الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الافتاء والاستفتاء

احمد مصارع

2004 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الإفتاء والاستفتاء
إذا اعترفنا بعجز الاستفتاء عن صنع الموقف المقارب لمعطيات الواقع , ولكونه ليس أسلوبا برهانيا , وهو وسيلة من الوسائل لإظهار الرأي العام إذا كان هناك رأي عام مدرك لما يستفتي عليه مع توفير الإمكانيات المادية التي تسهل للجميع التعبير الحر الواعي ,وألا تحولت لاؤه نعما .
في حين تظهر بعض الاستفتاءات النسبة( 99,99) وفيها بعض التواضع ,لأنها تعترف بوجود لائي معارض لها نسبه واحد من عشرة آلاف , وهي نسبة قبول القائمين على الاستفتاء للحقيقة المقابلة .
الاستفتاء يتحول الى خبط عشواء , كما فعلت القنبلة النووية التي ألقيت على هيرو شيما , ففي حين كان يمكن لتلك القنبلة الحرارية العالية الصنع أن تدفيء عظام البشرية من برد الشتاء القارص وتخفف من أمراض الروماتزم ساهمت عند إلقائها في لحظة(شيطانية) في حرق الأجساد البشرية ودمرت بيئة الله , وهذا ما يمكن دعوته , أول وأكبر تحدي واجهته البشرية منذ نشأة الحياة المعروفة .
الاستفتاء له جوازاته ولا يستفتى على مالا يجوز الاستفتاء عليه , كوجودنا البشري أضيافا في أرض رحمة الله , وكما لا يجوز الاستفتاء على حق العيش الكريم لكل البشر , وهو ما يمكن دعوته بالاستفتاء على الهواء , الذي يفرز نتائج هوائيةلاأهمية لها.
يقوم الاستفتاء على قاعدة خطاب استنفذ كل قوته , بين الجمهور المستفتى , وهو جمهور مهتم للغاية ,لمعرفة نتائج الاستفتاء لتغليب خطاب على خطاب آخر وهو عمل محايد لايعني أبدا صحة أو خطأ الرأي المضاد له,
أين الخطاب الفكري أو السياسي أو الاجتماعي في معظم بلدان الشرق الأوسط ؟ صغيره وكبيره ؟
أين توجد الأهداف الاستراتيجية , بل أين التطلعات الفلسفية والفكرية , وهي نادرة حقا , وحتى لا نذهب بعيدا , لنبقى قريبا, ففي حين عرف الشعب الروسي من عباقرته الكبار مثل توليستوي دستويفسكي بوجود أمة روسية ناهضة ستحتل مكانا لها في الصف الأول , وهذا ما حدث فعلا رغم آلام الثورة الحمراء , وفي نفس الفترة التاريخية التي يشر فيها الأفغاني وعبده والكوكبي وغيرهم بانطلاقة شرق عظيم ؟ !!!
من الطرف غير الجادة , هو رأي أحد المتفلسفين العرب في تعليق ساخر له من أن الجدلية التاريخية تنطبق على كل الدنيا لكنها لا تنطبق على الشعوب العربية .
لقد استكثروا علينا قطرات الماء التي احتسيناها من الخطاب الفكري والسياسي في فترة قصيرة جدا من عمر وعينا الحديث , ثم جاءت طبقة حاكمة استأثرت الخطاب الشحيح , وشهرت أمام العقول والقلوب شعارا قمعيا خلاصته :كفانا خطابات ..كفانا اجتماعات ..., حتى الكوميديان راح يسخر من القائل : أنا أعتقد وأنا لا أعتقد !
لوكان المستفتى من تركيا , أي الفريقين سيفوز في مباراة اليوم وهي (ألمانيا, البرازيل ) فسيكون جوابه على الفور ستفوز تركيا , وهو يعبر في ذلك عما يختزنه , لا شعوريا , في حين إذا سألت بشكل مفتوح عمن سيربح
الكأس العالمي , لمواطن عربي مثلا , فسيجيبك على نحو سريع البرازيل أو ألمانيا , رغم أن عدة فرق عربية موجودة في البطولة , ومثل هذا على ضعفه , يبين كيفية حدوث الجواب المناسب , فإذا كان احتماليا فلكل الحق في ملئه كما يشاء , وان كلمة مباراة كلمة استفهامية , ونتائج معظم المباريات احتمالية .
الإعلام الموجه أو الهادف الذي يؤثر على الرأي العام ويصوغه باتجاه مجاف للواقع ويمكن, عكس نتائج أي استفتاء بإعلام مضاد له مالم يظهر الخطابان معا ,ويتكشف التضاد واضحا فيما بينهما , ان المواطن الشرق أوسطي محروم من كل أنواع الخطاب السياسي والاجتماعي , الحضاري , فلا المسرح يقدم خطابا ملائما ولا الفيلم السينمائي يقدم شيئا غير اللهو وضياع الوقت سدى , ولا المسلسل يساعده على تكوين وعي ملائم لمتطلبات الحياة المعاصرة , ولا المؤسسات الثقافية تقوم بدورها ولا التجمعات السياسية مسموح لها بالظهور العلني , ان الحياة في الشرق الأوسط الكبير تشبه الى حد بعيد حالة أسرة كبيرة لا تشغل في منزلها الكبير سوى غرفة واحدة , ويقودهم الى حد بعيد الصفة القائلة , لا أحد يتقدم , لا أحد يتأخر ,
هل يعقل أن يجرى علينا استفتاء من نوع هل أنت مع الإرهاب , ومن المعلوم أن مثل هذا السؤال سيكون جوابه مباشرة نعم , إذا كان المستفتى ناقما على احباطات متتالية , تحاصره من مجمل الشروط الأولية لحياة لائقة ببشريته , فمن هو المسئول عن التضليل الناتج عن مثل تلك الاستفتاءات الهوائية مع المواطن الضحية لها , وفي رسم صورة همجية عن شرق أوسط غني بالقيم الروحية السامية وهو متروك تتقاذفه أمواج بحر الحياة المعاصرة بدون بوصلة وهو مخترعها ..!
احمد مصارع
ارقه-2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة المصرية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية | #عاجل


.. إسرائيل تعرض خطة لإدارة قطاع غزة بالتعاون مع عشائرَ محلية |




.. أصوات ديمقراطية تطالب الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الانت


.. انتهاء مهلة تسجيل أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابا




.. إيلي كوهين: الوقت قد حان لتدفيع لبنان الثمن كي تتمكن إسرائيل