الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقديم التنازلات للغرب بئر لا قاع له- روسيا كمثال

ثائر دوري

2004 / 12 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لن أتحدث في هذه المقالة عما قدمته و تقدمه إيران من تنازلات للغرب، بدءاً من تسهيلها للعدوان الأمريكي على أفغانستان ، و قبلها البدء باستعمال مفردات التطرف و الإرهاب ، كما تمت صياغتها في المطبخ الأمريكي مع أنهم أول من اخترع مصطلحات من نمط (( الشيطان الأكبر)) أيام الأزمنة الثورية قبل أن يستبدلها خاتمي بمفردات من نمط : حوار الحضارات ، و الانفتاح ......الخ من المفردات التي تذكر بسيء الذكر غورباتشوف ، وصولاً إلى سياسة التنازلات في الملف النووي ، التي يبدو أنه لا نهاية لها إلا بتفكيك البرنامج كاملا و معه تفكيك الدولة إلى قطع صغيرة . و نذكر هنا في سياق التنازلات استعداد السيد خاتمي لإنقاذ أمريكا في العراق ، كما صرح بعظمة لسانه ، و أخيراً و ليس بآخر تأتي المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ ، الذي صدر بيانه الختامي قبل أسبوع من انعقاده !!! فاقتصرت مهمة الوفود الحاضرة فيه على التقاط الصور مع الابتسام (( ابتسم الجميع كي تطلع الصورة حلوة )) ليذهبوا بعدها إلى بلادهم و يعلنوا أن الأمور تمام .
و بالطبع إن الأمور بالنسبة لحكامنا لا تكون على ما يرام إلا إذا رضيت عنهم أمريكا . أما إن غضبت فهم يحسبون كل الناس غضابا ..........
لن نتحدث عن كل ذلك بل سنذهب إلى درس نموذجي آخر يجب أن يتم تدريسه لكل طلاب المدارس ، و يجب أن يكون عنوانه :
- من يهن يسهل الهوان عليه .
الدرس هذه المرة من أوكرانيا أو أكريينا ، و هو درس عن الروس و للروس كي يعوه إن بقي بقيصرهم قليل من الفهم ليعيه ، و قليل من الحيل ليرد عليه على أرض الواقع بدل أن يهدد و يعربد بأسلحة نووية جديدة لم تفد الإتحاد السوفيتي بشيء على أرض الواقع . و إليكم نص الدرس
عندما جاء غورباتشوف إلى سدة الحكم أقنعه بعض مستشاريه أن المصالحة مع الغرب هي الطريق الوحيد لحل مشاكل روسيا الاقتصادية و السياسية . بمعنى أنه يتوجب على الإتحاد السوفيتي أن ينضم إلى شلة اللصوص المسماة (( السبعة الكبار )) لعل و عسى يحصل على حصة من نهب العالم الثالث يحل بها مشاكله الاقتصادية .......!!
- لكن الغرب لن يقبل بروسيا بخطابها الإيديولوجي و بمناصرتها للعالم الثالث .
قال لهم غورباتشوف .
فأتوه بالحل سريعاً تخل عن العالم الثالث و سنحل كل مشاكلك .
فعل كل ما أرادوا فتخلى عن دعم حركات التحرر في العالم الثالث و تخلى عن الخطاب الثوري و حل مكانه خطاب السلام و مفرداته من حب و مساواة و إخاء ( تذكروا خطاب خاتمي ) . و جاء يومها وزير خارجيته شفرنادزه إلى منطقتنا ليعلمنا أصول التحضر . فقال إن إطلاق صفة عدو على الكيان الصهيوني لم يعد مناسباً للعصر و يدل على همجية و أصولية إلى آخر ما هنالك من مفردات .........
استلمت أمريكا نيكاراغوا في سياق تخلي الإتحاد السوفيتي عن العالم الثالث ، وحاولت استلام كوبا إلا إن وعي كاسترو الثوري منعه من الانسياق وراء التعابير الرنانة الطنانة لغورباتشوف عن الشفافية و التعايش السلمي و إعادة البناء ........الخ ( تذكروا خاتمي ) . فقال مخاطباً مواطنيه بكلمات أشبه بالنبوءة ، و أثبت مسار الأحداث لاحقاً صحتها . قال :
- علينا أن نعد أنفسنا ليوم لا يكون فيه الإتحاد السوفيتي موجوداً .
استلم الغرب كل ممتلكات الإتحاد السوفيتي في العالم الثالث . لكن مشاكل الأخير تفاقمت ، و لم يمد الغرب يد المساعدة ، فلم يعتمدوه كشريك في نهب لعالم الثالث كما كان غورباتشوف يمني النفس . و هنا جاء دور المستشارين من جديد . قالوا له : اترك ألمانيا الشرقية لأن وجودنا العسكري هناك ، و حالة التوتر بين شطري ألمانيا ، و خطاب هونيكر المتطرف هو ما يعيق اندماجنا في الغرب . و فعل غورباتشوف ما أشار به المستشارون ، فسحب دعمه لهونيكر فانهار نظامه ، ثم سحب دعمه لألمانيا الشرقية فابتلعتها ألمانيا الغربية و لم ينس الغرب أن يعطيه حبة فاليوم لينام قرير العين . فوعدوه أن جيوش الأطلسي لن تدخل أراضي ألمانيا الشرقية ، ولن يكون بها قواعد عسكرية .
تفاقمت مشاكل غورباتشوف من جديد فنصحوه بالتخلي عن أوربا الشرقية لأن وجود كتلتين هو سبب استمرار مناخ الحرب الباردة . فدفنوا حلف وارسو واتفاقية التعاون الاقتصادي. انفرط عقد دول أوربا الشرقية وانسحبت جيوش الإتحاد السوفيتي بالتدريج إلى حدودها . و لم ينس الغرب أن يهدأ ضمير غورباتشوف الإستراتيجي بحبة الفاليوم نفسها فوعدوه أن لا يضموا أياً من هذه الدول إلى حلف شمال الأطلسي .
و من جديد تفاقمت المشاكل فكانت جمهوريات البلطيق هي الثمن . فقط امنح هذه الجمهوريات استقلالها و بعدها ستكون علاقاتك والغرب سمناً على عسل ، و لن ندخل هذه الجمهوريات في حلف شمال الأطلسي . و كان ذلك فانفصلت هذه الجمهوريات و أدى ذلك إلى تراجع استراتيجي خطير للإتحاد السوفيتي ، الذي لم يلبث أن توفاه الله على يد مستشاري يلتسين ، الذين قالوا له لن يحل مشاكل روسيا سوى تخليها عن جمهوريات الإتحاد السوفيتي التي لا نستفيد منها اقتصادياً . بل على العكس نحن نمدها بالنفط بأسعار رخصة فإذا بعنا هذا النفط بالسوق العالمية عندها سنحل كل مشاكلنا ، كما أن الغرب الذي لديه حساسية شديدة من كلمة (( السوفييت )) سيتعاطف معنا و يساعدنا لأننا دفنا عدوه اللدود . و كان ذلك فأعلن يلتسين وفاة الإتحاد السوفيتي . و ما حدث بعد ذلك صار معروفاً فقد وصل الأطلسي إلى حدود روسيا ، بعد أن توغل في ألمانيا الشرقية بل في دول الإتحاد السوفيتي السابق فالقواعد الأمريكية استقرت في آسيا الوسطى و في جورجيا . و أضاعت روسيا هيبتها كقوة عظمى و صارت ملطشة للصغير و الكبير .........
بقي لروسيا بعض النفوذ في المجال السلافي ، لكن الغرب لن يتركه لها فانتزع يوغسلافيا من منطقة النفوذ هذه فبقيت أوكرانيا و روسيا البيضاء مع روسيا ضمن مجال سلافي واحد لم يفترق عن بعضه منذ أكثر من ألف عام . و الآن جاء دوره . يجب فك هذا الاتصال . بعد يوغسلافيا جاء دو أوكرانيا و بنفس الطريقة اليوغسلافية و تحت نفس الشعارات ( انتخابات مزورة ، حرية ، ديمقراطية ، رخاء ، اقتصاد السوق ، كتل بشرية تنزل إلى الشوارع بمظاهرات ممولة جيدا من الخارج...........الخ ) .
و بالطبع سيكون بين مستشاري بوتين من يقنعه ببيع أوكرانيا ، كما أقنعوا يلتسين ببيع يوغسلافيا ، و كما أقنعوا غورباتشوف بيع العالم الثالث و أوربا الشرقية و دول البلطيق . و لن يعدموا الحجج سيقولون تخل عن أوكرانيا و ستكون العلاقات مع الغرب جيدة جداً ......الخ ما هنالك من حجج يسوقونها مرة في سبيل رغيف العيش و أخرى بدعوى الواقعية و أن العين لا تقاوم المخرز .
لكن هل سيكتفي الغرب بتنازل روسيا عن أوكرانيا ؟ أبداً فالوحش الرأسمالي الغربي لا يشبع و كلما تنازلت طالبك بالمزيد . حتى تتحقق رؤية بريجنسكي عن ثلاث روسيات ، واحدة أوربية ، و الأخرى آسيوية ، و الثالثة سيبرية . لأن روسيا بوضعها الراهن كبيرة جداً ......!! حسب بريجنسكي
إن الهوان الذي تعيشه روسيا يستحقق أن يدّرس في المدارس ، و يستحق أن يتلا على مسامع القادة العرب الذين شاركوا في قمة شرم الشيخ صباح مساء لتذكيرهم أنه لا حدود لطلبات الأمريكان فكلما لبيت لهم أمراً طالبوك بآخر إلى ما لا نهاية . و إن مستشاري السوء الذين يشيرون بأن نتنازل بهذا الأمر كي ندرأ العاصفة ، و إن تلبية هذا الطلب لأمريكا سيكون نهاية المطاف و بعدها يحل الحب و الوئام مع الإدارة الأمريكية ، إن هؤلاء المستشارين يكذبون و لمن لديه أدنى شك فليقرأ الدرس الروسي لا سيما أنه ما زال ملتهباً على شاشات التلفزة و لم يغلفه النسيان بعد كي لا يتعلل المستشارون بضعف الذاكرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا