الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراجع الدولار وتآكل الاستثمارات العربية

فهمي الكتوت

2011 / 9 / 2
الادارة و الاقتصاد


تعرضت الاستثمارات العربية في السندات الأمريكية لخسائر فادحة خلال الاسابيع الاخيرة متأثرة بأزمة الديون الأمريكية والأوروبية، ومن المتوقع ان يستمر استنزاف هذه الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة، فالبورصات العالمية ما زالت مرشحة للتراجع في ظل بعض مظاهر الانكماش الاقتصادي التي بدأت معالمها بالظهور في القطاعات الصناعية في كل من فرنسا وألمانيا.

فقد أظهر استطلاع في منطقة اليورو ان القطاع الصناعي يعاني من حالة انكماش خلال شهر اب، وهي تعبير عن مظاهر الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الرأسمالي، فقد باءت بالفشل كافة المحاولات التي استخدمت لإخراجه من الأزمة، أما حالات النمو المتواضعة التي ظهرت خلال العامين الماضيين فما هي إلا بتأثير إجراءات التحفيز الاقتصادي الاستثنائية التي طبقتها هذه الدول والتي كلفت الخزينة عجوزات أدت الى تفاقم المديونية، ومع وقوف هذه الإجراءات عادت حالة الانكماش، وهي النتيجة الطبيعية للإجراءات التقشفية، والناجمة عن قلة الطلب بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

تأكيدا لما سبق وحذرت منه في هذه الزاوية بأن الدواء المستخدم في معالجة أزمة الاقتصاد الرأسمالي يتحول الى احد أسبابها، ويسرع في الدورة الاقتصادية، وما يثير مخاوف خبراء الاقتصاد الرأسمالي ان مظاهر الانكماش الآن في اكبر اقتصادات دول مجموعة اليورو ألمانيا وفرنسا، بعد ما سجلت اقتصادات باقي الدول في منطقة اليورو هبوطا في انتاجيتها للشهر الثالث على التوالي.

وتسود حالة من التشاؤم في هذه الدول بسبب تراجع النمو الاقتصادي الذي اصبح على حافة الركود الاقتصادي، وتتزامن هذه المظاهر مع تردي الاوضاع الاقتصادية في الولايات الامريكية واحتمال دخولها مرحلة الركود، وبذلك يواجه الاقتصاد العالمي مرحلة لا تقل خطورة عما شهده العالم عام ،2008 والاقتصادات العربية ليست بمأمن من مخاطر تعرض اقتصاداتها لحالة الركود، وتراجع أسعار البورصات في المنطقة تمهيدا لما هو قادم، وقد تكون الدول العربية الأكثر ارتباطا في الاقتصادات الغربية الاكثر تأثرا بالأزمة، فالاستثمارات العربية في السندات الأمريكية او الأوروبية غير آمنة وهي عرضة للانهيار، وتشير بعض المصادر السعودية ان خسائرها في استثمارات السندات الأمريكية نحو 45 مليار دولار، أي ما نسبته 20% من الاستثمارات التي تقدر بنحو 229 مليار دولار أمريكي.

ومن المعروف ان أزمة الاقتصاد الأمريكي لها تأثير مباشر على كافة الدول العربية المرتبطة عملاتها بالدولار، فكلما تعرض الدولار للتراجع فقدت الاستثمارات العربية جزءا مهما من قيمتها الفعلية، وتحتل الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية المركز الرابع بعد الصين واليابان وبريطانيا، كما ان تراجع الدولار له تأثير مباشر على حياة المواطنين في الدول المرتبطة عملاتها بالدولار، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.

تطرح المستجدات والظروف الاقتصادية العالمية بشكل جدي إعادة النظر في الاستثمارات العربية في السندات الخارجية، والمضاربات في البورصات العالمية، كون هذه الاستثمارات غير آمنة ويكفي ما تعرضت له الاستثمارات العربية في ذروة الأزمة التي انفجرت عام ،2008 عدا عن كون عائدات هذه الاستثمارات متواضعة جدا وتشكل اقل من 2%، أما الفوائض المالية الضخمة التي بحوزة الدول النفطية فيمكن استثمارها بعائدات مناسبة وآمنة ومضمونة، عبر مشاريع استثمارية عربية في بناء قاعدة اقتصادية إنتاجية توفر مستلزمات الحياة للوطن العربي من غذاء وكساء ومعدات صناعية، وتكنولوجيا المعلومات، لتنقل الوطن العربي من مجتمع مستهلك الى مجتمع منتج، وتعالج مشكلة البطالة المتفاقمة في الوطن العربي، وتحد منa هجرة واستنزاف الكفاءات العربية للخارج، وتحدث توازنا اقتصاديا في البلدان العربية، يحميها من حالات الفقر التي تولد الاحتقانات وتدفع المسحوقين والمهمشين نحو توجهات غير معروفة النتائج، كما تضمن عائدات للحكومات العربية تجنبها الوقوع بفخ المديونية، وشروط صندوق النقد والبنك الدوليين بتطبيق سياسات تؤذي اقتصاداتها وتفرض وصاية عليها، وقبل كل ذلك تؤمن دخلا مجزيا للصناديق السيادية والفوائض المالية التي تستثمر في هذه المشاريع.

أما الجانب الآخر من آثار أزمة الاقتصاد الأمريكي على البلدان العربية المرتبطة عملتها بالدولار، فهي تعرض قيمة عملتها للاستنزاف دون سبب وجيه، فالاستقرار النقدي الذي وفره الدولار في مرحلة تاريخية معينة لهذه العملات لم يعد موجودا، وليس هناك أي مبرر للاستمرار في هذا الارتباط سوى المراهنة على حصان خاسر، فقد حان الوقت كي تفك الدول النفطية على وجه الخصوص ارتباط عملتها بالدولار، وأي تأخر في هذا المجال يسبب مزيدا من الخسائر على مختلف المستويات.

هناك رأي يقول بأن خطوة كهذه يجب ان ترتبط مع إصدار عملة خليجية قوية قادرة على ان تحدث توازنا نقديا بين العملات العالمية، وعلى أهمية ذلك إلا انه من المبكر التفكير في تطبيق هذه الخطوة، فإن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة الى سلسلة خطوات تمهد الطريق للوصول الى هذه المرحلة، وأهمها توحيد السياسات المالية والاقتصادية، ووجود مركز واحد لإدارة هذه السياسات لوضع الضوابط الضرورية لاستقرار سعر النقد، وتحقيق النمو الاقتصادي، تتوج هذه الخطوات في الوحدة النقدية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر


.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل




.. العربية ويكند الحلقة الكاملة | الاقتصاد مابين ترمب وبايدن..و


.. قناطير مقنطرة من الذهب والفضة على ضريح السيدة زينب




.. العربية ويكند | 58% من الأميركيين يعارضون سياسة بايدن الاقتص