الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات عشية الذهاب الى الامم المتحدة

خالد عبد القادر احمد

2011 / 9 / 6
القضية الفلسطينية


كلما اقترب موعد التوجه الفلسطيني للامم المتحدة, كلما تفاقم توتر المواقف الدولية من هذه الخطوة¸ وتكشفت مسافات مواقف الدول من الحقوق الفلسطينية تبعا لحجم صلة مصالحها بالصراع الفلسطيني الصهيوني, ومن الواضح ان تململ الفلسطينيين من عملية المفاوضات وان قرارهم السير بمسارات مناورة سياسية مستقلة عن مسار التفاوض, وموازية له, قد اجبر المواقف الدولية على الخروج من حالة الاستكانة لمواقفها التقليدية من هذا الصراع, وهي باتت مجبرة على اجراء حسابات دقيقة للموقف الذي ستتخذه من الخطوة الفلسطينية ومن انعكاسات نتائجها مستقبلا على هذه المصالح.
في مقابل هذا التوتر في الموقف العالمي, نجد الموقف الذاتي الفلسطيني, ينقسم الى موقفين يعبران عن مسارين منهجيين, احدهما هروبي انهزامي لا يؤمن بمنهجية التراكم. فهو يستسلم امام وقائع المتغيرات السياسية التي تطرأ على الصراع, في حين نجد الاخر يؤمن بمنهجية التراكم هذه ويرى انها تستحدث التغييرات السياسية اللازمة للوصول الى هدف التحرر.
بالطبع فان مجتمعنا لا ينقسم الى اسود وابيض, فان تشكيله السياسي تشكيلا هلاميا يتحدد في ظل الوقائع والمتغيرات, فهناك انهزامية بشأن الكفاح المسلح كما هناك انهزامية بشأن التفاوض, ولا نستهدف في هذا المقال محاورة هذه الانهزامية, فهي نمطية سلوك تعكس بنيوية فكرية اجتماعية لا خلاص من توالدها في المجتمع, ولكن يمكن التقليل من حجم تبلورها واثرها الاجتماعي حين يتلمس المجتمع وجود ما ينفي تخوفاتهم من الواقع.
فمجتمعنا الفلسطيني, وبحكم تاريخ من سيطرة منهج الانهزامية عليه, اغتربت عزيمته القومية عن معرفة وادراك والثقة باهميته الجيوسياسية في الصراع الدولي, واهمية ووزن مناورته المستقلة في هذا الصراع, خاصة انه مورس عليه تضليل اعلامي زرع فيه ثقافة الخضوع للظروف غير المواتية لنضاله وتقديم التنازلات تفاديا لتلقي مخاطر هذه الظروف, وقد عمق فيه هذا الخلل ثقته بالاعلام الرسمي الاقليمي ايمانا منه بالصلة الروحية الدينية والصلة العرقية العروبية, في حين كان هذا الاعلام الرسمي يعمل على ان تدفع فاتورة الحقوق الفلسطينية امن وسلام مصالحه القومية الخاصة, وهي في جوهرها مصالح طبقات وانظمة مسيطرة لا تاخذ بالاعتبار مصالح شعوبها وطبقاتها الشعبية نفسها.
ان معركة الذهاب لهيئة الامم المتحدة لا تتمحور عبرتها الثقافية, فقط حول الحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعضويتها, رغم اساسية هذا الهدف, لكنها ايضا تكشف عن وزن وقيمة المناورة السياسية الفلسطينية في الصراع العالمي, وهذا الجانب هو الجانب هو الجانب الاهم استراتيجيا بالنسبة للشعب الفلسطيني لانه جانب تربوي نضالي يعلم رفض الخنوع للامر الواقع, وينتشلنا من ثقافته الانهزامية, اما الحصول على الاعتراف فهو هدف تاكتيكي يمكن العودة لتكرار مناورة تحقيقه,
هنا نجد انه لا بد من التعريج على الراي القانوني الذي كشف لنا مخاطر _ التوجه غير المدروس قانونيا_ لهيئة الامم المتحدة, وبهذا الصدد لا بد من توجيه شكر للقانوني البريطاني مستر جيه الذي كان مخلص في نصحه لنا, غير انني اظن انه قدم النصيحة المتناغمة مع العرض الفلسطيني الذي قدم له حول الصراع الفلسطيني الصهيوني, ومن المؤسف اننا وجدنا لنصيحته فورا صدى انهزامي في مجتمعنا, وهنا لا بد من القول ان قيادة السلطة ومنظمة التحرير تتحملان مسئولية ذلك,
فمن الواضح ان هذا القانوني لم يتوضح له فارق شمولية _ القضية الفلسطينية_ عن خصوصية وضع الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م. وهو خلل يقع فيه حتى قياداتنا الفلسطينية نفسها, التي لا تميز المعطى السياسي الذي يتركه هذا الفارق في واقع الصراع, وهو معطى سياسي ادركت الحركة الصهيونية شدة خطورته وتحاول الان تفاديه بطرحها طلب الاعتراف _ الفلسطيني_ بيهودية الدولة الاسرائيلية, والذي يعني اتفاق طرفي الصراع على تحديد الهوية القومية لفلسطين المتصارع عليها بينهم,
ان المعطى السياسي للاعتراف بوجود اسرائيل وحدودها, وكذلك المعطى السياسي لاتفاقيات اوسلو, جميعا لا ينزع ولا ينهي الخلاف بين الطرفين على الهوية القومية لفلسطين. لكن انهاء النزاع بينهما على اساس اتفاقهما _ التفاوضي_ على تحديد الهوية القومية _ لفلسطين الارض المتنازع عليها_ يلغي الى الابد المطالبة الحقوقية القومية الفلسطينية بفلسطين, وما يترتب عليها من حقوق تحرر ومواطنة. ففي ظل التحقق السياسي الصهيوني الراهن, بوقائع على الارض او اتفاقيات معقودة مع الاطراف الاقليمية ومع الفلسطينيين ذاتهم, فان الاساس القانوني للمطالبة السياسية الفلسطينية بكل فلسطين حرة مستقلة يبقى قائما ولا يسقط الا في حال الاعتراف بيهوديتها فحسب.
ان عدم الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة هو في الحقيقة خط الدفاع الفلسطيني الاخير. الذي يجب على مثقفينا ان يرفعوا مستوى الوعي الفلسطيني به, وهو الخط الاحمر الحفيقي الذي لا يجب تجاوزه, فهو القاعدة القانونية التي ستشرع للفلسطيني حقه في تعديل ميزان القوى مع الصهيونية فكرا ومجتمعا ودولة وهزيمتها واسترجاع كافة حقوقنا القومية,
ان الجوهري في الذهاب الى هيئة الامم المتحدة هو في تحديد _ مطلبنا_ بصورة سليمة, بل من المتوقع ان تكون المعركة في داخل اروقة هذه الهيئة هي المعركة الفعلية , وهي قطعا ستكون معركة صيغ قانونية, لذلك نجد ان كثيرا من الدول سيتجاوز موقفها الفعلي مسالة الموقف من المبدأ الى مسالة الصيغة القانونية التي سيتم طرحها للتصويت عليها.
ان حفظ حقوق منظمة التحرير الفلسطينية في استمرار تمثيلها _ لكامل المجتمع الفلسطيني_ انما يعني طرح صيغة اقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967م باعتبارها اراض فلسطينية محتلة_ ولا يجب ان يرتبط ذلك بالاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية _ فالاعتراف بهذه الدولة الفلسطينية يجب ان يتم في سياق تطبيق القرار 242 الذي ينص على الانسحاب الاسرائيلي من الاراض التي احتلتها في تلك الحرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين ووسائل الإعلام الحكومية الروسية يسخرون من أداء بايدن و


.. الانتخابات الفرنسية.. الطريق إلى البرلمان | #الظهيرة




.. إيران أمام خيارين متعاكسين لمواجهة عاصفة ترامب المقبلة


.. الناخبون في موريتانيا يدلون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة | #




.. بعد قصف خيامهم.. عائلات نازحة تضطر للنزوح مجددا من منطقة الم