الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا والدور الأقليمي المزعوم

حسين عدنان هادي

2011 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يعتبر عام 2002 عاما ديناميكيا ومؤثر وفعالا في السياسة التركية الداخلية منها والخارجية, أذا شهد ذلك العام فوز وصعود حزب العدالة والتنمية ليشكل هذا الحدث بدوره مقدمة لسلسلة من التفاعلات الداخلية تمخض عنها انقلاب في عدد من السياسات التقليدية للجمهورية التركية ومنها السياسة الخارجية للبلاد , مما مهد لتركيا للعب دورا لا ياستهان به في الواقع الإقليمي والدولي وهي نتيجة للسياسة المعتدلة والهادئة والرغبة الحيادية في تبني علاقات قوية ومنهجية ورصينة ومتينة مع الدول الجارة وبالأخص الدول العربية . ان حالة تركيا حالة طوباوية لدولة استطاعت أن تحكم قبضتها على مرتكزات وعناصر كثيرة من مقدرات الدور الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط ؛ بعد أن مزجت مزجًا عجيبًا وعبقريًّا بين مصادر قوتها الصلبة :اقتصاد متين ورصين جيش كبير العدد ومتمكنا ومتسلحا تسليحا حديثا وعدد سكان وصلات تاريخية أوسع بعمقها العربي والإسلامي إضافة للموقع الجغرافي ”الجيوإستراتيجي والجيو بوليتيكي الذي مازالت تحتفظ به حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي,وفي الحقيقية أن تركيا باتت نقطة الارتكاز بين أوربا والعمق الآسيوي من جهة، وبين أوربا ومنطقة " الشرق الأوسط " المضطربة من جهة أخرى,وعليه فأن الواقع اليوم ينبئنا عن دور ريادي سوف تكون محوره تركيا وإطرافه الدول التي تريد بناء وطيدة وطيبة علاقات إقليمية ذات طبيعة سلمية قائمة على تبادل المصالح والتنافس السلمي، حيث كسبت تركيا عمقا استراتيجيا لتكون جسرا يصل بين العرب وإيران, وأصبحت الآن على أتم الاستعداد للتحول إلى قوة إقليمية تتمحور حولها السياسة وتدور في فلكها وحولها المصالح الخاصة بأمريكا والدول الغربية لتجعل منها حليفا وشريكا أساسيا في عملية التحول السياسي الدبلوماسي الايجابي نحو بناء علاقات مع الدول الإقليمية من خلال تركيا.
الحقيقة أن الحراك الدبلوماسي التركي السلس والمرن والثابت الذي لفت انتباه المراقبين والسياسيين وأثار جدل كبيرا وحماسا ليس حماسا طارئا ولا هو رد فعل لضغوط معينة، ولكنه حلقة في أجندة مدروس بذكاء تنطلق من رؤية إستراتيجية معمقة واضحة المدارك وواسعة الأفق، استهدفت بالأساس نزع ذلك التصنيف الذي حصر تركيا بمجرد كونها جسرا بين الشرق الإسلامي والغرب، وأنها نموذج معتبر يوصف لمن أراد الدمج السياسي بين الإسلام والديمقراطية في نظام واحد مثالي لا يوجد له مثيل ولا نظير في الساحة الإقليمية. إن تركيا استطاعت أن تنفتح على كافة المحاور في منطقة الشرق الأوسط، ولم تتخندق في محور متشدد كان أو معتدل، وإنما تبنت خطابًا سياسيًا متعاطفًا مع الأوضاع في المنطقة العربية ، وسعت إلى تجاوز هذا الوضع من خلال التعاون مع دول المنطقة، وليس من خلال العمل على نحو يحرج الأنظمة الحاكمة في هذه الدول، لذا فقد كانت المحصلة النهائية مزيدًا من العزلة بالنسبة إلى إيران، ومزيدًا من الانفتاح على تركيا من قبل الدول العربية "معتدلة" كانت أو "ممانعة".
ولعل الإشارة إلى الدور التركي في المنطقة العربية من الضروريات الحتمية التي يدور حولها موضوع المقال فأن علاقة تركيا مع العرب علاقة سليمة كما وصفها رئيس الخارجية التركية احمد داود أغلو, وفي الحقيقية لا يمكن استبعاد توظيف علاقات قوية اقتصاديا وسياسيا وعلميا وثقافيا لصالح دول عربية من خلال تركيا وان الدول العربية مازالت تفقد كل يوم تأثيرها وقدرتها على تحقيق انجاز يذكر.. تعزيز مصالح تركيا بالدول العربية كفيل بوضع الخبرات والسياسة التركية والتقدم التركي في صالح مشروع عربي يُمكّن من الاستفادة منها ويربطها بشبكة مصالح قوية لا تجعل الدول العربية الحديقة الخلفية لتركيا وعينها على الاتحاد الأوروبي، لكي يعطيها العضوية ولكن تجعلها في قلب اهتمامها وسياساتها ومصالحها. استثمار الممانعة التركية تجاه إسرائيل واليد الممدودة تجاه العرب فرصة تاريخية لإعادة ترتيب مستقبل منطقة لن يكون اللاعب فيها مستقبلا الغرب وحده .أن توظيف علاقات العرب مع تركيا يقوم على توازنات القوى الصاعدة في المنطقة، معادلة مهمة وضرورية للعرب، لكن الأهم من كل هذا النظر في علاقات قوية وشراكة استراتيجيه محاطة بأحزمة من المشروعات الاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلمية.
أن القراءة ألامعان للواقع الدبلوماسي نجد بان المعطيات السياسية على الساحة الدولية تشير إلى أن المنافس الوحيد بغض النظر عن إسرائيل لتركيا هو إيران وان تركيا انتهجت سياسة خارجية أكثر فاعلية من سابقاتها اتجاه إيران ألا أن سياسات هذه الحكومة إزاء إيران تعكس إلى حد كبير استمرارا لسياسات الحكومات التركية السابقة في أواخر القرن العشرين وكما يلاحظ بعض الباحثين، "فإن تركيا كانت تنظر إلى إيران على أنها بخلاف بلدان الشرق الأوسط الأخرى، دولة قومية كبيرة ومهمة يجب إدارة "العلاقات" معها وليس مواجهتها . إن رغبة تركيا في أتباع سياسة إدارة أو تدبير العلاقة مع إيران بدلا من مواجهتها، تزال حتى اليوم أمرا لا بد منه في رؤية تركيا للسياسة الخارجية ألا أن هذا الميل العام والتفضيل التركيين للدبلوماسية والإدارة عندما يتعلق الأمر بالشئون الإيرانية لا يكفي لفهم التغييرات العميقة التي تشهدها سياسة تركيا الخارجية إزاء الشرق الأوسط بعامة وإيران بخاصة، مما أدى إلى حدوث تقارب لافت بين تركيا وإيران عبر عن نفسه في صفقة نقل اليورانيوم الإيراني المخصب مع كل من تركيا والبرازيل,علاوة على تصويت تركيا ومعها البرازيل ضد فرض حزمة رابعة من العقوبات ضد إيران في مجلس الأمن وفق القرار 1929 مع الزيادة المضطردة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفق مؤشرات محددة.
وبعد الحديث الموجز عن علاقات الجمهورية التركية في المنطقة العربية بصورة عامة وإيران بصورة خاصة فيتوجب علينا ان نخوض دراسة موجزة عن الدور التركي الإقليمي وتأثيره على الشيطان الأكبر في الشرق الأوسط إسرائيل . شهدت العلاقات التركية الاسرائيلة نوعا من الفتور والتوتر بين الجانبين في الآونة الأخيرة تشير المعطيات على أرض الواقع إلى أن هذه العلاقة لن تتأزم على نحو أخطر مما هي عليه الآن أو بشكل دائم. ويعود السبب الرئيسي في ذلك عدم اللجوء إلى تحالفات عميقة بين الطرفين أولا، وإلى أوضاع داخلية تحرص على عدم تجاوز المصالح العسكرية والاقتصادية والسياسية للطرفين، ثانياً. وأخيرا وليس أخر هنالك عدة أسئلة استتراتيجية أود أن اطرحها وهي كما مدرجة أدناه:
س1- هل ستكون تركيا الجسر والمحور ألارتكازي بين العرب وإيران؟
س2-في ظل سيطرة ثلاث دول على الشرق الأوسط وهي إيران وتركيا وإسرائيل لمن ستكون الغلبة في حلبة الصراع الكبيرة؟
س3 أن فهم دور تركيا الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط المفتاح الرئيسي لفهم دور الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المنطقة؟
س4- هل أن تركيا ودورها في الشرق الأوسط هو لمواجهة واحتواء النفوذ الايراني أم لأي شئ أخر وما هو؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة