الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة : مقهى السعادة

فادي البابلي

2011 / 9 / 4
الادب والفن



كراسي خشبية قديمة وطاولات مزخرفة فارسية أباريق ماء تغلي وأقداح الشاي المعلقة وفناجين القهوة والصحون المقلوبة مع أشكال الدخان المبعثر الذي يشكل غيمة بيضاء وهو منفوث من أفواه المدخنين الهاربين من حصار واقعهم الأليم ويحاولوا أن يطيروا على متن الدخان إلى ابعد مكان و زمان يكون فيه.. سعادتهم وفارسة أحلامهم المنشودة الكل يبحث عن ما يريد في المقهى الصغير واحد يسال أوراق الشدة عن مستقبله متناسيا ماضيه وما يكسوه من ستار الظلام الحزين وغير مبالي بالحاضر ولا ما يوجد فيه بل ويكاد يجزم بأنه يعرف مستقبله مقدما لكنه يحاول أن يعطي لنفسه تفاؤلا بما سيأتي..

وأخر يجلس على طاولة وحيدة منفردة خارج المقهى ومعه شيشته وقدحا من الشاي مع النعناع
وهو واضع ساقا على ساق منتظرا امرأة تخلصه من عزوبيته و من وحشة المساء التي لطالما تكابر عليها في شبابه و قال..

مالي بهم الزواج وهم النساء وغيرتهم فسوف ابقى أعزب بلا هم وغم..أدور من مرسى إلى مرسى ومن قلب لقلب بلا حسيب أو رقيب يسألني أين كنت ومع من ولماذا والخ .. لكنما حين فات قطار العمر مسرعا والشيب غزى الرأس شعر بوحدة قاتلة وهو جالس بين أربع جدران بلا أنيس أو ونيس

وهناك في هذا المقهى عشرات الحكايات والقصص التي تتناقلها الكراسي والطاولات عن الذي مروا وكانوا هنا وعن الذين مازالوا يضاجعون الأيام المتبقية في رحلتهم إلى هذه الدنيا ومن بين هؤلاء...
شاب في العشرين من عمره طلق حياته بالثلاثة وجاء مقهى السعادة راميا حقيبته البنية التي يحمل في داخلها أوراق أشعاره وكلماته المملئة بالحزن والدموع بسبب فتاة تكبره سننا أحبها بكل ما يملك وهي رفضته بداعي المحبة التي ترسلها عيناها كالتمثال وقف ساكنا فما عسا يفعل سوى أن يتناسى منذ عدة أعوام ولم يفلح وها هو في مقهانا يجلس والدخان يغرقه..!...

وفي ختام جلستنا عند هذا المقهى المزعوم بمقهى السعادة نصادف بان صاحب المقهى..قد كان من أتعس الأشخاص على الإطلاق فهو من من أقدارهم دائما ما تكون نهايتها الموت..بلا رفيق أو صديق يزور القبر سوى الحزن الذي يهدي نعشه وردا ذبل.....

صاحب المقهى: ولد يتيما وعاش وحيدا إلى أن أحب امرأة وعاش معها قصة حب خيالية لم يشهد لها الزمان مثيل لكنها ولسوء الحظ لم تكتمل .. بعدما قرروا ألقاء أمام الكرسي الوحيد الذي يطل على البحر والشمس عند الغروب هذا المكان الذي تواعدوا أن يجلسوا فيه الساعة السادسة عصرا وكان صديقنا قد جهز نفسه وتعطر و تهندم وخبئ الخواتم لتكون لحبيبته مفاجأة.. دقت السابعة ولم تأتي بعد..أنها تأخرت بدء يقول في نفسه وأفكاره..ولم تهدئ قدماه أبدا فنظر بساعته مرة أخرى إنها الثامنة...فأين هي أين؟؟
قبل أن يكمل جملته رنة هاتفه..فعرف إنها هي لأنه خصص لها نغمة خاصة, تردد بالإجابة يجيب أم لا..

وكأنه يعرف ماذا جرى .. لكن اخيرا أجاب
قالت له.. حبيبي احبك .. وراحت وراح صوتها ولم يبقى سوى صداها في إذنه حبيبي احبك...
فأجابت الممرضة تعتذر فقالت.. أنا آسفة فقد ماتت حين كان قادمة إلى موعدكم..بحادث سير..
وهي تركض كالمجنونة تحاول الوصول أليك فجلس من شدة الصدمة يبكي ويبكي.. وعلبة الخواتم بقربه تبحث عن يدا عاشقين اثنين وفي لحظة غضب و ثورة مسك علبة الخواتم ورماها بالبحر.. وراح يبكي ويسير ما بين الشوارع ويتكئ على القناديل يندب حظه ويشكي لأرصفة الطرقات

فأكمل صاحبنا حياته أيضا حاملا حزنه وكآبته على أكتافه وراح يمشي أربعون عاما فقرر أن يفتح مقهى..يدعوه مقهى السعادة..يأتي إليه كل من له حزن في قلبه يريد أن يلقيه..ويشكي ما جرى له في الماضي والحاضر ويحاول أن يفتح صفحة جديدة..حين يدخل المقهى ويلامس جدرانه المزخرفة بنقوش أكدية.....


كانوا هنا..وكنا هنا..وها نحن كلنا هناك



" مقهى السعادة لصاحبه " ابو يسرى "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكوفية برس
قصي ابو سعلدة ( 2011 / 10 / 26 - 09:56 )
مادة يحدث في ليبيا بعد قتل العقيد معمر القدافي

اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05