الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملك السعادة كومار

كواكب الساعدي

2011 / 9 / 8
الادب والفن


"قد بحثنا عن السعادة لكن .. ما عثرنا بكوخها المسحور / أبدا نسأل الليالي عنها .. وهي سرّ الدنيا ولغز الدهور"
الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة

هناك في غايات الكاجو
وغابات المانجو الكثيفة
في هيماتشال براديش*
حيث لا ضجيج إلا صوت أنفاسك
يضيء الكون
بشفتيكِ كالكرز وعينيك اللوزيتين
وشعركِ الفاحم الطويل كنهر
وحنانك المتدفق كينابيع الجبل
لكِ اغني
لأنك أميرة من سندهو*
لأنك حبيبتي
سأجمع مهرك
وأتيك على صهوة جواد أصيل
لنبني عشنا الصغير
قرب سنديانه عمرها مئة عام
تطعمين الدجاج وتحلبين الأبقار
وتعّمرين العش بالأولاد
تَخطرين أمامي يالغاغرا تشولي*
نغني
بخلود روحينا إلى الأبد….
بقامته القصيرة وبشرته السمراء وعيونه الواثقة من العودة للجذور يوما ما وهزه رأسه المحببه بصفيره المتناغم مع كلمات أغنيته التي تقطر حنينا جارفا وعربته المثقلة بقناني المياه يخطر كومار الفلل والمباني المجاورة كل خميس لأداء مهمته بإتقان منقطع بإبدال الفارغ بالممتلئ يحايلك بالحيل البريئة أن تكون احد عملاء شركته تحنو عليه لتشبثه بمصدر عيشه وتعقد الصفقة معه يشع من قسماته زهو الانتصار و بالابتسام الذي لا بفارق محياة….
قررت أن اقتحم عالمه لأعرف سر سعادته كان الوسيط بيننا مواطنه الذي يتقن الانكليزية
-من أي بلد انت كومار ؟
-أنا من أقاصي قرية قائمه على أكوام الطمى في الهند جّل أهلها من الفلاحين الاجراء الفقراء الغير متعلمين. لكنها قطعه من السحر والطبيعة العذراء والحياة الفطرية يسودها السكون الذي لا يخترقه إلا صوت القطار غالبا بجداول الأنهار الفضية الدافئة وأشجار الموالح والتفاح من كل لون ومصائد الأسماك وحدائق التوابل يثقلها المطر صيفا لا شتاءا كان منتشيا وهو يسهب بوصف حاضنته الأولى إسهابا عذبا يقول في الفترة الأخيرة صارت مزارا ومنتجعا للباحثين عن الهدوء من رجال الأعمال وميسورين والأدباء الذين ملوا حياة المدن وضجيجها.
- كومار ما سر سعادتك ؟
ابتسم …واطرق…
-( ولو أنا بعيد عن بلاد) وأطلق اهه حرى لكني اشعر إني ملك هنا فالناس هنا كرماء و طيبون و خاصة في شهر رمضان الكريم ويحترمون الإنسان ولو كان عاملاً بسيطا فجاليتنا عزيزة هنا وبالرغم من راتبي الضئيل الذي أرسل جزءا بسيطا منه لعائلتي الذي قد يكاد يكون ثروة هناك وادّخر الجزء الأخر للمستقبل.
- قاطعته ممازحه هل لصاحبه الغاغارا تشولي ؟
وشت لي عينيه المشاغبتين بلواعج قلبه وبالإيجاب..كان تعارفا حسنا و حوارا ثرا خرجت منه بمسّلمه لا لبس فيها إن الإحساس بالسعادة يكمن بتقدير النِعم التي نملك ولو كانت ضئيلة فهذا كومار الذي لا يملك من حطام الدنيا لا أرصدة في البنوك ولا قصر مشيد غير سكن العمال خارج المدينة ولا سيارة فارهه غير باص الشركة ورغم بعده الشاسع عن أحبائه تراه وقد أحاطته حاله من الرضا والقناعة والتصالح مع الذات بروح هدفها الخير والتضحية والكمال.
و في حاله يحسده عليها كثيرا ممن يملكون أضعاف ما يملك لكنهم يبحثون عن السعادة عبثا.
أدار كومار لي ظهره ينوء بعربته الثقيلة وصفيره المتناغم وأعطافه المجللة بالرضا شادا على يدي بدعوة كريمه منه ان ازور يوما قريته لأرى ما لا تراه عيني من فردوس أبدع الله في صنعه على هذه الأرض
****************************************
*ستدهو: الاسم القديم لنهر السند.
*الغاغرا تشولي: زي للفتيات في الهند.
*هيماتشال براديش: قرية من القرى الزراعية في الهند.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا


.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟




.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا


.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال




.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا