الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطأ طبي

احمد جبار غرب

2011 / 9 / 6
الادب والفن


خطأ طبي


دخلت المعينة الى الغرفة التي ارقد فيها حيث أعاني من تورم في لثتي أدى إلى نزيف دموي مما استدعاني لاختيار المستشفى منفى لآلامي المبرحة ..أبلغتني المعينة وحسب معلومات توفرت لها بأن موعد العملية سيكون غدا صباحا الساعة الثامنة ونوهت بعد أتناول الأكل والشراب اعتبارا من هذا المساء وأكدت لها التزامي بهذا لأنه يصب في مصلحتي ثم غادرت الغرفة ..كنت دائم التفكير والرهبة من العملية كوني اجري أول عملية جراحية في حياتي وهذا يجعلني متحسسا أكثر لكني امتلك رباطة جأش تمنحني الثقة وتجاوز بعض الصعوبات.
سمعت الباب يفتح بهدوء أوه..أنها الممرضة دخلت الغرفة واتجهت نحوي لان ميعاد الحقنة قد أزف ورغم إني أبديت عدم اهتمام من تحضير الممرضة للحقنة إلا إني كنت هلعا من ذلك ولا اعرف لماذا؟ربما أتصور إن الممرضة ستغرز الحقنة بكاملها بجسدي النحيل وهذا يؤلمني رغم إن هذا مجرد أحاسيس ليس لها وجود قد تكون غريزية من منبعها عقد الطفولة
مددت يدي إلى الممرضة حيث موع الغرز(الكانونة)مع ابتسامة مهذبة للسيطرة على سلوكي الداخلي لكني لا اخفي قرفي من منظر الحقنة

-لتتحرك ثواني وسننتهي أنها من المضادات الكبرى وستفيدك حتما ..وصمتت لثوان ثم بادرتني

-قلي ماذا تعمل؟
فاجأتني بسؤالها

-حقيقة إنا لدي ورشة لتصليح السيارات
رفعت الممرضة حاجبها تعجبا

-لأعليك أمورك جيدة ستكون بمأمن عن العوز والحاجة
كانت ثلاثينية بيضاء اللون بصوت رخيم يشنف الأذان
أجبتها

-لو كان مال قارون عندي ليعوضني جزء يسير من ألمي وصحتي
مدت الحقنة وزرقتها بهدوء ولم اشعر باالوخز

-شكرا لك آنستي لم اشعر بها إطلاقا ؟.ثم أردفت
-عاشت يدك
ابتسمت الممرضة لي حيث أشعرني ذلك بالارتياح
نهضت قليلا من السرير لاتكأ على حافته كانت بجانبي مجموعة من الصحف والمجلات القديمة جلبها شقيقي لولعي الشديد بالقراءة رغم أنها أضعفت نظري إلا إني أدمنت عليها لإحساسي باني في حالة اكتشاف دائم لكل الأشياء التي تحيط بي ولا أطيق يوما إن يكون بلا قراءة حتى في أحلك الضروف ...تصفحت أحداها كانت مرمية على منضدة الأدوية...صحفي مغمور اكتشف فضيحة ووت رغيت...القوات العربية تحقق انتصارات على الجبهة الشرقية ...اللجنة التحقيقية الخاصة تحكم بإعدام ناظم كزار ...نيكسون يلوح بالاستقالة ...قارب الوقت ليلا حيث
هدأت الحركة في الشارع وبدا السكون يسود المكان قل ضجيج الحافلات وخفت لغو المارة ودبيبهم شعرت بالتثاؤب عبر حركة معتادة وضغطت على صدري بيدي اشعر بالكرى يدب في جسمي فاستسلمت له صاغرا .
نهضت مبكرا على أصوات وجلجلة العاملين بالمستشفى تذكرت ميعاد العملية الجراحية التي ستجرى لي وهذا يشعرني بالرهبة والقلق واستدركت منظر المشارط والمقصات وكيف ستجعل من جسدي ملعبا لها .لابأس في ذلك سأكون تحت التخدير العام وتلك نعمة كبيرة حققتها البشرية بتجاوز الألم
دخلت المعينة ورمت قطعة من القماش على السرير وهي عبارة عن ثوب سوف ارتده وقت العملية وأردفت بالقول
-هذه الدشداشة ستلبسها ألان سنأخذك لغرفة العمليات بعد قليل
أسلمت أمري للأقدار ومبضع الجراح لتقرير مصيري خرجت المعينة بينما تثاقلت في ارتداء دشداشتي بعد إن اسدلت ستائر السرير
دخلت الممرضة حاملة ورقة بيدها قدمتها لي بينما إنا ساكن ومصغي لها
-هذه الورقة يجب إن توقع عليها .
- لماذا؟وماذا بها؟دعيني اقرأ فحواها ...أخذت الورقة متلهفا لمعرفة سرها
- هل فقط إنا أتحمل المسؤولية في تبعات مايجرى لي الاتشاركوني بها ..قلتها مازحا ثم وقعت على الورقة لكي أتحمل مسؤولية العملية وما ينتج عنها وانأ اعرف إن بعض الناس يتوفون إثناء إجرائها و
بسبب عدم تحمل أجسامهم للتخدير العام أو عندما تكون الجرعة كبيرة .. أو لأسباب أخرى محتملة ضحكت بيني وبين نفسي لابأس أنها تسوية للتنصل من الأفعال لكن بالقانون ..شردت أفكاري إلى مدى بعيد مع هواجس كانت نائمة ومرعبة ايقضتها وانهالت علية متواترة..العذاب والخلود الأزلي والجحيم والحساب والثواب والنعيم سلمت نفسي للأقدار وتركت خيالاتي المشوشة إلى غير رجعة لأكون في لحضني وساعتي ..صعدت للسرير بعد إن انتابني سكون غريب بينما ضلت المعينة ترمقني بنظرات لا اعرف بماذا توحي شككت فيها ربما تبحث عن (اكرامية)لأنها ستدفع السرير إلى صالة العمليات ولن أكون متوفرا حينها لكن إن بعض الشك غير إثم أو تعاطفا مع وهني وحالتي القلقة انطلقت المعينة بدفع السرير بالاتجاه نحو الصالة وانأ أوغل في التأملات بينما تنزلق الدواليب الصغيرة مسرعة في الأروقة والممرات .وها قد وصلنا إلى الهدف إلى الصالة الكبرى نهضت الى سرير العمليات وقد لمحت جمعا من الأطباء والمساعدين والممرضات وقد احتشدوا حولي وقد ارتدوا الثياب الخضراء الكاملة بينما لا أرى سوى العيون تتلصص من هنا أو هناك في اتجاهات مختلفة وانأ حاولت إن قرص يدي باضا فيري لاحس بوجودي خشية الشك في انتقالي إلى العالم الأخر وفعلا شعرت بالوخز إذن لازلت على قيد الحياة
وقف الطبيب قربي بينما انشغل الكادر التمريضي بتهيئة احتياجات العملية وإعداد الطاولة ..اقترب مني الطبيب وقد بدى فارع الطول يجيد الانكليزية بطلاقة نزع الكمامة من وجهه اقترب مني وانحنى قليلا ليكلمني قال بصوت هامس
-سنجري لك العملية لإزالة ورم صغير في اللثة ستكون الأمور على مايرام أهدئ قليلا نحن معك ومن أجلك ستستغرق العملية أربع ساعات وتكون بخير بعدها.
ارجع الطبيب الكمامة إلى وجهه بينما أشار إلى الطبيب التخدير باجراء اللازم في حين ربطت قدماي بحافة السرير ووضعت الممرضة أنبوبة الهواء النقي(الاوكسجين)في انفي وقالت

-عيني خذ نفسا عميقا جدا مرة ومرتان
وشهقت أنفاسي بكل قوة..ولاح لي الطبيب المخدر يهيأ الحقنة لزرقها في جسدي وفي ساقي تحديدا
-بسم الله الرحمن الرحيم وأكمل متمتما بايات من إحدى السور وزرق الحقنة الأولى كانت طويلة أزعجتني شعرت بدوار وغشاوة في عيني بينما قال الطبيب الجراح
-يحتاج لحقنة ثانية اقل تركيزا
قلت في نفسي ماذا يجري لي يا ألاهي وقد هيأ طبيب التخدير الحقنة الثانية بناءا على أمر الطبيب الجراح وها هو يهم في حقنها لي
- يا الله
- شعرت ومع شهيقي للهواء النقي(الاوكسجين)بخفة جسمي وقد بدى بصري يضمحل رويدا رويدا وكنت أرى المحتشدين كالأشباح و كشريط سينمائي بالعرض البطيء حتى اقترب العرض على نهايته لمحت أخر صورة من قنينة المغذي تتدرج في التلاشي من ناضري ..
-


انتهت بموت المريض بالخطأ الطبي بتأثير
الجرعة الثانية من حقنة التخدير

(أكملت)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت