الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطائفي الأقليمي و آفاق تلوح !

مهند البراك

2011 / 9 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تتناقل و كالات الأنباء اخباراً عن احداث متسارعة لمنطقتنا و انفجاراتها الشعبية السلمية و احتجاجاتها من اجل الأمن و الخبز و الحرية، و فيما يصف ابرز المحللين مايجري بكونه تعبير عن سقوط جدار الخوف . . الذي لايزال مفتوحاً على احتمالات و بدائل متنوعة للإستبداد، رغم ان عدداً مما يجري ادّى و يؤديّ الى سقوط دكتاتوريات و الى تغييرات في وجوه رؤساء و مسؤولين في الصف الأول لأجهزة حكم، و تتواصل و تتجذر اكثر لصالح الفئات الفقيرة و المحرومة . .
و في خضم تحليلات و اوصاف لاتنقطع لتلك التغييرات، يرى مراقبون خبيرون و سياسيون، ان سقوط الطاغية صدام لعب دوراً هاماً في تلك التغييرات رغم كل التعقيدات . . حيث مثّل سقوطه، سقوطاً لـ (هيبة) الحاكم العربي الفردي المستبد الذي صوّر نفسه و كأنه خالد و مقدّس، حين لعبت مشاهد اخراجه مقبوضاً عليه من حفرة اختبأ بها بلحية و ملابس قذرة، و عرضه على الشاشات مُساقاً الى القضاء و محاكمته و حكمه علناً و اعدامه . . لعبت دوراً هاماً في توضيح ان الشعوب ابقى من حكّامها مهما طغوا و تجبّروا و ان الشعوب و مطالبها تمثّل قوّة تلعب في الحساب النهائي ادواراً هامة في تقرير مصائرها . .
من جهة اخرى يرى و يرصد كثيرون محاولات اقليمية مكثّفة لدوائر ايرانية نافذة و دوائر خليجية تقابلها، للحد من تلك التغييرات بحرفها الى مسارات طائفية، رغم الحذر الشديد الذي يسود المنتفضين ذاتهم من ذلك . . بسبب النموذج المؤلم الماثل امامهم مما تكوّن في العراق اثر سقوط الدكتاتورية و الصراع الذي و كأنه لاينتهي للميليشيات الطائفية فيه، فيسعون و يحذرون من مخاطر السقوط في فخاخه و يرفعون في نشاطاتهم الجريئة شعارات الإنتماء المتساوي للوطن ضد الطغيان ومن اجل الخبز و الحرية للشعب بمكوناته .
و تصف وكالات أنباء دولية و اقليمية ان انتفاضة الجماهير الشعبية السورية المستمرة و المتصاعدة و التي تعبّر عن تآخي اطياف المجتمع السوري بوجه الطغيان، بدأت تؤثر فعلاً على مسار احداث المنطقة . . و تشير بتفاصيل الى ان التحرك التوسعي الإيراني الذي جرى و يجري تحت شعارات الطائفة، يبدو و انه قد بدأ يتغيّر الى تصعيد شعارات " رفض التدخل الخارجي " كما يعبّر الولي الفقيه علي خامنئي مؤخراً . . التي اخذت تُترجم الى نشاطات و اجراءات عملية يرصدها سياسيون و كتّاب و مفكرون مما يجري من تغييرات في سلوك و تسميات قوى اسلامية شيعية في العراق، اضافة الى تصريحات لوجوه و قادة كتل برلمانية منها، بضرورة اعادة اصطفاف الكتل العراقية لصالح تلبية المطالب الشعبية في الإصلاح و مكافحة الفساد و السرقات الكبرى لمسؤولين حكوميين، كما تكشف و تعلن الدوائر الرسمية المعنية . .
و يرى كثير من المراقبين ان العلاقات الإيرانية ـ السورية قد اخذت ابعاداً عميقة اثر انتصار الثورة الإيرانية في عام 1979 ، و بدقة اكبر منذ اعتبار الإمام الخميني الطائفة العلوية جزءاً من المذهب الشيعي . . فاخذت الدوائر الإيرانية النافذة تسعى جاهدة للحفاظ على النظام السوري كنظام حليف اساسي للدخول الى المنطقة العربية و قواها في الصراع العربي ـ الإسرائيلي كآيديولوجيا مستندة الى طائفة (1)، رغم كون النظام السوري ذا طبيعة (علمانية) كـ (علمانية صدام) الدكتاتورية . . كاشفة بذلك عن ماهية سياسة مدّ النفوذ بالإحتواء، التي تتبعها دوائر ايرانية نافذة حيال انظمة المنطقة، سواء كانت انظمة دينية ام علمانية او دكتاتورية، و اعتبار ان الأقرب هو ان تكون موالية لها .
و يرى محللون ان تواصل الإحتجاجات الشعبية السورية رغم القمع الذي وصل حد قصف المدن بالطائرات الحربية و بالمدفعية من البر و البحر و بالإحتلال العسكري المدرّع لحارات و مدن، و التي اخذت تهدد بقرب نهاية حكم آل الأسد في سوريا سواء من داخل او خارج اجهزة الحكم . . قد جعل تلك الدوائر الإيرانية تفكّر بان انتصار الإحتجاجات و سقوط الأسد سيشكّل انتصاراً للسنّة في المنطقة بمنظورها، الأمر الذي ترى فيه تهديداً خطيراً لحكم المحاصصة الطائفية في العراق، الذي نفذت اليه و الذي تتدخل في تطويع و مآل مسيرته علناً بدعوى مواجهة الأميركيين و الخليجيين . . كما يلمسه و يحتج عليه الشارع العراقي بمكوناته و مجالسه، فيما يواصل الإحتجاج ضد كلّ هيمنة و تدخل خارجي بشؤونه الداخلية . .
و يرون بأن تلك الدوائر و من خبرتهم بمسيرتها لعقود، و انسجاما مع الظروف المتغيرة المتواصلة في المنطقة التي تكبّد نظام ولاية الفقيه اموالا فلكية فوق طاقته، قد توافق على قيام حكم مدني في العراق، للحفاظ على العلاقة الضرورية للدولة الإيرانية مع جارتها العراق، في ظروف يزداد فيها عزوف الشباب العراقي عن استخدام احزاب حاكمة و متنفذة للدين و الطائفة، الذي اساء لهما بالسرقات و الإحتيال و التزوير . . كما وافق السيد خامنئي بفتواه الشهيرة عام 1997، على تعاون الحركة الإسلامية العراقية مع الأميركيين (لإسقاط نظام الطاغوت صدام)، و كما اعطى ضوءاً اخضراً لأسقاط صدام بحرب خارجية . . و مواقف كثيرة من ذلك، لتأمين مصالح دولته . . الأمر الذي يشكّل مناخاً مناسباً لحل ازمة و عجز حكومة السيد المالكي، على اساس مدني بعيدا عن المحاصصة، و لتحقيق انسحاب ناجح للقوات الأميركية.
و يرى مطّلعون في ذلك فرصة هامة امام القوى الوطنية العراقية و احزابها و منظماتها و نقاباتها و تكويناتها، باطيافها القومية و الدينية و المذهبية و الفكرية، رجالاً و نساءً، داخل و خارج المؤسسات الدستورية . . لتصعيد النشاط من اجل البديل المدني للمحاصصة الطائفية المعيقة، كطريق للإصلاح و لمكافحة الفساد، و من اجل الأمن و الخبز و الحرية و من اجل السيادة الوطنية و " بناء دولة مستقرة مستقلة عن الصراعات الإقليمية"(2) .

4 / 9 / 2011 ، مهند البراك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. اضافة الى المصالح الإقتصادية .
2. على حد تعبير المالكي رئيس الوزراء الحالي، في كلمته في الإحتفال بذكرى تأسيس"منظمة بدر" مؤخراً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تنجو من قبضة أقصى اليمين.. وماكرون في أزمة! #منصات


.. نزوح للسكان من قرى كردية في العراق مع توسيع الجيش التركي عمل




.. لبناني انتقد حزب الله فتعرض لضرب مبرح! #منصات


.. السنوار تحت الأرض -لا يعلم- خسائر غزة.. ونتنياهو يُبعَث من ج




.. بالصواريخ بوتين -يشعل- كييف.. وزيلينسكي -يلجأ- لبولندا !| #ا