الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاميون يحصدون زرع غيرهم

أشرف حسن منصور
أستاذ الفلسفة بكلية الآداب - جامعة الإسكندرية

2011 / 9 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الإسلاميون يحصدون زرع غيرهم
د. أشرف حسن منصور
عندما شاهدت الدكتور صفوت حجازي في سيارة منتظراً البطل أحمد الشحات الذي أنزل العلم الإسرائيلي من أعلى سفارة الكيان الصهويني، تذكرت مواقف الإسلاميين من ثورة 25 يناير، قبل الحدث وبعده، كما تذكرت ما حدث قبل الثورة الإيرانية وبعدها (1978-1979)، إذ بدأ اليسار الإيراني الثورة ضد الشاه في الشارع منذ 1975 قبل أن ينضم إليهم الإسلاميين سنة 1978 ويحولوا اتجاهها لصالحهم. فالإسلاميون يتصفون بسلوك نمطي تكرر لمرات عديدة في الثورة المصرية ومن قبلها الثورة الإيرانية. تمثل هذا السلوك في رفض الثورة في البداية ثم ركوبها بعد نجاحها.
ففي حالة الثورة المصرية تجسد هذا السلوك النمطي إما في وقوف بعض فصائل الإسلاميين على الحياد وإعلان رفضهم الصريح للمشاركة في الثورة - وهذا ما ظهر واضحاً من جماعة الإخوان المسلمين الذين أعلنوا على لسان عصام العريان في 22 يناير عدم مشاركتهم في مظاهرات 25 يناير – أو في إعلان رفضهم لفكرة الثورة ذاتها على أساس تحريمهم للخروج على الحاكم، كما اتضح من موقف السلفيين السابق على الثورة. ثم انتهازهم فرصة نجاح الثورة لركوبها والإدعاء بحمايتها بهدف الاستفادة منها سياسياً لصالحهم الشخصي. وأبرز مثال على محاولتهم الاستفادة من الثورة ما فعله الدكتور صفوت حجازي عندما قام بأخذ أحمد الشحات في سيارة، مستفيداً من الأضواء الإعلامية الباهرة المسلطة على الحدث، حباً في الظهور وراغباً في إظهار التيار الإسلامي كما لو كان في مقدمة هذا الحدث الوطني. وكذلك ما فعله الدكتور محمد سليم العوا في مداخلته التليفونية في برنامج محمود سعد على قناة التحرير الذي استضاف أحمد الشحات، إذ أعلن العوا عن استعداده للدفاع عن الشحات إذا ما أقيمت دعوى قضائية ضده. وهو تخويف لم يخف أحد وعلى رأسهم الشحات نفسه، وكذلك محمود سعد الذي سارع بالقول بأن الشعب المصري كله يحميه.
لقد ترك الإسلاميون القوى الوطنية تجهز للثورة لسنوات، وتدخل معاركها الأولى بأعدادها البسيطة وبصدورها العارية، ثم انضموا إليها بعد أن تأكدوا من نجاحها. وهذا ما لسمه شعب الإسكندرية مباشرة وعن قرب في حادثة أخرى هي اقتحام الثوار لمقر أمن الدولة بشارع الفراعنة، والذي كان أول اقتحام من نوعه على مستوى الجمهورية. فما حدث في الثورة حدث في هذا الاقتحام: قيام الثوار بالمبادرة ثم التحاق الإسلاميين بهم متأخرين ثم ركوب الموجة. إذ بعد أن لاحظ شباب الثورة السكندري أن هناك أوراقاً تحرق وتفرم في مقر أمن الدولة بالفراعنة قرروا دخول المقر لحماية ما يتعرض للتدمير من وثائق وأدلة يعلمون جيداً مدى خطورتها. وحدث الاشتباك بين الثوار وضباط أمن الدولة لساعات طويلة، كالعادة جاء الإسلاميون متأخرين للاستفادة من الحدث بعد أن شارف الاقتحام على النجاح.
فمن طبيعة الاتجاه الإسلامي ألا يكون ثورياً، بل هو محافظ حتى النخاع. ومحافظته هذه تجعله رجعياً في بعض فصائله الأكثر تشدداً. ففي البداية يرفض الإسلاميون الثورة، لكنهم يركبونها عندما تقارب النجاح في براجماتية سياسية واضحة، ليتقاسموا جزءاً من النجاح، أو لينسبوه لأنفسهم إذا استطاعوا.
ولعل تفسير ذلك إلى أنهم فصيل سياسي لا يضع الأجندة الوطنية في أولوياته، بل يضع أيديولوجيا سياسية خاصة بهم هي الإسلام السياسي، الذي يتمحك في الدين الإسلامي ويريد خصخصته لصالحه. إن من أكثر الأمور انتهازية هو ركوب الدين للوصول لأهداف سياسية، أو كما قال أبو حامد الغزالي "استتباع العوام طلباً للرئاسة". فلأنهم يقومون بإعلاء ما يعتقدون أنه الدين على الوطن وقضاياه، ولأنهم يفكرون بثنائية الهوية الدينية والهوية الوطنية ويقومون بإعلاء الأولى على الثانية، يظل توجههم الوطني ضعيفاً هزيلاً تشوش عليه وتعيقه أجندتهم السياسية الخاصة. ومهما حاولوا ركوب الموجة الثورية، فإن الثوار الحقيقيين يظلون في المقدمة، ماسكين بزمام المبادرة، والإسلاميين في المؤخرة، دوماً وباستمرار. ونظراً لتشوش الإسلاميين الأيديولوجي يبقى الثوريون الوطنيون هم أصحاب الوعي السياسي الثاقب والصادق، والإسلاميون تباعين. ألا يعلنون دوماً أنهم تابعون للنموذج التاريخي الإسلامي المتصور أنه مثالي؟ والحقيقة أنهم الآن تابعون، لا للنموذج الإسلامي المتوهم والذي يتخيلون أنهم يتبعونه، بل للثورة الوطنية ذات المكونات الليبرالية واليسارية، دون أن ينتبهوا إلى ذلك.
د. أشرف حسن منصور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا حركة ثورية بغير نظرية علمية
مهدي بندق ( 2011 / 9 / 3 - 19:56 )
الثورة مصطلح بدايته علم الميكانيك الذي يطلق هذا الاسم على دوران الجسم 360 درجة حول محوره، ومن هذه الحركة استعار علم الاجتماع السياسي تلك التسمية ليسبغها على كل حركة اجتماعية تؤدي إلى انقلاب في المفاهيم الفكرية، مصحوب بتغيير راديكالي شامل في أوضاع الملكية. وهو التعريف الكلاسيكي لمصطلح الثورة من وجهة نظر المادية التاريخية، أما الفكر البورجوازي فلا يشترط اقتران الثورة بتغيير أوضاع الملكية، وهذا ما يفسر وصف كثير من التطورات التاريخية الطبيعية بـ - الثورة - كما في تسمية الزمن اللاحق للنهضة الأوربية بعصر -الثورة الصناعية - والزمن التالي لها بعصر - ثورة الاتصالات - و - الثورة المعرفية - ...الخ وهي تعبيرات مجازية مقصود منها تفريغ مصطلح الثورة من مضمونه الإنساني وتحويله إلي لعبة من ألعاب اللغة ، أما اللغة العربية فتجهله ابتداء .تماما حيث يحل محله تعبيرات الهيجان ، والهياج ، والفتنة وتأليب العوام . وعليه يمكن تسمية يناير بالانتفاضة الشعبوية ، أما الثورة بالمصطلح العلمي الدقيق فلا تزال مشروعا وعندما تنضج شروطه ( الفلاحون والعمال )فلن يتمكن المتخلفون المتأسمون من ركوبه


2 - أستاذ ; البس نضاره
د. يوسف يوسف ( 2011 / 9 / 3 - 20:17 )





أين كنت أنت طوال عقود مضت كان الاسلاميون يدفعون فيها أرواحهم ثمناً للحريه التي تكتب أنت باسمها؟



إن تم هجوم إسرائيل على مصر أعلم ماذا سيفعل الاسلاميون وأعلم كذلك ماذا ستفعل أنت .



أهذا وقت التفريق وبث روح الفرقة والتشرذم وهدم الوحده الوطنيه ؟

أهذا حس وطني لرجل يدعي حب الوطن وتغليب المصلحه العامه على الخاص ؟





صباح الحناجر الكاذبه والأقلام اللقيطة




3 - إلى المعلق د. يوسف
مهدي بندق ( 2011 / 9 / 3 - 21:05 )
كان صاحب المقال هو الأولى مني بالرد عليك ، ولأنه لم يفعل فهاأنذا أتولى المهمة .. واضح أنك يا سيادة الدكتور تتكلم عن الحرية بمعنى : الحر مقابل العبد ( مفهوم قروسطي) وليس بالمعنى المعاصر ، الذي اتفقت عليه الدول والأمم والثقافات المختلفة ، ويعبر عنه الميثاق العالمي لحقوق الانسان حيث الدولة المدنية ومساواة جميع البشر في الحقوق والواجبات دون تفرقة بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو العرق أو اللون أو الجنس( رجل / امرأة ) فأما أصحابك فقد دفعوا ثمن معتقداتهم السياسية التي تتوسل بالدين لفرض دكتاتورية تقصي الأقباط والنساء بل وحتى المسلمين من أصحاب التوجهات المختلفة عنهم كالصوفيين والشيعة والقرآنيين مثلا، ومعروف أن الإقصاء لا بد يتبعه التكفير الموجب للقتل . مرة أخرى لا مندوحة من ضبط المصطلح حتى لا يتحول النقاش إلى نوع من حوار الصم . قل لنا أرجوك ماذا تعني بالضبط بكلمة الحرية ؟ هل تراها الحرية التي تود أن يتمتع بها غيرك كما تتمتع بها أنت سواء بسواء بما فيها حق الاعتقاد؟ أم حريتك وحدك التي تمكنك من السيطرة على الآخر المختلف بحجة أنك مالك للحقيقة المطلقة؟


4 - تعليق على د. مهدي بندق
أشرف حسن منصور ( 2011 / 9 / 3 - 22:24 )
أشكرك عزيزي الدكتور مهدي على الكلمة التي كتبتها تعليقاً على المقال والتي أعتبرها مداخلة علمية أكاديمية رائعة حول معنى الثورة. صحيح أن المعنى السوسيوتاريخي للثورة باعتبارها تبدلاً كاملاً لبنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لم تنطبق بعد على الثورة المصرية، إذ هي لم تنجح حتى الآن إلا في إقصاء بعض رموز نظام مبارك؛ لكنني ما زلت على يقين من أن ما حدث كان ثورة . ذلك لأن إنزال حاكم ديكتاتور من على كرسي الحكم ووضعه في قفص الاتهام في بلد سلطوي مستبد مثل مصر يعد إنجازاً تاريخياً غير مسبوق حتى بالنسبة للدول الديموقراطية. فلم يحدث للمصريين أن أنزلوا حاكماً ثم حاكموه طوال تاريخهم. أما عن التبدل الاقتصادي الاجتماعي الشامل الذي تحدثه الثورات فإنني أعتقد أنه لم يحن أوانه بعد. فالتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للثورة الفرنسية لم تحدث إلا في القرن التاسع عشر، أي بعد انتهاء الثورة بعقود طويلة، وكذلك الحال بالنسبة للثورة الروسية التي أتت بنتائجها في الثلاثينيات. الثورة حدث مفاجئ لكن تأثيرها يكون بطيئاً طويلاً جداً
تحية إعزاز وتقدير لأب ومعلم وصديق


5 - إلى د. يوسف يوسف
أشرف حسن منصور ( 2011 / 9 / 3 - 22:52 )
أرى عزيزي الدكتور يوسف أنك غضبت للغاية من مقالي مما دفعك إلى سبي بألفاظ نابية بها اتهامات باطلة. وعلى الرغم من أنني لا أقبل هذا الأسلوب في الهجوم من قبل شخص أعتقد أنه يدافع عن الإسلاميين، إلا أنني سأحاول الرد اللطيف الهادئ، عكس ردك تماماً، ثم سأترك النقاش معك نهائياً، لأنني من الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً، الذين هم عن اللغو معرضون.
إن الإسلاميين الذين تقول أنهم طوال عقود كانوا يدافعون عن الحرية لم يكونوا مدافعين لا عن حرية ولا عن أي شئ واضح لديهم، بل كانوا منشغلين بالهجوم على الآخرين مثلك تماماً.
أريدك أن تميز بين الإسلاميين الذين تناولتهم في مقالي والمسلمين. الإسلاميون الذين تناولتهم في مقالي هم الذين يستغلون الدين للوصول إلى السلطة ويستخدموه مطية يركبوها للوصول إلى كرسي الحكم مستغلين التدين الفطري الشعبي للعامة.، صانعين من بعض التراث الفقهي أيديولوجيا سياسية لا علاقة لها بالإسلام.
والسلام على من اتبع الهدى


6 - إلى الصديق العزيز الدكتور أشرف منصور
مهدي بندق ( 2011 / 9 / 4 - 00:06 )
. قال الإمام على : لو جاءني عالم لغلبته ، ولوجاءني جاهل لغلبني أما أنا فأقول : لقد جاءني عالم فلم استطع مغالبته . نعم يا صديقي فأنا متفق معك في معظم طرحك للمسألة برمتها ، ولكنك تعلم أن الثورات ليست مجردهياج جماهير، بل هي مؤسسات جديدة تحل محل المؤسسات الغاربة ( أذكرك بما حدث في مجلس الدوما حيث خرج الناس من دور السينما ليلة 25 من تشرين الأول ليجدوا روسيا جديدة)المهم أن الثورة لا بد لها من برنامج وقيادة وجماهير تعضدها ، فالجماهير الشعبية ( وليس الشعبوية الغوغائية ) هي الحامل الاجتماعي الذي تتقدم الثورة على يديه . المشكلة أن العصر لم يعد يفسح مكانا للبروليتاريا بعد أن أزيحت من موقعها الاستراتيجي على خارطة الصراع الطبقي لصالح الكوجنتاريا ( وأنت نفسك ذكرت هذا في كتابك -اللبرالية الجديدة - ولهذا فأنا أرجح أن الخامس والعشرين من يناير ربما يغدو تقدمة لما بعده شريطة توفر ما أسميته أنا بــ
Post- Bourgoisie Society مجتمع ما بعد البورجوازية


7 - تأمل
محمد ( 2012 / 7 / 17 - 12:09 )
الاستاذ حسن تصورت ان الاساتذه لايتکلمون او يکتبون بدون تحقيق اما شاهدت مقالتک و تأملت ان نظری کان غيرصحيح

اذا قرأت التاريخ بلاد اسلامية ولو مرة، ماکتبت هذه المقالة

اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم