الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة في مصر مصالح ومناصب ..!!

سعيد رمضان على

2011 / 9 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الثورة في مصر مصالح ومناصب ..!!

لا أحب الكتابة في عصر الثورة، بأساليب عصر مبارك، مثل القول أن الكل بخير، والفرقة المارقة، والخونة، وغيرها من ترهات، لكن في نفس الوقت فأن الثورة التي لم تكتمل، والمقهورين والفقراء والمحرومين والشباب الذين غيروا وجه مصر بثورتهم.. يجلسون على أرصفة الطرق متحسرين لأن الثورة سرقت منهم والقوى الحاكمة أهملتهم، وهم ليسوا فرقة مارقة أو خونة .. فهل ثاروا ضد الظلم ليقعوا في ظلم آخر ؟
والظلم الذي وقعوا فيه وقعوا فيه من عدة جهات ..
الأولى : ظلم من أنفسهم على أنفسهم، لأنهم جعلوا من رجل عادى رمزا مقدسا لايمكن المساس به .. وأمتد الرمز المقدس ليشمل ما حوله من المنافقين، والخونة .. والحرامية .. مما سمح بتحوله لمتوحش ظل طول عقود يلتهم مصر .
الثاني : أنهم رجعوا للبيوت، تاركين الثورة أمانه في يد أشخاص، حاولوا استغلال الوضع للسيطرة .. وحاولوا الفصل بين الناس وحقوقهم، عبر إنشاء كتائب لا مثيل لها في العالم تحت أسم مجلس رئاسي ، يتم تحويله هو الآخر لرمزا مقدسا لا يمس .. دون أي اهتمام بآراء الشارع ولا رغبة المواطنين الذين قاموا فعلا بالثورة .. فأن العشرة أو العشرين مليونا الذين نهضوا في بر مصر بالثورة، لم يختاروا المجلس الرئاسي المزعوم، الذي سيعمل عمله لتفكيك البلاد من خلال الصراع الداخلي للتكالب على السلطة .. وسبق أن قلت بأن المجلس الرئاسي لن يملك من القوة ما يعيد الاستقرار إلى مصر .. فالقوة لا يملكها مجلس رئاسي متضارب ، ومتناقض .. كما أن ذلك يحتاج إلى صلاحيات، قد لا يملكها الرئيس القادم لمصر .. وكل القوى الديمقراطية تنادى بتقليص صلاحياته .
ويظهر أن الغطاء المعلن لإضفاء الشرعية والأهمية على المجلس الرئاسي، هي بذاتها المكون الرئيسي لأسباب الفشل المتوقعة لهذا المجلس ..
فالبلاد تشهد صعودا للتيارات المختلفة، أهمها التيار السلفي والأخوانى ، وتيار متطرف، وأحزاب جديدة، وتجمع كل تلك التيارات على التباعد عن بعضها، واتخاذ موقف سلبي من كل طرف.. على عكس ما حدث أثناء الثورة .. حتى ائتلاف شباب الثورة يحوى بداخله تيارات متناقضة تعبر عن مصالح مختلفة .. وكلها تعتبر روافد .. والظاهر أن كل تلك الروافد ، سوف تصب في الصحراء ، وليس في نهر المصلحة القومية للوطن .. !!
وهاهي البوادر بدأت تظهر بالأفق.. بالخلافات والانقسامات.. وتداعى الأمن ومن خلال ذلك الحشد الإعلامي المستمر بالتظاهر المتكرر، الذي يذكرنا بإعلام جوبلز في عصر هتلر ..كأن الشعب المصري اسقط ديكتاتورا واحدا ليحكمه مائة ديكتاتور .
والديكتاتوريين الجدد لا يعرفون فن السياسة، ولا قيم الثورة ..هم فقط يجيدون أطلاق الشعارات، والبحث عن المناصب، من أجل أنفسهم لا من أجل مصر .. وإذا قلت لهم تراجعوا من أجل مصلحة مصر سيكون ردهم عليك .. نحن متواجدين من أجل مصلحة مصر .. نفس طريقة كلام الديكتاتور السابق .
الثورة أسقطت نظام حكم، وهناك أتباع لهذا النظام متواجدين في كل مكان، وهناك مطالب لم تنفذ فعلا .. ومحاكمات عسكرية للمدنيين .. ومصادرات رأى .. لكن هناك عدم أمن .. ومشاكل على الحدود بسيناء .. ومشاكل بكل المدن المصرية .. وشتيمة تدخل في باب التجريح والقذف لا باب حرية الرأي .. والجيش المصري موزع بين كل المدن تاركا أهم النقاط على الحدود دون رعاية .. والعدو المتوحش على الأبواب منتظرا الفرصة لالتهام قطعة عزيزة وثمينة من جسد مصر .. وهى سيناء .
فهل لدينا وقت للمظاهرات والاضطرابات والمناوشات .. ؟
وهل يعرف الناس، أن الثورات في العالم، نجاحها يكمن في أنها تكتسب كل يوم ببطء ، موضعا متقدما ..و أنها تحصل على القليل تدريجيا وبصعوبة ؟
والخطر الحقيقي لكل ثورة هو الشخص، الذي يحمل في قلبه رغبة في امتطائها لمصالحه،
لأنه سيجد من حوله عشرات يدينون بمثل ديانته .. أن النضال هنا سينحرف ليحقق نوعا من الهزيمة .. لأن الرجال الصالحين في الثورات .. لن تجدهم على المنابر ولا المتقدمين في الخطب ولا المسارعين بتشكيل مناصب تصادف هواهم الشخصي .. فتلك الأعمال كلها تتصادم مع المثل العليا التي تجدها في الصالحين ..وإذا بحثت عنهم ستجدهم متجسدين في الفعل الثوري .. في مقدمة الصفوف متصدين للرصاص ،وبخلفية الصفوف بعيدا عن المناصب.
في مقدمة الصفوف مع الفقراء والمقهورين .. وفى خلفية الصفوف بعيدا عن الموائد المتخمة
هؤلاء هم الثوار الصالحين المتجسد فيهم الفعل الثوري ..
وفى مصر أتاحت الثورة لأبطالها، دفعة حقيقية من العظمة الخلاقة.. لكن الدفعة لم تكن من القوة بحيث تسمو بالناس للتغير .. تغير أخلاقي يسمح بانسجام يؤدى لتنظيم فعال، يستهدف وصول الثورة لأهدافها .. تنظيم متناغم لا علاقة له برغبات أفراد أو طمعهم أو طموحهم الفردي .. وكما قلت سابقا فالثورة تشتعل لكي تسترد للإنسان مكانته الصحيحة في وطنه .. وإذا كانت الثورة، لا تعيد للإنسان الإحساس بالكرامة المفقودة، وتمنحه العدالة الاجتماعية لا تكون ثورة .. ولا قيمة للثورة إلا بقدر ما تقدم من قيم تحررية تمنح الإنسان حقوقه كاملة.. تلك الحقوق لايمكن المساومة عليها .. ومع ذلك فليست الثورة مصالح ومناصب ، كما إنها ليست فوضى، وشائعات ومهاترات ،أو سلاح قمع وانتقام وعدوان وأداة للطغيان .. ولا تقوم الثورة على تعصب، وعلى عقائد وأفكار باليه لا تقبل الجدال .. لأنها كثورة تعلى من قيم الحق والعدل والحوار وقبول الرأي الآخر فالمجهود الخلقي أحد ركائز الثورة الأساسية.
ولايمكننا القول أن الظاهرين حاليا على الساحة يمثلون الشعب .. وحتى لا يمثلون الثورة .. بالرغم من أنهم وبشكل يومي يتحدثون عن هذا وذاك .. ويعلنون كل يوم عن حق الشعب في تقرير مصيره .. ثم يقررون له أشخاص يتحكمون في رقابه ، يؤكدون كل يوم على الديمقراطية ثم يختارون أشخاص لحكم شعب لم يختارهم بنفسه .
فهل الثورة تقوم على تعصب وفرض إرادة وأفكار لا تقبل الجدل ؟
وما فائدة خروجنا من عبودية مبارك .. أذا دخلنا عبودية الديكتاتوريين الجدد ؟
أن الثورة المفترض ان ترفع القيم الخلقية لحد الحساسية ، لا أن تهبط بها إلى مهاوي الجحيم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لك
فاطمة زيد الناجى ( 2011 / 11 / 22 - 05:45 )
مقال يستحق تقديرنا .. شكرا لك وعيك

اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل