الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتاتوريات جيدة ودكتاتوريات سيئة!*

عبدالوهاب حميد رشيد

2011 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ربما يقع المرء في الارتباك بالعلاقة مع سياسة الولايات المتحدة تجاه دكتاتوريات الشرق الأوسط. الولايات المتحدة تدعم بعضها، تٌدين بعضها الآخر، وتطلق الصواريخ على أخريات لإسقاطها. في سياق التقارير التي صدرت بخصوص المنطقة على مدى أكثر من ربع قرن، يمكن تفسير جوهر غياب التناسق في السياسية الأمريكية في هذا المجال.
يتواجد في المنطقة دكتاتوريون جيدون وآخرون سيئون، ما لم تٌغير أمريكا رأيها- بطبيعة الحال. خذ القذافي على سبيل المثال. عندما بادر لتأميم شركات النفط الأمريكية والأوربية العام 1970، صار دكتاتوراً سيئاً (من وجهة النظر الأمريكية) إلى درجة عدم الاتفاق حتى على تهجئة اسمه. بل أصبح دكتاتوراً سيئاً إلى درجة أن إدارة ريغان قصفت طرابلس العام 1986. لكن القذافي بقي في السلطة لخمس وعشرين سنة أخرى مبرهنا (في فترته التالية) على مدى فعالية القصف الجوي في معاقبة الحكام المستبدين السيئين.
متوقعاً انتصار الولايات المتحدة في حربها على العراق العام 2003، عمد القذافي إلى إيقاف بناء سلاحه النووي، بل وتعاون مع الولايات المتحدة وأوربا، في حين أن الولايات المتحدة وبريطانيا ألغتا المقاطعة المفروضة على ليبيا، رغم استمرار القذافي في قمعه الوحشي ضد شعبه ودون مبالاة. وعلى أي حال كان هذا القمع مقبولاً لأن القذافي لم يعد الدكتاتور السيء، بل فقط غير ذات أهمية naughty.
عندما بلغت الانتفاضة ضد القذافي على وشك الانهيار في وقت مبكر من هذا العام، صار القذافي مرة أخرى دكتاتوراً سيئاً وللغاية، بسبب ممارسته الإبادة الجماعية genocide ضد شعبه. بدأت الولايات المتحدة والقوى الأوربية حرباً جوية. ورغم أنها أعلنت عدم إرسال قوات برية لمساندة الانتفاضة، فقد أرسلت، بدلاً من ذلك، عناصر عملياتية من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA.
قادة المعارضة اللذين اغتالوا جنرالهم الأعلى، صاروا يٌسمّون بـ: الأبطال المقاتلين من أجل الحرية. والآن، يظهر أن القذافي قد هُزم، وعلى القوى الغربية أن تجد دكتاتوراً جيداً لتسلم السلطة في ليبيا. لن يكون هذا الأمر سهلاً بسبب وجود الضغائن feuds بين السياسيين المنفيين أنفسهم، قادة القبائل، والمسئولين السابقين للقذافي.
مثال رائع آخر، هو حسني مبارك- مصر- قبل بالمساعدات العسكرية الأمريكية وببلايين الدولارات دون أن يتعرض لأسرائيل.. أجرى انتخابات مزيفة.. وضع اتحاد نقابات العمال تحت قيود سيطرة الحكومة. خنق الصحافة.. وسجن المعارضة مع تعريضهم لتعذيب مرعب. ومع كل هذا كان دكتاتوراً جيداً ( بميزان الإمبريالية الغربية).
في الواقع، كان مبارك دكتاتوراً جيداً (من وجهة النظر الأمريكية الغربية) لغاية لغاية شباط/ فبراير هذا العام عندما انفجرت الانتفاضة الملايينية في ميدان التحرير- القاهرة- وإضراب عمال السويس، ولتهدد النظام الاجتماعي- السياسي والاقتصادي- بأكمله في مصر. وفي وقت لاحق، أعلنت الولايات المتحدة، على مضض، ولأسباب جيوستراتيجية وسياسية، أن مبارك أصبح دكتاتوراً سيئا.
الرجاء الانتباه إلى أن هذه السياسة التعرجية للولايات المتحدة الأمريكية zigzags in U.S. policy تعكس المصالح (الوطنية) الأمريكية (مصالح أصحاب البلايين من قادة الإمبريالية العالمية). إنه عالم خام وعليهم اتخاذ مثل هذه المواقف والقرارات (للحفاظ على مصالحهم الاستغلالية).
لضمان استقرار المصالح الوطنية الأمريكية هذه، يجب الوصول إلى نفط وغاز الشرق الأوسط.. إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة لحماية الممرات البحرية وخطوط الأنابيب اللازمة لشحن النفط الخام للولايات المتحدة.. المحافظة على (وزيادة) الأرباح الفاحشة للشركات النفطية الأمريكية- المكون الرئيس للمصلحة الأمريكية (الاستغلالية).. إذا لم يتحقق كل هذا، ربما سيرتفع سعر غالون الغاز، في نهاية المطاف، إلى أربعة دولارات..
منذ سنوات عديدة تطبق الولايات الولايات المتحدة هذه المصلحة الوطنية (سياسة
نهب ثروات الدول الأقل تطوراً) وفي إطار إدارات كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في سياق إتفاق عام شامل بينهما على هذه السياسة. موقف الولايات المتحدة لا تقتصر على الطغاة المستبدين السيئين، بل تزعم كذلك أنها مع الديمقراطية وإجراء انتخابات حرة ما لم يحصل ( خطئاً) فوز (أطراف سيئين)، كما حصلت في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية بفوز حماس العام2006.
اتفق المراقبون الدوليون على أن الانتخابات التي فازت بها حماس- منظمة إسلامية محافظة- كانت حرّة ونزيهة. رفضت الولايات المتحدة وإسرائيل الاعتراف بالنتيجة، وشجعت الاقتتال بين حماس وبين فتح- الطرف الفلسطيني الرئيس الآخر.
في العام 2007 اندلعت المناوشات العسكرية بين فتح وحماس. انتهت المناوشات بسيطرة فتح على الضفة الغربية وسيطرة حماس على غزة (تقسيم جديد لـ فلسطين، وهذه المرة على أيدي الفلسطينيين). أعلن المسئولون الإسرائيليون أنهم لا يستطيعون التفاوض- محادثات السلام- ما دامت القيادة الفلسطينية منقسمة. وعندما اتفقت فتح وحماس على تشكيل حكومة مشتركة في وقت سابق من هذا العام، قالت إسرائيل أنها لن تتفاوض مع مجموعة إرهابية (حماس). بقيت الولايات المتحدة متوافقة مع إسرائيل.
من جهة أخرى، تدعو الولايات المتحدة إلى استقالة بشار الأسد- سوريا- لكنها لا تطرح مثل هذه التصريحات لطغاة أنظمة المشايخ الخليجية الفاسدة مثل السعودية، البحرين، وغيرهما، وأيضاً طغاة المَلََكية مثل الأردن.
عليه، ليست سياسة الولايات المتحدة سياسية طلسمية/ مربكة غير قابلة للإدراك. بأختصار أي بلد يقف ضد المصالح الاستغلالية للولايات المتحدة، أي يريد الحفاظ على مصالحه الوطنية المشروعة بعيداً عن الاستغلال، يصبح بلداً غير ديمقراطي. وأي نظام دكتاتوري، مهما كان فاسداً ومجرماً، يتفق مع سياسة الولايات المتحدة، يصبح سائراً على طريق الديمقراطية!!
ممممممممممممممممممممممـ
*ترجمة مع شيء من التصرف..
Good Dictators and Bad Dictators,by Reese Erlich
Source URL: http://www.commondreams.org/view/2011/09/01-0
Published on Thursday, September 1, 2011 by CommonDreams.org








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة