الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة ومفهوم الادب

سلام الاعرجي

2011 / 9 / 7
الادب والفن


كثيرة هي الاسئلة التي تحاصر ذواتنا , ومن البداهة جدا ان يكون عمق تلك الأسئلة مرتبط بآليات تفكيرنا وعمق وعينا الذاتيين , كما ومن البداهة جدا ان تصطدم كل تلك التساؤلات في بيئات متنوعة تمتد من الواقعي حتى المتخيل واذا كانت المناخات الواقعية تدل على الوجود الفاعل والمتفاعل فربما امتد المتخيل من الفيزيقي الى الميتا فيزيقي وكان قد فجر العديد من التساؤلات الخطيرة بل الاكثر خطورة في عالم الفكر , وبعيدا عن التساؤلات الوجودية ومفاتيحها التي جعلت الابواب مشرعة تجاه الابتكار والابداع والخلق المتواصل , احاول الاجابة على احد اهم الاسئلة التي تحاصرني وبشدة , لماذا نكتب ؟ لنعيد انتاج ذواتنا ؟ لنعيد انتاج الآخر ؟ لنجعل الحياة اكثر توترا وسلاما ؟ اكثر قبحا وجمالا ؟ ... لمن نكتب ؟ ... ماذا نكتب ؟ لماذا اعتقد ان الكتابة والولادة متلازمتان تلازم الدال والمدلول في العلامة ؟ هل تخضع الكتابة لذات الاحتمالات التي تخضع لها الولادة ؟ موت الوالد والمولود ... نجاتهما .... موت احدهما ونجاة الآخر ؟هل فعلا ان الكتابة وظيفة مجتمعية وليست وسيلة اتصال كما يعتقد ( رولان بارت ) ؟ هل فعلا ان الكتابة من السؤ بالضرورة لأنها خارجة عن دائرة الذاكرة ولأنها لاتنتج علما وانما رايا ولأنها أيضا لاتنتج حقيقة ولكن مظهرا كما يعتقد ( افلاطون ) ؟ هلا فعلا ان الكتابة مصطلح يقابل مصطلح الادب كما تعتقد ( جوليا كرستيفا ) ؟ هلا فعلا ان الكتابة اقوى من الموت كما يعتقد ( ستندال ) ... هل يمكننا الاعتقاد ان الكتابة , العلاقة بين الابداع واللغة الادبية ؟ اوليست الكتابة في نهاية المطاف اسطورة .
مفهوم الكتابة
هيمنة فكرة التنظير لمفهوم الكتابة على الكثير من فقهاء وعلماء اللغة والباحثين في مجالات النقد الادبي وعلم النفس والاجتماع والكثير الكثير من الفلاسفة , الا ان الفريق الاكثراهتما وانشغالا بل تطرفا في هذا الاتجاه هو مجموعة ( ف. سولير وزوجته جوليا كرستيفا ) وكان الفريق قد ظم الكثير من الكتاب الفرنسيين بالغي الاهمية في مجال التنظير وتوجيه الثقافة الفرنسية اتجاهاتها الحديثة امثال ( رولان بارت , ميشيل فوكو , جاك درايدا , رومان جاكوبسن , ل . سومفيل ) . لقد اشتغل هذا الفريق – قبل ان يتفكك –على العديد من المحاور كان في مقدمتها مواجهة الكتابة كمفهوم بالادب , وكان لهذا التوجه العديد من الدوافع ياتي في مقدمتها التمرد على الهيمنة الشكلانية الروسية وطروحات ( توزفيتان تودورف ) من جهة ومناكفة الالسني ( دي سوسير ) من جهة اخرى , لاسيما من قبل ( جاك دريدا ), الا ان ( جوليا كرستيفا ) كانت الاكثر غنى والاكثر اثراء في مجال مواجهة مفهوم الادب بمفهوم الكتابة منطلقة او مستفيدة من طروحات رولان بارت الذي كان يؤكد ان الممارسة الادبية ملتقى الذات والتاريخ او هي العلاقة بين الابداع والمجتمع , ان قرائتها الجيدة لطروحات بارت قادتها الى التعامل مع الادب على انه ممارسة خاصة ودالة ومودعة في ايهاب يدعى لغة الخطاب , ان هذه القراءة الموضوعية لطبيعة الادب من قبل كرستيفا جعلتها ايضا تعد من اللغة منطق الاشكالية ليصبح التعريف الاجرائي للادب كمصطلح احد اهم المرتكزات الاشكالوية المتوفرة على الادلجة والكلاسيكية والاستهلاكية , تلك المرتكزات التي تحيله او تجعله بنية لسانية على حين انه مسارا تراتبيا او منحى سيرورة متصل لأنتاج المعنى . اما المحور الثاني الذي اشتغل عليه هذا الفريق خلق مداخلة بين مفهوم القراءة والكتابة اي جعل النص الكتابي قادر على تحقيق ذات الامتاع الذي تحققه القراءة وهذا يفترض في الكتابة قدرة غير مالوفة وغير بسيطة في البوح عن مكنونات شفراتها والكشف والابانة عن دلالاتها الرمزية لتحرك المتلقي من مستهلك الى منتج من خلال سهولة حركتة داخل عوالم وفضاءات الخطاب الكتابي . ولكن الى اي مدى يمكننا الركون الى مفهوم الكتابة في مواجهة الادب , لاسيما ان الادب ( ضرب من التوسع والتطبيق لبعض اختصاصات الكلام ) على حد تعبير ( تودوروف ) المنسجم والمتفق مع ( بنفينست ) ؟
كما ان الكلام منحيين متلازميين, وهما , الخطابي والاخباري وكلاهما بنية دلالية كما هي بنية مصنوعة الا انها يجب ان تكون ملفوظة وهذا يعني انها مفتوحة اصلا امام قدرات التاويل التي يجب ان تشتغل على المظهر الحرفي للمنطوق , المظهر المرجعي للمنطوق ثم اسلوبية النطق . وفي محاولة منه لتاكيد امكانية تحقيق المواجهة بين الكتابة والادب وتجاوز القيمة الدلالية المبتذلة لمفردة الادب ذاتها حاول ( ف. سولير ) عبر مقاله الواسع الانتشار ( مستويات النص الدلالية ) تفكيك بنية النص كتابيا الى ثلاث طبقات , الطبقة الاولى اطلق عليها مفهوم الطبقة السطحية ويعني بها التمثيل الخطي للمكون الكتابي متمثلا في الرسم الشكلي للحرف وانتظامه في انساق وسياقات مظبوطة على وفق قواعدية لغوية مقنن ومقعد لها وهي المسؤل عن انتاج المظهر المادي للنص , الا اننا نعتقد ان طبقة سولير السطحية لاتباعد المظهر الحرفي للمنطوق لدى تودوروف وان اعتقد سولير عكس ذلك, ذلك ان المفهومين يشتركان في ان الكتابة ان هي الا صورة التجربة المجتمعية المقنن لها وان قصديتها المعنياتية ذات علاقة وطيدة جدا بوعي التلقي , ذلك الوعي الذي يتحمل مسؤلية التحرك داخل فضاءات الكتابة بحرية اوسع او بحرية تقاوم القسرية والجبرية متمثلة بمصدر الانتاج المعنياتي . اما المكون الثاني للمستوى الطبقي الكتابي حسب مفهوم سولير فهو التناص, اي عملية تفاعل مجموعة من النصوص تحت آلية الهدم والبناء للتاسيس الى موضوع جديد قد تنجزه ذاكرة او مخيلة المتلقي المتحررة من القسرية المعنياتية وسولير وان كان في صدد محاكاة جوليا كرستيفا لمفهوم التناص , الا ان كرسيفا كانت تبنت مفهوم النص كخطوة لاحقة لمفهوم الكتابة ولم يكن ذلك باتجاه مباعدة رولان بارت او مقاربة برشت وغرامشي وشومسكي بل ان النص بالنسبة لها يمثل الاثر المادي للكتابة في مواجهة العمل الادبي ذلك ان مفردة العمل بحد ذاتها كانت تحيل المنجز الادبي الى نتاج ذاتي فردي منسوب الى منتجه وهذا ما تعتقده كرستيفا تجاوز وتجني على القيمة الفنية والادبية وفي اطلاقها لمفهوم النص تجد انها قد تجاوزت اشكاليتان الاولى متمثلة بتحرير النص من الملكية الذاتية اي انها تعلن عن تاميمه حال مغادرته ادراج الكاتب كما يرى برشت او انها تعلن عن موت المؤلف لتفسح المجال واسعا امام المتلقي ليعيد انتاجه على وفق تعددية قرائية متحررة كما يعتقد بارت , كما ان كرستيفا لم تدع عملية النصية الكتابية مبهمة بل اشترطت لزوميات انجازية ياتي في مقدمتها تجاوز جميع الاجناس ومقاومة الانخراط تحت يافطات ومعايير التقسيمات الادبية التي قننت وقعدت لها الاساليب النقدية المشتغلة على مفهوم العمل الفني والعمل الادبي , وبهذا تكون جوليا كرستيفا قد تبنت المنهجية الماركسية في نقل المنجز من الالسنية او من اللغة الشفوية لغة التواصل قسرية الدال الى منتجا يقاوم النهائية المعنياتية ويعلن عن كونه سيرورة انتاجية , اما الطبقة الثالثة عند ( ف . سولير ) فهي الكتابة اي فعل انفتاح اللغة ... وهذا ما سنتحدث عنه في الجزء الثاني والاخير من البحث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟