الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوسطية والسمسرة ... قوالبٌ لتجميل الكذب

قاسم محمد يوسف

2011 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


على هامش التوأمة الوظيفية


عندما يقول المرء أنه مع تمويل "المحكمة الدولية الخاصة بلبنان" فهذا يعني (أقله في اللغة السياسية) أنه يدعم مسيرها ومسارها, ولكن, ما أن يخرج هذا الكلام على لسان الرئيس نجيب ميقاتي عليك أن تكون حذراً!
فنجيب ميقاتي يتعاطى الشأن السياسي على النحو الأتي:
إن كان خطابه مؤلف من صفحتين أعطى الأولى لفريق معين والثانية للفريق المنافس فيكتب الأول ما يروقه والثاني كذلك وما عليه سوى القراءة ... والتلعثم.
نحن ننأى بنفسنا عن البيان الرئاسي "الكوني" لإدانة العنف في سوريا, لكننا, نثني على الموقف التاريخي للملك عبد الله بن عبد العزيز, نوافق على القرارات "الحكيمة" لجامعة الدول العربية التي أُقرّت بالإجماع في القاهرة, لكننا, نصدر بيان رفضها من بيروت, ملتزمون بالمحكمة الدولية التي أنشئت "مبدئياً" لإحقاق الحق, لكننا, لن نسلمها المتهمين حتى وإن تجّول أحدهم على دراجة نارية قرب السرايا الحكومي, ملتزمون بالشرعية الدولية والقرارات المنبثقة عنها, لكننا, لا نطبقها بكافة مندرجاتها حرصاً على السلم الأهلي والعيش المشترك, نحن مع ضبط الأمن وفرض الإستقرار وتشجيع السّياح وتهدئة المواطن, لكننا, لن نعلق على خطف الأستونيين ولا على إطلاق سراحهم وكذلك "قـظـان" الرويس وعبوة أنطلياس وإستهداف اليونيفل ومقالة "التايم"!

تكثر الأمثلة وتطول الشواهد ولا من وصف ينصف دولته سوى ذكرى "مانوشار غوربانيفار" (وهو أحد السماسرة الإيرانيين الذي كان عراباً لصفقة السلاح الأمريكية – الإسرائيلية – الإيرانية) الذي قالت عنه صحيفة "نيورك تايمز" بأنه تعرض لإمتحان أمام جهاز كشف الكذب فتبّين أنه لم يقل الحقيقة إلا جواباً على إسمه!

القاسم المشترك بين السمسرة والوسطية هو الكذب, بل أن السمسرة والوسطية والكذب يخرجان من رحم واحد, فلا يُعقل أن تكون سمساراً ناجحاً دون أن تشرب الكذب مع الحليب, وكذلك هي الحال مع الوسطية وتحديداً الوسطية السياسية, فحينما يكون الشرخ عامودي والإختلاف جوهري عميق وتقول بأنك وسطي فهذا يعني في ما يعني أن ذلك فـيـلٌ ضخم يزن طنين ونصف ولكنه قد يطير إن أحسن إستخدام خرطومه!

"وسطيٌ" خاض المعركة الإنتخابية تحت عناوين سياسية تشكل طرفاً حاداً من طرفي النزاع القائم, وقف إلى يمين سعد الحريري يوم إعلان اللائحة في طرابلس - يقول المتابع- مصفقاً بحرارة عند كل كلمة همس بها "الشاب المعشوق", لم يعترض على مواقف سياسية من "الوزن الثقيل" ولم يصدر بياناً لينأى بنفسه أوليذكرنا بوسطيته, جلّ ما إجترحته وسطيته –يضيف المتابع- تمثل بقراءة واقعية لميزان الربح والخسارة أدرك على اثرها إستحالة دخول البرلمان بعيداً من "المحدلة" الحريرية.

وعليه, فإن الوسطية المزعومة لا تشكل حلاً بقدر ما تكون مشكلة قائمة بحد ذاتها, وهي مشكلة تتفاقم في وضع محموم كالوضع اللبناني, فلا يمكنك أن تجمع بين الشيئ ونقيضه, أن تكون مع العدالة وضدها مع الدولة وضدها مع حرية الشعوب وضدها أن تحمل قلماً تكتب فيه باليمنى وتمحي ما كتبته باليسرى (كما قال الرئيس السنيورة في جلسة الثقة), ... لا يمكنك أن تركب بحراً هائجاً بلا مركب ولا أشرعة ولا حتى ... سترة نجاة!

أن تكون سمساراً فهذا يعني أنك تُروج لصفقة معينة أدرجت في ركابها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بهدف إنجاحها, أما أن تكون وسطياً (على الطريقة الميقاتية) فذاك يعني أنك إجترحت وسيلة تنقّض من خلالها على الغاية وبالتالي لم تعد الغاية تبرر الوسيلة بل العكس هو الصحيح, ويبقى أن الكذب ملح الحالتين!

ختاماً, يستحيل على أي سياسي أن يبني مشروعه من دون قضية أو أن يستمربالمراوغة دون تسجيل موقف أو خارطة طريق, وعليه, أن يسرق ميقاتي السلطة في لحظة ضعف معينة لا يعني مطلقاً أنه قادرٌ على ملئ الهوة وسد الفراغ خاصة وأن سياسة الخطوة إلى الأمام وأخرى إلى الخلف لن تؤتي أُكلها على الساحة السياسية ولن تُصرف أصواتاً في صناديق الإقتراع بل ستتحول جحيماً تحرق صاحبها وتُضعف عرشه السليب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز