الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخارج النظام المأزوم وسور الثورة السورية

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)

2011 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في ردّ على مقال الناقد صبحي حديدي نشره في القدس العربي ليبرّر فيه إنشاء ما سمّي بالمبادرة الوطنية الديمقراطية يحاول الوزير وعضو القيادة القطرية لحزب البعث في سورية مروان حبش أن يقلب في ظاهر مقاله صورة التحليل العميق الذي قام به صبحي حديدي في مقاله المميز "سورية: طائفة تتململ، وجيش يرتبك، وحرس قديم يستفيق"، لأسباب استفاقة الحرس القديم للأسد الأب على رنين جرس محمد سلمان الذي يهتز بإيقاع يد بشار الأسد الإبن كما يبدو.. لكنه يعيد في الجوهر إلى الأذهان صورتين متداخلتين الأولى هي صورة هروب تعكس مرض العديد من السياسيين والمثقفين ورجالات السلطة بنكران واقعٍ فرض نفسه على الأرض هو واقع طروحات الثورة الراديكالية بإسقاط النظام، والتشبث بواقع وهمي تجاوزته الأحداث التي فرضت هذا الواقع، بتوازٍ مع مرض نكران بشار الأسد كما بدت صورته في مقابلته الأحادية مع التلفزيون الرسمي السوري، حيث ما تزال العصابات المسلحة والتأييد الشعبي ووهم مناعة الحائط الإيراني والحزب اللاهي ملاءات بيضاء تطير بأجنحة مرفرفة في مخيلته، وحيث: ما هو مهم في مبادرة الحرس القديم وفقاً لملاءات حبش الطائرة: "أن يكون حوار هذا الحرس مقتصراً على صاحب القرار دون غيره (بشار الأسد)، وأن يتولى بشار الأسد نفسه زمام المبادرة بالتغيير، مع سعي مجموعة المبادرة وفقاً لحبش (وهذا هو سبيل تمريرها) "إلى الالتقاء مع كل مجموعات المعارضة والسعي معاً لإنجاز شكل ما تنضوي تحت سقفه كل المعارضة بعد اتفاقها على عدة أهداف لا يمكن الاختلاف حولها، ويكون هذا الشكل كغطاء سياسي لثورة الشباب"، / ومع إنكار حبش واقع أن الشباب الذين يتحدّث عنهم رسموا على ملاءاته الطائرة بوضوح صورة الواقع التي لا يمكن إنكارها بأن: الشعب أسقط شرعية بشار الأسد ويريد إسقاط النظام ورحيل رئيسه، وبانفعال من يصاب بالإنكار أيضاً عند رفض بعض راديكاليي هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي الحوار مع النظام، ورفض ضمهم لمجموعة المبادرة إلى الهيئة باتهام حبش لهؤلاء بممارسة الإقصاء، مع وعده بالنضال "من أجل خروج هذه الهيئة من ذهنية العمل بعقلية الشلة والانعتاق من تأثير بعض هواة السياسة على قراراتها التي كان من نتيجتها تسطيح المفاهيم وإقصاء الكثيرين" كما يقول...
الصورة الثانية يكشفها الوعد النضالي المصرّ من مروان حبش على حامل هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي بقيادة حسن عبد العظيم وعضوية شخصيات معروفة مثل ميشيل كيلو، حيث تنحلّ قليلاً عقدة التداخل بين الصورتين لتتبلور الصورة الثانية بمبادرة ليست نابعة بأية حال كما يقول صبحي حديدي من "صحوة حرس الأسد الأب الذين مهدوا وصنعوا توريث الإبن على ضرورات الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامة المواطن السوري، بل لأنهم أخذوا يستشعرون تململ شرائح واسعة من أبناء طائفة صارت تتبصّر مصائرها على نحو أوضح، وأخذت تدرك ـ ببطء، ولكن على نحو منتظَم ومتدرج ـ أنّ منابع الأخطار على الوطن ليست تظاهرات الشعب، بل تحالف قَتَلة الشعب وناهبي الوطن"، وفي تفسير أوضح: مبادرة تحاول إيجاد مخرج للنظام يبقي بشار الأسد في السلطة، ويرضي القوى الخارجية المعنية بالأزمة السورية وعلى رأسها الولايات المتحدة وتركيا والدول العربية مع ضرورة إصلاحات يجب القيام بها دون تضحية بجوهر النظام واستبدال الحل الأمني الذي يعرف محمد سلمان ومجموعته أكثر من غيرهم أنه فشل في تطويع الشعب وزاد من اتساع وتجذّر الثورة، بحلّ سلمان السياسي الذي يتكرّر طرحه بعد أن فشل في المرة الأولى على حامل قوى في "هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي" صرّحت بأنها لم تطرح أصلاً إسقاط النظام ويطيب لها حلّ يجنّب في رأيها البلاد من الدخول في فوضى الحرب الأهلية والتدخلات الخارجية...
ويبدو أن صورة مبادرة سلمان وحبش وشلة حرس الأسد الأب على حامل القوى المحسوبة على اليسار في هذه الهيئة تجد لمعالمها نصيباً في التكون، تحت ظلّ الفشل المتكرّر لمؤتمرات بعض قوى المعارضة الكلاسيكية وقوى الثورة الجديدة في الخارج بصورة خاصة، وطروحاتها المتسرّعة في تشكيل مجالس وطنية مهلهلة بمختلف التسميات، واليأس الذي يريد النظام إشاعته في نفوس قوى شباب الثورة في الداخل مستغلاً هذا الفشل، لتمرير حلّه السياسي الذي يعيد إنتاج سلطة استبداده وفساده نفسها بعبوة جديدة، لكن أيضاً، ولسوء حظ النظام النابع من طبيعته المافيوية القمعية الإجرامية المخادعة، تحت شمس نار الثورة التي تزيح هذا الظل بجمعةٍ ساطعة تليها جمعة أشدّ سطوعاً، وتدفع قوى "حسن النوايا" اليائسة المهرولة للالتحاق بالشكل الجديد لحلول النظام إلى الفرملة، كما تدفع القوى الغيورة التي تفتقد الخبرة السياسية في الثورة إلى الخجل مما تتيحه تجاربها الصبيانية من مدّ عصابات النظام بأنفاس جديدة، إضافة إلى إحراق ريش طواويس الثورة المتسلقين على سورها بحبال خيلاء الإعلام الواهية، وتعليم قوى الثورة على اختلاف طروحاتها الإيديولوجية فضيلة الديمقراطية في تجنّب فرض الأدلجة، ومعنى وحدة البرنامج في ظل احترام الاختلاف، وتجنّب إجهاض الثورة بأوهام أسلمة الدستور، مع احترام دم الشهداء الذي سال واحداً من جميع السوريين والإخلاص لتضحيات الجرحى والمعتقلين على طريق بناء دولة سورية المدنية الديمقراطية.. ويبدو أن الوقت قد حان لقوى الثورة المتبلورة في تنسيقيات الداخل على اختلاف أشكالها وائتلافاتها مع قوى المعارضة الراديكالية التي حسمت أمرها برفع شعار إسقاط النظام دون لبس، أن تعمل على طرح مبادرتها في عقد مؤتمر وطني لعموم قوى الثورة الديمقراطية السورية وقوى المعارضة على قاعدة الانحياز الكامل لأهداف الثورة في إسقاط النظام، والتفاوض فقط على خروج النظام وآلية تسليمه السلطة للشعب، وتأكيد طبيعة الدولة السورية الوليدة على أنها دولة مدنية ديمقراطية تعددية لجميع السوريين دون تمييز في الدين أو العرق أو المذهب أو اللون أو الجنس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة