الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عذراً ياسيادة الرئيس بشار الأسد

بشار السبيعي

2011 / 9 / 4
حقوق الانسان


ترددت الكثير قبل أن أخط هذه الكلمات ، ولكنني لم أستطع أن أبقى صامتاً بعد كل ماكنت شاهداً عليه خلال هذه الأشهر الستة من عمر الثورة السورية. وشعرت أنه من الواجب الأخلاقي والإنساني كمواطن سوري أن أقول كلمة الحق تحت أي ظرف كان ومهما ساءت العواقب. ولكنني لم أعرف لمن أتوجه بالكلام الذي أريد أن أقوله ، فأنا لاشك أنني كنت من المحظوظين القلائل الذين أستطاعوا أن يدخلوا العمل السياسي المنظم لفترة وجيزة من الزمن ويخرجوا منه سالمين من دون سجن أو قتل أو تشريد ، وذلك بعد خروجي من أروقة المعارضة السورية والعمل السياسي المنظم فيها منذ سنتين ، و أستقالتي من منصب مدير مكتب جبهة الخلاص الوطني في سوريا في العاصمة الأمريكية واشنطن. والجميع يعرف أن عمل المعارضة السورية يحمل معه من المخاطر على سلامة من يدخل فيه هو عائلته ، ماهب ودب من ماتستطيع أن تفعل به أجهزة المخابرات السورية المتعددة الأشكال والألوان.

لهذا السبب رأيت أن أخاطب الرئيس بشار الأسد مباشرة ، بما أنه كان الشخص الذي قدم لي مباشرة الحماية والعفو من ماكان ينتظرني من عقاب تحت القوانين التعسفية الموجودة حالياً في قانون العقوبات السوري ، و محاكمتي في سوريا بسبب إنخراطي في العمل المعارض. وأردت في هذه الرسالة أن أشكره شخصياً على المعاملة الإستثنائية التي حظيت بها بسبب أهتمامه بعودتي ألى القطر ، وفي نفس الوقت أن أصارحه بما يلوج في صدري من كلام كنت أتمنى أن أقوله له مباشرة قبل مغادرتي القطر. بالإضافة أردت أن أخاطب الشعب السوري الشجاع الذي أظهر معدنه الحقيقي بعد أن تفاقمت أزمته ، وتراكمت مظالمه ، وسالت دماء أبناءه في شوارع ومدن سوريا من جنوبها و شمالها ألى أقصى شرقها وغربها.

ومع أنني لاأرى مخرجاً قريباً من المأزق السياسي الذي وقعت به بلدنا الحبيب سوريا بسبب تفاقم قطبية الأطراف المتنازعة اليوم على السلطة بين المعارضة والموالاة ، وعدم جدية السلطة في أي إصلاح جذري وحقيقي قدمته ألى اليوم ، ولكنني أعرف أيضاً أن الحل اليوم بيد السلطة أكثر من أي طرف في المعادلة الأقليمية والدولية ، ومن يترأس هذه السلطة هو الرئيس بشار الأسد ، لهذا السبب أوجه هذا الكلام مباشرة أليه وأقول :


عذراً ياسيادة الرئيس ، فأنا لم أكن أتصور منذ أقل من سنة ، أو في الحقيقة أقل من ستة أشهر ، أن تتفاقم الأزمة السياسية في سوريا ألى هذا الحد من الإحتقان والتمزق في الوحدة الوطنية للمجتمع السوري ، فمن كان شاهداً على الأستقبال الشعبي الرائع لسيادتكم بعد أداء الصلاة وخروجكم من الجامع الأموي في سوق الحميدية في شهر شباط الماضي ، لايمكن أن يتصور أن تصل الأمور ألى ماوصلت أليه اليوم في سوريا.

عذراً ياسيادة الرئيس ، ولكن يبدو أنك مخطئاً في تقديرك وتعاملك الأمني مع الأزمة الحالية في سوريا ، نعم أسمح لي أن أخالفك الرأي أنت ومجموعة المستشارين من حولك الذين أصبحوا من المطبلين والمزمرين لك بأمتياز لدرجة أنهم فقدوا الإحساس الكامل بما يجري اليوم من فظائع ومصائب وإجرام في حق أبناء شعبهم الذين يشاركونهم في العيش في هذا الوطن.

عذراً ياسيادة الرئيس ، فهذه ليست سوريا الجديدة تحت عهدكم المصون التي كنت قد وصفتها لي عبر مدير إدارة مخابراتك العامة اللواء علي مملوك في أجتماعي معه منذ سنتين عند عودتي ألى الوطن بعد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في المغترب. كنت آمل أن أحظى في أجتماع معك قبل إتخاذ قراري مرة أخرى بمغادرة القطر بعد أن تدهور الوضع الأمني ألى هذا الحد من الفلتان القانوني وأصبحت أشعر بالخوف من المستقبل كما يشعر23 مليون من شعب سوريا اليوم ولكن الظروف لم تسمح بذلك.

أسمح لي اليوم أن أتكلم بصراحة وشفافية ، وللأسف أقولها اليوم فقط بعد أن غادرت القطر و شعرت أنه لم يعد هناك خطراُ على نفسي من الجيش أو الأمن أو الشبيحة الذين يستبيحون اليوم حرمات المنازل الخاصة والمساجد ويقتلون ويعتقلون ويعذبون أبناء شعبهم وأخواتهم في جميع أرجاء و أنحاء القطر. نعم ياسيادة الرئيس ، هذا ماآلت أليه اليوم سوريا ، دولة خارجة عن القوانين الأرضية والسماوية في نفس الوقت ، يُستباح فيها المواطن الضعيف فقط لأنه طالب بما وَهَبَهُ الله عز وجل عند مُولده ، مَطلبٌ مُحق وعادل ومشروع منذ الأبد ، مَطلبٌ تعشقه الغريزة الإنسانية ، مَطلبٌ لايُثمن بثمن ، مَطلبٌ أفنى شعوب العالم في البحث عنه ، مَطلبٌ يلخص بكلمة واحدة وهي الحرية.

سَمِها ماشئت ، مؤامرة إستعمارية ، بندرية ، حريرية ، بريطانية ، فرنسية ، أمريكية ، صهيونية ، كل هذا لايُجدي ولايَنفع ولن يحل الأزمة المصيرية التي يواجهها المواطن السوري اليوم ، فنحن وصلنا ألى نهاية الطريق ، ولم يعد هناك مطرح للإستبداد والقمع في هذا العالم الصغير الذي نعيش فيه اليوم ، الشعب يريد إسقاط النظام ، وهو على أستعداد لأن يدفع الثمن بالدم والروح ، فهل من حاكم رشيد يسمع ندائه ويُجنب البلد الخراب والدمار المتربص بها وبالمنطقة في المستقبل القريب؟

نعم ياسيادة الرئيس ، الخيار اليوم هو إما إنقاذ سوريا وإما إنقاذك وإنقاذ عائلتك والحاشية المستفيدة من الوضع الحالي ، خيار لاأحسدك عليه ، ولكن دماء الشهداء لايمكن أن تعوض بثمن ، والشعب السوري لن يتراجع عن مطلبه في الحرية والكرامة والحياة الكريمة.

لاأتكلم هنا بأسم أحد ، ولا أنتمي اليوم ألى حزب أو مؤسسة أو معارضة ، ولا أرغب في منصب أو موقع بسبب هذا الكلام ، أنا اليوم أتكلم ضميري الحر، وكم كنت أتمنى أن أقول لك هذه الكلمات وجهاً لوجه في سوريا وتحت حماية الدستور والقانون السوري بدون خوف من إعتقال وتشريد وتعذيب ، ولكن للأسف أنني اليوم أخط هذه الكلمات من موطني الثاني الذي أعطاني الحرية لأكتب وأقول وأعبر ، حقوق لم أجدها في موطني الأصل سوريا.

أرجو أن تصلك هذه الكلمات البسيطة اليوم من مواطن سوري أمضى حياته في المغترب وأراد أن يعود ألى وطنه بعد ثلاثة عقود من الزمن ليشارك في بناءه مع أهله وأحبابه لكن القدر شاء غير ذلك . وقد ظننت مخطئاً أن الشعب السوري قد كان على أستعداد بأن يضحي بحريته وكرامته مقابل الأمن والسلام والبحث عن لقمة العيش الكريم ، ولكنني اليوم أشهدُ أن هذا الشعب الباسل الذي يُقابل الرصاص الحي بصدوره العارية سيحقق في النهاية مايرنو أليه ويبني الدولة المدنية ، دولة المؤسسات والدستور والقانون التي تحترم المواطن السوري و تحميه بدل أن تقتله وتعتقله وتعذبه.

أخيراً أقدم أعتذاري للشعب السوري المقدام لإعتقادي الخاطئ أن الإنسان يمكن له أن يحيا بقليل من الحرية والكرامة وأن ماظننت أنه قبول بالأمر الواقع ماكان إلا البركان الثائر في قلب هذا الشعب الذي أثبت اليوم أنه مهما كَبُرت المصائب والمحن والتحديات يظل صامداً شامخاً عال الرأس ، معتزاً بتاريخه وتاريخ أجداده الثوار الذين ضحوا بحياتهم للدفاع عن حرياتهم وحرية هذا الوطن الحبيب. وأقُدم أحر التعازي لأهالي الشهداء الأبرار وأدعو من الله أن يجعل مثواهم الجنة بإذنه تعالى. عاشت سوريا وعاش شعب سوريا الأصيل.

بشار السبيعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تزعل
راجي الشيخ ( 2011 / 9 / 4 - 20:22 )
لا تزعل يا أفندي وانتظر العرعور فقد يمنحك وأترابك الحرية ويتوسط لك عوضاً عن المملوك ويحجز لك ولو زاوية عند مصطبة في الجنة التي تتحدث عنها يا مثقف يا سبع


2 - تعليق
خالد حداد ( 2011 / 9 / 4 - 21:54 )
تهانينا بانضمامك لجيش العرور الوهابي المدعوم من مجرمي ال سعود واطالسة تركيا الاخونجية وملك البلاي ستيشن الاردني..شكرا لدعمك تدمير سوريا الي الابد..


3 - ثنائية المعلقين 1 و 2
نبيل السوري ( 2011 / 9 / 5 - 07:44 )
إما أن تكون مع الممانعة الأسدية التي قصمت ظهر إسرائيل وأرعبت الإمبريالية وراء البحار، وحاربتها وجمدت أرصدتها وأرعدت فرائصها

أو أن تكون مع العرعور والفكر السلفي التقدمي لصاحبه ابن عبد العزيز وتولبعه من ابن باز وبقية السلف الصالح وابن تيمية

هذه السماجة التي يطل علينا بها أعوان الظلمة تحت أسماء شتى أصبحت ممجوجة وسخيفة، لم تعد تقنع إلا أصحابها
الخطر السلفي بوجود نظام الأسد اللص هو أكبر بكثير مما لو سقط النظام، وسيسقط

أيام الأسد كان لدينا عدوين: الطغمة الحاكمة وذيولها الأمنية والعسكرية، والإسلام المتطرف الذي رعره ورعاه النظام ليستعمله وقت الحاجة في العراق ولبنان وفلسطين وغيرها، بعلم هؤلاء المتطرفين حيناً وبعدم علمهم أحياناً
الخلاصة أننا بوجود طغمة الأسد نضطر لحرب عدوين أحدهما حربائي لا يتوانى عن أية قذارات، والآخر إسلامي قروسطي متخلف وفي كثير من الأحيان إنتحاري. لذلك إن استلم الإسلاميون بعد سقوط النظام، فسنكون أمام عدو واحد بدل اثنين، وهذا العدو لا يملك جزء بسيط من حربائية طغمة الأسد ولن يصمد أمام الحداثة خاصة ببلد مثل سوريا

وسأعود بتعليق آخر بخصوص السيد بشار جنبلاط... أقصد سبيعي


4 - إلغاء الإلغاء
نبيل السوري ( 2011 / 9 / 5 - 07:57 )
وضع بشار سبيعي يشبه إلى حد كبير وضع وليد جنبلاط، الذي يلعن الساعة التي عاد بها لأحضان الأسد، حيث لم يكن يحلم أن يثور الشعب الحر، ولو استطاع وليد بيك أن ينتظر بضعة أشهر لتغيرت خريطة لبنان السياسية ولساء وضع الأسد كثيراً عما هو عليه اليوم ولأصبح وليد بيك وطناً قومياً بوزن المرحوم والده، لكنه ليس والده ولايحق لمذبذب مثله أكثر مما حصل

الطريف في الأمر هو مراقبة الجرذان التي تهجر السفينة، والمعروف أنه في حال بدأت الجرذان بذلك فمعناه أن السفينة غارقة لامحالة

عودة لبشار
ماالذي تغير من يوم ألغيت معارضتك لليوم بتصرفات النظام السافل؟ وكيف أعدت اكتشاف مثالبه فجأة كمن يعيد اختراع الدولاب؟
بشار الأسد هو هو، وباقي السفلة لم يتغيروا، وأنا متأكد أنك كمعارض سابق لم تتفاجأ بأي عمل قام به النظام، فلماذا لفيت ذيلك وعدت له ذليلاً مدحوراً وقبلت بفتاته وعطاياه ووصفته بأن أفضل ما في الوطن العربي، ثم عادت الروح فجأة للمرحوم ضميرك وكأن الشعب السوري غبي وسينسى كل ما حصل؟!؟؟
لاشك أن خطوتك بمغادرة البلاد تدل على ذكاء وأقترح عليك ألا تعود بعد سقوط النظام لأنه اتضح أن لدى هذا الشعب ذاكرة هائلة ويميز الغث من السمين


5 - بدي رد على الاخ نبيل السوري
ابو عامر ( 2011 / 9 / 23 - 19:13 )
السيد نبيل السوري الكريم
أولا أحببت ان أعارضك في بعض النقاط التي اوردتها
ثانيا أحببت ان اثمن لك موقفك القوي الصامد الشريف بعكس موقف كاتب المقال المتذبذب
النقاط التي اعارضك فيها 1- من قال لك ان زمن النظام كان( للشعب السوري) عدوين للتصحيح ومنذ استلام حزب البعث للسلطة كان العدو الاول والاوحد (للشعب السوري) ومنذ فتح الشام الى يومنا هذا ما عرفنا الاسلام المتطرف لا زمن البعث ولا قبله بقرون
2-ولماذا تنصب الاسلامين اعداء لك ...اذا افترضنا جدلا ان هنالك فئة متطرفة ستكون هي الاقلية في الشارع السوري بسبب تركيبة الالشعب السوري الذي رفض الفكر السلفي اساسا فما بالك بالتطرف
وان كنت من قارئين التاريخ سوف تشاطرني الراي بهذا (ابن تيمية خرج من دمشق وحبس فيها وتوفي في السجن بسبب افكاره والالباني هجر من دمشق ايضا لنفس السبب وهم من مؤسسي هذا المنهج)
3-وان كنت من متابعي احداث الثورة لكنت علمت معقل هذه الثورة ألا و هو المساجد
فاذا نظرية العدو الواحد باطلة جملة وتفصيلا


6 - الرد على نبيل السوري 2
ابو عامر ( 2011 / 9 / 23 - 19:35 )
اصابتني القشعريرة عندما افحمت السيد بشار السبيعي
لانه التجأ الى بلده الذي يستطيع ان يكتب فيه بامان وان يختم ببشار السبيعي لا ببشار السوري وانا متاكد انك خارج سورية
ثاني هل سالت الكاتب سبب عودته الى بلده وهو الذي انضم بقرارة نفسه الى المعارضة (اي لايوجد بينه وبين النظام تصفية حساب قديمة كبعض المعارضين )
انا برايي الشخصي المتواضع ان من تراهم من المعارضة الان ما كانوليظهرو وليرونا وطنيتهم لولا المتظاهرين الذين يخرجون (كل جمعة من المسجد) فالمعارضة التي تتبرجون بها وتتفاخرون,رفعها المتظاهرين وهذه المعلومة التي عرفها الكاتب عندما كان منهم -المعارضة- فما الفائدة من لقب معارض ان لم يختلف عن لقب ممانع او مقاوم او قلعة صمود وللعلم 6 اشهر والمعارضة مختلفة فيما بينها ولولا هذا الاختلاف لكان وضعنا الان مختلفا
وارجو منك في المرة الاخرى ان تظهر الشجاعة الللازمة لاعلم اسمك كما علمت اسم الكاتب بشار السبيعي


7 - الى السيد الفاضل نبيل السوري
إسراء لبابيدي ( 2011 / 9 / 23 - 21:40 )
كتبت لك ملاحظة عند الكاتب المحترم علي الانباري أرجو أن تقرأها ولن أسجل أي تعليق هنا بعد ردك المفحم على الكاتب بشار السبيعي المتلون وأمثاله من الذين يسبحون مع التيار أقرأ كل تعليقاتك وأؤيدك دائما نحن بحاجة لصوتك القوي لا تفضحوا النظام فقط بل المتلونين أيضاًوشكراً

اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار