الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الشبيحة- رهان خاسر

جاسم الحلفي

2011 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


هناك ثلاثة نماذج رئيسية لحركات التغيير الديمقراطي، تفرضها عوامل عديدة داخلية وخارجية، وتخضع لشروط مختلفة لا مجال لذكرها هنا. النموذج الاول تشكله انتفاضة عامة، بعد ان يتصاعد غضب الشعب الى درجة، لا يمكن احتواؤها بالطرق التي يعتمدها النظام المعني في ادارة ازماته، سواء بالترغيب او الترهيب. وفي هذا النموذج لا تتوقف حركة التغيير عن فعلها، مهما مارس النظام من اساليب قمعية، الى ان تتم الاطاحة به عن طريق حركة جماهيرية جبارة، تشترك فيها طبقات وشرائح المجتمع بصورة شاملة. ومثال ذلك ثورتا تونس ومصر.

والنموذج الثاني يتشكل حينما تتساوى بشكل تقريبي قوى النظام الحاكم مع القوى المعارضة له. فلا النظام يستطيع التغلب على المعارضة، ولا المعارضة قادرة على حسم الصراع لمصلحتها. وقد تتسع الازمة وتشل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فيتم اللجوء الى المساومة التاريخية، التي يتخلى النظام من خلالها عن الحكم عبر فترة انتقالية، في مقابل ضمان عدم ملاحقة رموزه. ويرافق ذلك في الغالب انتهاج سياسة المصالحة الوطنية، مثلما حدث ابان التغيير في جنوب افريقيا.

اما النموذج الثالث فيظهر عند شعور السلطة السياسية في البلد المعني بضرورة اجراء الاصلاح السياسي وانتهاج التغيير الديمقراطي، بعد ان تتبين لها عدم ملائمة طريقة الحكم المنتهجة؛ فلا الشعب يستطيع تقبلها، ولا هي تستطيع الاستجابة للتطورات وجديدها. عندها تضطر السلطة السياسية للمبادرة الى اجراء التغييرات الضرورية للانتقال الديمقراطي، فتسن قوانين للاحزاب والانتخابات والاعلام ولمنظمات المجتمع المدني وغيرها، ويتم نقل السلطة بشكل سلس ودون اراقة دماء، والحفاظ خلال ذلك على مؤسسات الدولة ومنع تفكك وانهيارها. والامثلة على ذلك ليست قليلة، ومنها تجارب التغيير الديمقراطي في امريكا اللاتينية، حيث تحولت انظمة من الدكتاتورية الى الديمقراطية.

ويبدو ان عددا من انظمة الحكم العربية تحاول محاكاة هذا النموذج، ومنها النظام السوري. لكن هذا تأخر كثيرا، وبينت تطورات الاحداث ان الاجراءات التي اقدم عليها كانت على درجة من البطء، لم يتمكن معها من مواكبة حركة الاحتجاج المتصاعدة والمستمرة، والتي شملت كل المدن السورية. وفي الوقت نفسه يبقى الارتياب بتلك الخطوات هو السائد على صعيد الشارع، خاصة وانها لم تأت عبر مبادرة ضمن اجواء طبيعية، وانما كرد فعل بالغ البطء على حركة الاحتجاج. كما ان سقوط اعداد من الضحايا بشكل يومي، لا يطمئن الناس الى كونها خطوات اصلاح حقيقي. لذلك يجري انتقادها باعتبارها محاولة لامتصاص النقمة، والالتفاف على حركة الاحتجاج. وحقا لم يتم رفع قانون الطواريء، وما زالت القوات الامنية و"الشبيحة" تمارس الارهاب المنظم بحق المحتجين. وفيما يبقى الخطاب الرسمي يتحدث عن حفنة "عملاء" مأجورين، تتسع الحركة من اجل التغيير، وترفع من سقف مطالبها مشددة على اسقاط النظام برمته.

ان احد اهم دروس حركة الاحتجاج يبين ان الشعب حينما ينتفض لا يقبل باقل من تغيير النظام. وليس بوسع أي خطاب سياسي مرتبك او قمع منظم، ان يعيد الامور الى نصابها السابق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -