الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نخلة لكنها محنيه

طالب المحسن

2011 / 9 / 6
الادب والفن


نخلة لكنها محنيه
رغبتي حقيقيه في أن استهل مقالتي بكلمات سبارتاكوس الاخيره للشاعر أمل دنقل :
معلق انا على مشانق الصباح
وجبهتي بالموت محنيه
لاني لم احنها حيه
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
منحدرين في نهاية المساء
في شارع الاسكندر الاكبر
لا تخجلوا ولترفعوا عيونكم الي
لانكم معلقون جانبي على مشانق القيصر
فلترفعوا عيونكم الي
لربما اذا التقت عيونكم بالموت في عيني
يبتسم الفناء داخلي لانكم رفعتم راسكم مره
يبدوا اننا لن نجد مسؤولا يرفع رأسه مرة واحده ليرى نخيل العراق الباسق وقد احنى رأسه وكأنه ينظر للأرض . نفرح جميعا حين يتم زرع النخيل في الشوارع لكني اتعجب لماذا المعنيون بزراعته يهملون هذه الاشجار المحنيه وكأنها مشانق للعراق , اشجار مشوهه تجرح العين في ساحة الاندلس , الامه , القناة وفي اماكن كثيره .
الآباء اقصر من أبنائهم , بعضهم عن عدم درايه يقول ان الاجيال الجديده اكثر طولا والحقيقه ان الغضاريف الموجوده بين الفقرات تتكلس مع العمر فتصغر , فتقل المسافات بين الفقرات ولذلك يخسر الانسان من طوله ناهيك عن هشاشة العظام التي تسبب انكباس الفقرات , بعضهم بسبب الهشاشه تنكبس بعض فقراته وتتحول من شكلها المستطيل الى شكل مثلث مما يسبب انحناء العمود الفقري فيصبح كنخلات العراق المريضه ينظر للارض .
ألعمر وخسارات الجسد كثيره لكن الانسان يجب ان يبقى محط الاهتمام مادام حيا وحتى بعد الموت يجب ان نعتني بذكراه .
في رمضان , عرضت علينا مسلسلة فاتنة بغداد يستعرض فيها حياة المطربه العراقيه عفيفه اسكندر , وهذه لمسه رائعه ورائده من قبل المعنيين بالامر لأن الفنانه عفيفه اسكندر مازالت على قيد الحياة ... صحيح ان خسارات العمر كانت كفيله بأحناءها لكن المرأه وصوتها الرائع لازالا فوق الارض .
رغم ان في العراق بساتين كثيره ومزدحمه بالنخيل بأنواعه الكثيره لكن النخيل المطأطئ الرأس يثير انتباهي مثلما يثيره الساسه مطأطئي الرؤوس الذين لا يمكنهم ان يبصروا مترا واحدا للامام وأحكموا الظلمه على العراقيين وأبقوهم منشغلين بكل ما هو بعيد عن التنميه والتطور .
كولن ولسن في احدى كتاباته يضرب مثلا على اهمية العقل والتبصر والتي بدونهما لا يرى الانسان ابعد من قدميه , احدهم كان عليه تسلق جبلا شامخا لكن الوقت ادركه وحل الظلام عليه وهو لم يصل بعد الى القمه , وهو يحاول زلت قدمه فمسك صخره بيديه وبقي متدليا حتى الصباح .....وتحت نور الفجر شاهد المتسلق وجود صخرة كبيره تبتعد بضع سنتمترات عن قدميه , ترك يديه ليستريح على الصخره بعد عناء ليل طويل .
ان تحجيم امكانياتنا يجعلنا نعاني من صعوبات الحياة , تلك الصعوبات المصنوعه بعنايه كبيره من قبل المسؤولين .
الآن أتجول في بغداد لعلي ارى شاهدا لهذه السنوات الثمان العجاف فلا ارى مجمعات سكنيه في معسكر الرشيد ولا ارى مشروع 10×10 ولا عمارات سكنيه في كورنيش الكاظميه اما الاعظميه فكورنيشها نصف مغلوق !! لا ارى مولات ولا شارع الرشيد تطور وعاد لأربعينيات القرن الماضي !! ولا شوارع جديده ولا مدارس ولا جامعات ولا ولا ولا............. واشعر ان وعودهم ليس كذبا وحسب وانما امعانا في تعذيب الناس ومنعهم من رفع رؤوسهم ليكونوا تماما مثل النخيل محني الرؤوس .
الساسه غير معنيين برفع رؤوسهم , انهم ينظرون الى نفس البقعه منذ استلامهم امور هذا الشعب , انهم ينظرون الى مصالحهم ومن اجل ذلك أحنوا رؤوسنا ايضا حتى نغرق في يوميات لانهايه لها ولا نبصر أبعد من أقدامنا.
بعد كل هذا , أليس من العبث وجود نخلا باسقا ؟ فليس هناك من يرفع رأسه !. يبدوا ان نخيل العراق ادرك هذا فأحنى رأسه كالآخرين !!.
هل علي ان أذكر بقية القصيده ؟
والودعاء الطيبون هم من يرثون الارض في نهاية المدى
لأنهم لايشنقون
فعلموه الانحناء
علموه الانحناء
وليس ثم من مفر
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت : قيصر جديد
وخلف كل ثائر يموت احزان بلا جدوى ودمعة سدى !

د.طالب المحسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل