الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستحيل ليس ليبيا

الفيتوري بن يونس

2011 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مستهل لابد منه:
هذا المقال وما سيليه من مقالات يمثل صفحات من مذكرة الثورة الليبية كما دونها قلم كاتبها ونشر البعض منها في صحف محلية ولم ينشر البعض الاخر لذا وجب التنويه.

إذا كان أهل تونس الخضراء يفخرون بأنهم أول شعب عربي يجسد واقعا ما جاد به خيال شاعره الشابي من قدرة الشعوب على إرغام قدرها على الاستجابة لها .
و إذا كان المصريون يتيهون بأنهم اسقطوا ديكتاتورهم بأسرع مما فعل التونسيون
فإننا هنا كليبيين – أقولها بملء في وأتيه بها فخرا – نتبختر بأننا حققنا إحدى معجزات الله التي لن تتكرر اتساق مع طبيعة المعجزة أي معجزة وهي أننا جعلنا المستحيل وفقا لمعطيات واقعنا ممكنا .
هذه المعطيات التي لو وجد أخوتنا في القطرين أنفسهم أمام بعضها فقط لما فكروا ربما مجرد التفكير في فعل ما فعلنا ليس تقليلا من قيمة ثورتيهم و لا إنكارا لفضل سبقهم بقدر ما هو تقرير لواقع يعرفه القاصي قبل الداني ، إذ أن لكل منهما دستوره الذي يكفل له تنوع فكري وتعدد سياسي يخلق مهما اتصف بالديكورية نوعا من بلورة الأفكار و صياغة المطالب ووضوح الرؤية ، و ان كان مفصلا على مقاس ما .
هذا التعدد وذاك التنوع يرفده ارث ثقافي عريق في الحالة المصرية و مستوى تعليمي مرتفع و تلاقح فكري وتقني مع الغرب عبر بوابة المحتل السابق جعل من التونسيين أكثر الشعوب العربية استعمالا للشبكة العنكبوتية بلغ 25% من عددهم ، كل ذلك في ظل أنظمة تبقى مهما بلغت سطوة ديكتاتوريتها لها مؤسساتها ذات الكفاءات التكنوقراطية و على رأسها المؤسسة العسكرية المتشبعة بعقيدة الجيوش التقليدية التي يمكن لها أن تراهن عليها في نهاية المطاف وهو ما حدث فعلا هذا من جهة .
ومن جهة أخرى فإن الدولتين التونسية والمصرية وبحكم أن دخلهما يأتيهما من الخارج سياحة تتطلب مرونة اقتصادية أو استثمارا يحتاج حرية أو مساعدات يشترط مانحها الغربي عادة بعض الشروط المتعلقة بالحريات ليس حبا في هذه الشعوب ولكن حرصا على صورته أمام شعبه أولا و أمام المجتمع الدولي ثانيا .
كل هذه المعطيات وغيرها أعطت الشعبين التونسي والمصري حسا بالطمأنينة ونوعا من الضمانات في حركتهما للتغيير .
أما نحن في المقابل فكان كل شيء يجعل من مجرد تفكيرنا في محض التململ مستحيلا ، لأننا وبكل بساطة تعرضنا لعملية تجريف لم يتعرض لها شعب عبر تاريخ البشرية تمثلت في سلخنا عن هويتنا الوطنية ليختفي اسم ليبيا وتحل محله ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة ويكون قسم ولائنا قبل مباشرة مهام أعمالنا (( الدفاع عن ثورة الفاتح العظيمة وحمايتها والدعاية لها والتبشير بمبادئها و أفكارها )) ويضطر المذيع ومقدم البرنامج إلى الاختصار أمام الاسم الطويل المختار عمدا ودائما تكون ليبيا هي الضحية ليختزل الاسم في الجماهيرية والعظمي ، وحتى عندما بدا يظهر اسم ليبيا على ألسنتنا على استحياء كان تاليا لمعمر، الذي أصبح كل شيء ولولا إننا موحدين لأعلن نفسه إلهنا وان فعل على استحياء عندما قرر ألا يرينا إلا ما يرى ، أما النبوة فتلك مرتبة تجاوزها وفقا لمناهجنا التعليمية التي صممت لأي شيء إلا إن تعلمنا شيئا .
أضف إلى ذلك قطيعة مع الماضي ومع الآخر معرفيا وتكنولوجيا وعدم رسوخ ثقافة ماضوية بحكم المدة بين التأسيس المسبوق باستعمار يشهد العالم بأنه الأسوأ على الأقل من جانبه الثقافي والانقلاب الذي بدا يؤسس لثقافته المتمثلة في أن قائده هو قدرنا الذي لا حلم في الفكاك منه مسلحا بثروة نفطية سخرت مليارات عائداتها لتكريس هذا القدر شراء للولاء داخليا والسكوت بل و الدعم خارجيا ، وهو ما يفسر مواجهة حركتنا السلمية بالمرتزقة الأجانب والصمت الرهيب الذي يصل حد التواطؤ من الدول المتشدقة بحقوق الإنسان إزاء ما جرى ويجري لشباب هذه الثورة من تقتيل بالأسلحة المضادة للطائرات و إن بدا في اليومين الأخيرين نوعا من التنديد الخجول ليس من باب الاهتمام بنا و إنما من باب حرصهم على مصالحهم مستقبلا .
وقبل ذلك كله تجريم أي فكر يخالف أو يختلف مجرد الاختلاف مع أفكار القائد الأممي و المفكر الثائر و تخوين أي تجمع فكري لا يتسق و توجهاته ما جعل من الصعب أن لم يكن من المستحيل بلورة أي نوع من الاختلاف .
كل ذلك جعل من العالم بل حتى من بعضنا ينظر إلى ثورتنا – ما أحلى ضمير جمع المتكلمين – على أنها نوع من الانتحار أو على الأقل نحت في صخرة المستحيل .
وعود على بدء أقول ها نحن قهرنا المستحيل وجعلناه ممكنا رغم أميتنا وقلة عددنا وانعدام عتادنا إلا إيماننا بليبيا وحريتها التي لم نكن نحتاج في تعلمها إلى النظريات و الأفكار المعلبة ، بل إيمان العجائز رغم شبابنا غير مثبط لعزيمتنا تأخر النصر – لا قدر الله – لأنه آت فإن لم نذق حلاوته اليوم فلا شك سنفعل أو أولادنا غدا .
ودامت ليبيا حرة أبية ودام أهلها متحدين للمستحيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليبيا تدخل التاريخ فعليها شحذ ادواتها المناسب
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 9 / 8 - 12:50 )
تحية مخلصه للاستاذ الكاتب الفيتوري بن يونس
هذه المقدمه جميلة وصحيحة وجريئة
كم اتمنى والكاتب اوعدنا بالاسترسال في تكملة نصه المطلوب اجتماعيا داخليا وفي الخارج ان تتضمن استعراضه ومناقشاته على مانسميه في التخطيط بتحديد الحالة الراهنه مظهرا التخلف موضوعيا خصوصا في الانتاج وتكنولوجيته وقواه البشرية
من اجل الانتقال الى النقطة الثانية-تحديد الاهداف التي يجب لانتقال اليها لاحداث النقلة التاريخية الى المجتمع الديناميكي المزدهر-تدريجيا- وعندئذ يكون لامناص من مناقشة الادوات والمتطلبات التي يجب توفرها لتحشيدها وتعبئتها من اجل ان تتحول الرغبه في التغيير من مجرد كلام الى برنامج مبرر علميا وعمليا
اذا نجح الليبيون -واتمنى من صميم قلبي ان ينجحوا- في هكذا مسيرة للتفكير والعمل يكون قد وفروا لانفسهم مطلب الوحدة الوطنية والابتعاد عن المزايدات-الكريهة والمثبطة للعزائم والمنتشرة في البلدان المتخلفة وخصوصا مانسميها بالعربية-وبذالك تحرز الثورة الليبية تميزا رائعا عما اخذنا ملاحظته للاسف الشديد في البلدان التي حصلت فيهما الثورتين الاوليتين-تونس ومصر-والمستدعية للشعور بالاحباط وربما القنوط مع ارق لامنيات ليبيا

اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة