الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملحمة الحرب والحب

حسن يوسف عبد العزيز

2011 / 9 / 5
الادب والفن


هولاء المصطفين على جوانب الطرق
وفى الساحات
ينثرون الورود وعناقيد الفل والياسامين
هولاء الذين يرفعون رايات النصر
والذين يهللون ويكبرون
لا يعرفون شعور الجندى العائد من الحرب
هكذا كان يقول لى صديقى دائما
صديقى الذى مات بين يديا
لفظ انفاسه الاخيره على صدرى
كان يبتسم رغم كل الالام
رغم نزيف الدم من فمه
كان ينظر الى السماء
لم ينطق الشهادتين
كان اسمها اخر كلمه خرجت من فمه
لتسابق صعود روحه
ليلى
محبوبته التى طالما حكى لناعنها
طالما وصف عينيها الساحرتان
وصف شعرها قوامها
كنا نسمع ضحكتها تخرج من بين كلماته
اربعه سنوات على الجبهه
يرسمها على حيطان العنابر
على رمال الصحراء
كان يحفر اسمها على ماسوره البندقيه
لم يكن يفعل شيئا سوى كتابه الشعر والخواطر
سوى سرد الحكايات عن ليلى
احببتها من كلامه
صرت اتخيلها
حلمت بها مئات المرات
كان يقول لى دائما يا صديقى
حينما تقف فى طوابير العرض العسكرى
وتسمع تصفيقات الناس وتهليلاتهم
لا تزهو بانتصارك
سد اذنيك
فهم يهللون لانفسهم
انت اخر من يفكرون فيه
لا احد يا صديقى يشعر بشعور الجندى العائد من الحرب
قال لى
لا تتعجب حينما توزع الانواط والقلائد على
القادة العسكريين على المغنيين المهرجين
وبائعى الكلام
لا تتعجب حينما تجد عاهره فى الصف الاول تستلم نيشان البطوله
اما انت فستقف فى الشمس
كخيال المأته
ستصبح كعرائس البترينات
سيصطف الناس للفرجه عليك وعلى زملائك
دائما كان
يقول لى لا احد يشعر بشعور الجندى القادم من الحرب
فى الحرب يا صديقى لا ينتصر الجنود
ينتصر تجار السلاح الساسه
كان دائما يقول لى
حينما تقف فى ساحه النصر
وتشاهد كل هولاء الذين يصفقون ويهللون
تذكر انك لو عدت مهزوما
كانو سيلعنونك ويبصقون عليك
وربما رجموك بالحجاره
كان يقول لى انظر الى كل الجنود من حولك
وجوههم البائسه
عيونهم الغائره
اجسامهم الهزيله
انهم ابناء بيوت الطين فى القرى
ابناء عشش الصفيح والحوارى والازقة الضيقه
فالاغنياء لا يحاربون
انهم ينتظروننا فى الخارج كى يجنون ثمار انتصارنا
فى منزل امى
صرخت حينما راتنى
كان يديها مخضبه بالطين
ارتميت فى حضنها كطفل تائه منذ سنين
تمنيت لو انى استعيد مكانى فى رحمها
تمنيت لو غسلتنى من دموع بكائها
نظرت بطرف عينيا الى اخوتى الصغار
ينامون على نفس المفرش القديم
الذى كنت انام عليه منذ عشرين سنه
لا شىء تغير
هكذا كان يقول لى صديقى دائما
لا شىء سيتغير
فى الطريق الى بيت ليلى
مشاعر مختلطه
حزن والم فرح لهفه اشتياق
ربما هى تعرف خبر موته
ربما ترتدى الان ملابس الحداد
وتعصب راسها بعصابة سوداء
ربما لا تعرف
ستنهار سترتمى فى احضانى
ستجهش بالبكاء
ربما تسقط مغشيا عليها
كنت اضع كل الاحتمالات فى رأسى
لا انكر انى بداخله فرحه غريبه
ورغبه غير عاديه فى رؤيتها
صعدت سلالم العماره القديمه
طرقت الباب مره اثنتين ثلاثه
فى الرابعه خرجت سيده عجوز من الباب المجاور
عن من تبحث يا بنى
قلت لها عن ليلى
قلت ليلى لقد تزوجت منذ ثلاث سنوات ونيف
ضحكت بهيستريا اخافت السيده فاسرعت نحو الداخل
اخذت اردد كلمات صديقى الغائب
لا احد يعرف شعور الجندى القادم من الحرب
لا احد يعرف شعور الجندى القادم من الحرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل