الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة مختصرة لكتاب توماس فريدمان العالم مستوٍ (1) الإنترنت

رعد الحافظ

2011 / 9 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


The World Is Flat
A Brief History of the Twenty-First Century
Thomas L. Friedman

ملاحظة / ليس لي من الفضل شيئاً سوى القراءة والإختصار وبعض التصرّف اللغوي والتقديم والتأخير بالمعلومة ( يعني شوية إخراج )
أمّا الفضل كلّهُ , فيعود بالطبع لصاحب الكتاب ومترجمهِ ,السيّد حسام الدين خضور !
*********
عام 1492 ( أيّ قبل نحو 520 عام ) ,أبحر كريستوفر كولومبوس من إسبانيا غرباً (وليس كما هو مفترض شرقاً وجنوباً ) , ليصل الى هدفهِ المنشود .. الهند !
و بعد أن ودّع مليكهِ فرديناند , ومليكتهِ إيزابيلا , لتبدأ مهمتهِ متعددة الأهداف , مثل هداية الناس الى المسيحيّة وإكتشاف الطرق المختصرة وإثبات كروية الأرض عملياً , لكنّهُ أخطأ تقدير المسافة , وظنّ أنّهُ سيصل الى الساحل الشرقي للهند , لذلك أطلق على الشعوب التي صادفها بالهنود . لم يُدرك ساعتها أنّهُ إكتشف العالم الجديد !
هذهِ القصّة المختصرة يرويها الصحفي اللامع ( توماس فريدمان ) في مقدمة كتابهِ العالم مستوٍ , في مقارنة ممتعة بين رحلة كولومبوس تلك , التي من بين أهدافها إثبات كروية الأرض , ورحلتهِ هو ( فريدمان ) الى بنكلور في الهند , التي ستلهمهُ لاحقاً لإكتشاف أنّ هذا العالم الذي نعيشهُ اليوم , هو عالم مستوٍ إقتصادياً , أو هكذا يتوقع أن يصبح !
لقد أخبر زوجتهِ فقط بتلك الفكرة وفي كتابهِ هذا يحاول إقناع القرّاء بذلك
حيث يعرض فريدمان علينا , أبعاد العالم الجديد الذي يتشكّل على نحوٍ مُسطح , يفرض طريقة جديدة في التفكير مختلفة عمّا كان في الماضي !
فلم يعد مجال المنافسة مقتصرا على البلدان المتقدمة , بل إتسع ليشمل البلدان الناميّة التي باتت الآن قادرة على دخول حيّز المنافسة واللعب مع الكبار , بل والتغلب عليهم إذا أحسنت استخدام أدوات هذا العالم المُسطّح .
**********
كيف تسطّح العالم ؟
يتحدث المؤلف عن ثلاث موجات من العولمة .
في الأولى / كانت الدول هي القوة المحركة .
وفي الثانية / كانت الشركات .
وفي الثالثة / أصبح الأفراد هم اللاعبون الأساسيون !
فأنت تجد اليوم , مئات الآلاف من عقود المحاسبة للشركات الأميركية
ومخططات لأنظمة التدفئة والتبريد في العمارات الخليجية تعد في الهند.
ومخططات لتصميم البيوت اليابانية تعد في الصين .
وفي رأيّ المؤلف , هناك عشرة أحداث وقوى ساهمت في تسطيح العالم هي :
1 / هدم جدار برلين يوم 9/11/1989
2 / إتاحة الإنترنت وأنظمة البريد والتصفح عبر الشبكة العنكبوتية يوم 9/8/1995
3 / تطبيق برامج تدفق العمل التي تُحوّل الأعمال والتطبيقات المختلفة إلى أنظمة حاسوبية وشبكية أيضا.
4 / تطوير أدوات البحث والتحرير والتعاون والمحادثة والنشر عبر الشبكة العالميّة , من خلال المواقع العملاقة والصغيرة للبحث والإعلان والنشر والتسويق والمعرفة.
5 / تبادل المعرفة والبرامج مجانا أو بأسعار رمزية , وهي الظاهرة التي يمكن تسميتها "المصادر المفتوحة" التي توفر المعلومات والموسوعات والبرامج والخدمات.
6 / تلزيم الأعمال إلى الخارج الذي يتيح تنظيم الأعمال والعقود والخدمات من خلال الشبكة . ( سيأتي تعريف التلزيم Outsourcing )
7 / نقل الأعمال من بلد إلى آخر بسهولة وبخاصة مع دخول الصين إلى السوق العالمي وإنضمامها إلى منظمة التجارة العالمية.
8 / سلاسل التوريد , وتعريفها كما يلي :
{ هى شبكه من تجار الجمله و التجزئه , والموزعين , والعاملين فى النقل, وتسهيلات التخزين , والموردين , والصناع الذين يشاركون فى الإنتاج والتسليم وبيع المنتج للمستهلك النهائى .
إنّ سلسله التوريد تتم بين مجموعه من المنشآت التى تنسق الأنشطه فيما بينها لتبعد المنافسه عنها } , المصدر / د. نبيهه جابر
9 / إتاحة الخدمات (مثل الصيانة) من مصادرها في أي وقت وفي أي مكان .
10 / وأخيراً , جلب المعلومات عبرَ مواقع ومُحركات البحث
مثل غوغل , وياهو , و MSN وغيرها
وإمكانية الاتصال والعمل بين الأجهزة نفسها "الذكاء الصناعي".
وبالطبع فإن هذه جميعا عوامل للتسطيح كانت موجودة في تسعينيات القرن الماضي , بل قبل ذلك بكثير , لكنها تجذرت وأنشأت تداعيات وتطبيقات لانهائية . وأنشأ الزمن ساحة عالمية مُرتبطة بالإنترنت تسمح لصيغ عدة بالتعاون والتشارك في العمل والمعرفة دون إعتبار للجغرافيا والمسافات , وربّما اللغات في المستقبل القريب !
وتفاعلت العوامل والتطورات وتقاربت على نحو يجعل المشاركة أمراً ممكناً لعدد كبير من الناس , لم يكن معظمهم قبل فترة قريبة متاحا له مثل هذه المشاركة .
فلا يكفي لزيادة الإنتاج وتطوير العمل معرفة وإستخدام الحواسيب وأنظمة الاتصال والمعلوماتية , لكن يجب أن ترافقها منظومة من المهارات والثقافة الجديدة التي توظفها وتدمجها في السعي البشري الدائم نحو الأفضل .
وفي المرحلة القادمة سيبدع الجيل القادم الذي نشأ في هذه المنظومة ولذلك فإن تطوير الاقتصاد والحياة لن يتم عبر المسؤولين والحكومات ولكن عبر شبكة من الأفراد .
اُكرر .. شبكة من الأفراد !
وحتى مجموعة الدول الثماني ستتراجع أهميتها لصالح الأفراد الذين يكيفون أنفسهم بسرعة مع التقنية أكثر مما تفعل الدول والمؤسسات
لذلك نرى الجميع يخشى من العولمة , حتى الأمريكيين أنفسهم !
**********
مصطلحات مهمه
Outsourcing ( التلزيم ) / شركة تتعاقد مع شركة أخرى للقيام بعمل معيّن .( د. مروان إسكندر )
Insourcing شركة تقوم بعمل معين لحساب شركات اخرى
Offshoring شركة تنقل عملها كليّاً أو جزئياً الى بلد آخر
Supplychaining سلسلة تموين عالمية متكاملة من المنتج الى بائع المفرق , وإدارتها تعرف حركة سلعتها في كل مفصل من مفاصلها .
هذه كلمات مفتاحيّة لفهم العملية الإقتصادية المعاصرة في عالم اليوم وهي تقود فعلاً الى تغيير عضوي في مفهوم رأس المال العالمي السائد خصوصاً مفهومهِ الإشتراكي , بأنّ رأس المال يوّلد الحروب !
بل قد يقود الفهم الجيّد للمصطلحات السابقة , الى مفهوم معاكس هو أنّ العملية الإنتاجية العالمية ( ورأس المال أحد مكوناتها بالطبع ) , بينهم من التداخل والتشابك والتعقيد , مايجعلها تمنع قيام مزيد من الحروب .
وهذا ما يلاحظه أيّ مراقب مُنصف لعالم اليوم !
*****
عودة لفكرة فريدمان بتسطح العالم !
بدأت الفكرة تراودهُ في غرفة مؤتمر ( ناندان نايلكاني ) , في مركز شركة أمفوسيس تكنولوجي المحدودة .
و نايلكاني هو المدير التنفيذي لتلك الشركة , وأحد الرواد المحترمين في الصناعة الهنديّة .
في بعض أبنيّة تلك الشركة , يكتبون برامج مُحدّدة للشركات الأوربيّة والأمريكية , كلّ شيء من صيانة الكومبيوتر الى مشاريع بحث محدّدة , الى الرّد على إتصالات الزبائن من جميع أنحاء العالم !
حقل اللعب يُسوّى ... قال نايلكاني لفريدمان واضاف
العالم الإقتصادي سيصبح مستوي كتلك الشاشة العملاقة أمامك !
عندما يخلو فريدمان الى نفسهِ يفكر بتلك العبارة المثيرة / حقل اللعب يُسوّى !
والذي سيجعل العالم مستوي , هو مايحدث فعلياً الآن , من ربط كل مراكز المعرفة على كوكبنا في شبكة عالمية واحدة , والتي إذا لم تعترضها السياسة والإرهاب , فقد تُنتِج حقبة مُدهِشة من الرخاء والإبتكار !
لكن مايجعل فريدمان حزيناً رغم كلّ ذلك السيناريو الجميل , هو أنّ فكرة إستواء العالم , لن تقتصر على كتّاب برامج الكومبيوتر والأطبّاء والمهندسين والمحاسبين وتعاونهم الواسع في تكامل أعمالهم .
لكن أيضاً منظمة القاعدة وشبكات إرهابيّة أخرى ستجد عالماً مستوياً !
*******
في الجزء القادم ستقرأؤن/ كيف سيكون العالم لو تخيلناهُ مدينة واحدة ؟
ضاحيّة أوربا / ستكون دار مُسنين تخدمهم ممرضات تركيّات على نحوٍ مُسرف .
الولايات المتحدة / مجموعة خاصة محروسة داخل بوابة ذات جهاز للتحرّي عن الاسلحة .
أمريكا اللاتينية / ستكون الجُزء المُسلي في البلدة , أو حانة المنطقة .
بينما شارع العرب / سيكون زقاقاً مُعتماً يخشى الغرباء دخولهِ ( توجد لافتة مكتوب عليها , ممنوع الدخول , إحذروا الكلاب )
عدا بضعة جادات تُدعى .. دُبيّ , قطر , البحرين , الأردن , المغرب !
والأعمال الجديدة الوحيدة هي محطات البنزين .
أمّا الهند والصين وشرق آسيا / فستكون هي الجانب الآخر من المسارات
و ضاحيتهم سوق كبيرة مزدحمة !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
7/ 9/2011











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مستقبل
مازن البلداوي ( 2011 / 9 / 8 - 15:11 )
العزيز رعد
رؤية مستقبلية مهمة،بالنسبة لي شخصيا اتوافق مع خلاصتها وقد نختلف بأياليب التطبيق والفترة الزمنية اللازمة، هنالك ترتيبات يجب ان تجري قبل البدء الفعلي للتطبيق، وكما أظن فنحن نعيش جزء من عملية التحول ولكن الأمر يجب ان يأخذ وقته اللازم وقد يختصر اذا ما اثبتت احدى المراحل استعدادها للحرق المبكر.
تحياتي


2 - مجهود قيم
فينوس صفوري ( 2011 / 9 / 8 - 16:15 )
أحسنت أستاذ رعد
وفعلاً مجهود قيم للرؤية المُستقبلية للأوضاع وهناك نقطة ذكرتها من أن الجميع يخشى العولمة حتى أميركا ! أنا قد أختلف معك في هذي الفقرة وبرأي أن هذ المصطلح نفسه وبغض النظر عن التطبيق تسعى اميركا لترويجه قبل غيرها وأتفق ايضاً مع الزميل العزيز البلداوي
أعجبتني هذي الفقرة في مقالك
---بينما شارع العرب / سيكون زقاقاً مُعتماً يخشى الغرباء دخولهِ ( توجد لافتة مكتوب عليها , ممنوع الدخول , إحذروا الكلاب )
عدا بضعة جادات تُدعى .. دُبيّ , قطر , البحرين , الأردن , المغرب !
والأعمال الجديدة الوحيدة هي محطات البنزين--- شكراً لك سيدي على مقالك الرائع .


3 - شكراً لكم
رعد الحافظ ( 2011 / 9 / 8 - 18:13 )
الأعزاء مازن البلداوي وفينوس صفوري
شكراً لحضوركم وتعقيباتكم
سأحاول في المقالات القادمة تلخيص أهم افكار الكاتب ورؤيتهِ لعالم يتسطّح ويستوي إقتصادياً وإنسانياً , ومروره على المعوقات والمشاكل وربّما المفاجئات أيضاً
شخصياً وجدتُ الكتاب جدير بالقراءة , عسى أن تستمتعوا بهِ مثلي , محبتي لكم


4 - دائما متالق
سرحان الركابي ( 2011 / 9 / 8 - 19:45 )
تحية مسائية لاخي وعزيزي الرائع دوما رعد
معلومات ممتازة وقيمة وردت في المقال
فكل الشكر والامتنان لك اخي ولهذا الموقع الذي يتيح الفرصة بنشر وتعميم كل ما هو مفيد ونافع للدفع بعجلة التنوير وبث المعلومة الجديدة
اكرر تحياتي للجميع


5 - الصديق / سرحان الركابي
رعد الحافظ ( 2011 / 9 / 8 - 23:52 )
وشكراً لمروركَ العزيز , أخي سرحان الركابي , وحمداً لعودتم فقد طال غيابك , عسى أن تعود الى كتاباتكَ التنويرية قريباً , محبتي لكَ


6 - العالم المستوي
فؤاد النمري ( 2011 / 9 / 9 - 04:31 )
عزيزي رعد
النقيصة الوحيدة في الحوار المتمدن هي أنه (كله لدى هيئة التحرير صابون) فمثلاً مقالات لبعض رفاقك تنشر في مربع الكتاب وتستمر في الظهور لأكثر من يومين وهي خالية من أية فكرة تستحق الكتابة في حين أن مقالاتك وجميعها تطرح أهم أفكار العصر التي تشغل الدنيا بحالها تنشر في العمود الأول أو الثاني ولا تظهر ل 24 ساعة
لذلك ها أنا ذا أعلق على مقالتك اليوم بعد أن اختفت عن الصفحة الأولى لأقول ..
فكرة العالم المستوي وردت في مقالة لي عن |-تراث اوتسي تونغ| نشر في شباط 2009 يقول..(عالمنا اليوم عالم مسطح بليد لا حراك فيه . إنه عالم الطبقة الوسطى التي لا حرارة فيها كما هو حال الحشرة في البيات الشتوي)ـ
العالم المسطح الموصوف هو العالم الحقيقي اليوم وليس عالم فريدمان الذي نظر لانتاج الخدمات وليس لانتاج السلع والتناقض الرئيس في عالـم اليـوم هـو التناقض خدمات )( سلع أو طبقة وسطى )( بروليتاريا
طالما هذا التناقض قائم دون حل فالعالم المسطح سيبقى يتعفن في مكانه


7 - الأستاذ فؤاد النمري
رعد الحافظ ( 2011 / 9 / 9 - 12:24 )
كنتُ قبل دقائق عائد في طريقي الى البيت وخطرت لي فكرة أحاورك فيها انتَ بالذات , كوني بتُ إسميك (المعلّم الشيوعي ), حيث من مقالاتكَ غالباً أفهم الكثير عن ماركس والشيوعية .. ماعلينا
فكرتي هي / الشيوعيّة حُلم لن يتحقق ابداً بالطريقة المشاعيّة وسأذكر لكَ أسباب إعتقادي هذا , وأناقش بالمرّة فكرة خطاب أوباما فجر اليوم حول تنشيط الإقتصاد الأمريكي ب 447 مليار دولار
****
العالم المستوي عند فريدمان ( مع أنّي لم أكمل الكتاب ) لا يتحدث فقط عن الخدمات , سأضيف لاحقاً مشاهداتي في ماليزيا عام 1995 وكيف يصنعون كلّ شيء وأنواع السيارات , عندهم بسبب رخص اليّد الفنيّة العاملة
****
وضع مقالاتي لفترة محدودة ( وليس المهم عندي مربع المختارة ) فقد أصبح أغلبه للأسف يحوي مقالات تشجع الكراهيّة والإرهاب والطائفية
وهي في ظنّي سياسة خطيرة ينتهجها الأخوة في الحوار إنتبه إليها الكثير
غيري , وأتمنى من أعماقي أن يُصلحوا خط سيرهم فأحياناً شخص واحد قادر على تدمير بناء مجموعة أشخاص سهروا على هذا الموقع الريادي
محبتي لك

اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية