريخ كما كتب عن من سبقوهم بمساؤهم ومحاسنهم سوف يكتب عنهم.
*تاريخ الوزارات العراقيه ج2 ص182








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة