الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غربان الشؤم تطير الى أوكرانيا

سناء الموصلي

2004 / 12 / 3
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


غربان الشؤم تطير الى أوكرانيا
د. سناء الموصلي
انطلاقاً من المقولة الروسية الشعبية المشهورة « يقسم جلد الدب وهو مازال حياً » نلقي نظرة أخرى على الانتخابات في جمهورية أوكرانيا التي تمر بمرحلة عصيبة في هذه الأيام الحاسمة لمصير هذا البلد الذي لا يريد له الغرب وحلفائه أن يستقر. فبالأمس القريب طار الى هناك رئيس جمهورية جيكيا السابق هافل ورئيس جمهورية بولندا السابق ليخ فالينسا والحالي أليكسندر كفاشنيفسكي وخافيير سولانا رئيس هيئة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي ورئيس جمهورية لتوانيا من دول بحر البلطيق وغيرهم من السياسيين الغربيين للمساهمة في صب الزيت على النار في الأزمة الانتخابية الأوكرانية.
وهنا لابد من التذكير بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المزرية التي آلت اليها جيكيا أيام حكم الكاتب والمناضل السياسي المعروف بكفاحه ضد الاشتراكية هافل والذي كان يعد من أشهر السياسيين الموالين للغرب ابتداءاً من أزمة ربيع 1968 ومروراً بالسبعينات والثمانينات حتى خروجه من السجن وانتخابه رئيساً لجمهورية جيكوسلوفاكيا. لقد كان أول عمل قام به هو تقسيم جيكوسلوفاكيا الى قسمين- جيكيا وسلوفاكيا التي اصبحت كل منهما جمهورية مستقلة. ومن مقارنة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في سلوفاكيا مع جيكيا، فكل المعلومات والأرقام تؤكد أن التطور والاستقرار الاقتصادي في سلوفاكيا أفضل بكثير مما هو عليه في جيكيا التي انتشرت فيها المافيات على مختلف أنواعها، ناهيك عن سوء العلاقات الاجتماعية هناك وانتشار بيوت الدعارة في العاصمة براغ مع ارتفاع نسبة الجريمة بشكل ملحوظ بسبب تدهور الوضع المعاشي والحياتي لفئات كثيرة من السكان نتيجة غلق كثير من المصانع والمشاريع التي كانت تدعمها الدولة قبل مجيئ هافل الى سدة الحكم. فقد ازداد ارتباط جيكيا بالغرب في عهد هافل، الأمر الذي فتح البلاد على مصراعيها للرأسمال الغربي الذي هدف بالأساس الى تقويض الاقتصاد الوطني الجيكي وهذا ماحصل عليه بفضل هافل.
أما الحائز على جائزة نوبل للسلام ليخ فالينسا ورئيس "حركة التضامن" في السبعينات - عامل مصنع السفن في مدينة كدانسك الذي لم يتخل عن منصبه بسهولة بعد فوز منافسه عليه في الانتخابات الرئاسية أواسط تسعينات القرن الماضي، إذ امتنع عن تسليم وثائق رسمية مهمة الى رئيس الجمهورية الجديد. وبعد مفاوضات عسيرة معه استمرت مايقارب الشهر استسلم للأمر الواقع وقام بارجاعها للرئيس الجديد، فيكفينا أن نلقي نظرة سريعة على الوضع الاقتصادي والمعاشي للشعب البولندي الذي دعم هذا الدجال في السبعينات من القرن الماضي ولحركة التضامن.
فالوضع الاقتصادي في بلده بولندا ليس هو بأفضل مما عليه في جيكيا. فقد بلغت البطالة أيام حكم فالنسيا مايقارب 40% من مجموع السكان القادرين على العمل. وشهدت الدول الاسكندنافية وباقي دول أوروبا الغربية هجرة كبيرة من البولنديين العاطلين عن العمل في بداية التسعينات. وتم استغلالهم بشكل كبير من قبل أرباب العمل الأوروبيين الذين كانوا يعتبرونهم قوة عمل رخيصة جداً. أضرب مثالاً على ذلك مدى الاستغلال الكبير للبولنديين في النرويج من قبل اصحاب العمل، حيث أن العامل البولندي كان يتقاضى حوالي 14% من أجر العامل النرويجي في الساعة الواحدة، ناهيك عن الاستغلال الكبير لهم حينما كانوا يعملون في جني المحاصيل الزراعية وقطف الثمار أو تصليح البيوت وترميمها. أما عن دخول بولندا للاتحاد الأوروبي فهذا لن يحسن وضعها الاقتصادي فقد بدأ الفلاح البولندي يأن من شروط الاتحاد الأوروبي في مجال زراعة نوعيات معينة من الخضروات والفواكه والمحاصيل الزراعية تقيد وتحد من حريته في انتخاب زراعة هذه الأصناف غير المرغوبة في بلده.
أما مايخص النتائج الاقتصادية السيئة لدخول لتوانيا كعضوة في الاتحاد الاوروبي مقارنة مع ما حصل من تقدم اقتصادي في جمهورية بيلوروسيا فقد لمستها وتعرفت عليها اثناء زيارتي لهذه الجمهوريتين في الصيف الماضي. فقد ارتفع معدل الانتاج الزراعي والصناعي في بيلوروسيا بمعدل 7% و 15% على التوالي مقارنة مع لتوانيا في هذه السنة. وارتفع معدل دخل الفرد بنسبة 20% في بيلوروسيا مقارنة مع لتوانيا في السنوات الخمسة الأخيرة. وبلغت نسبة الموارد المخصصة للتعليم العالي هذه السنة في ميزانية بيلوروسيا 6% في حين لم تبلغ 4% في لتوانيا. وتعتمد بيلوروسيا على نفسها في انتاج الثلاجات والغسالات والتلفزيونات وبقية الأدوات الكهربائية والمنزلية بالاضافة الى الصناعات الخفيفة والغذائية ، في حين لم يكن الأمر كذلك في لتوانيا التي دخلت في عضوية الاتحاد الأوروبي الذي يفرض عليها سياسته الاقتصادية في القطاعات الصناعية والزراعية والاستثمارية وما تجره معها من نتائج سلبية تجعلها تابعة لأوروبا الغربية وأمريكا ، وهذا ما تريده المعارضة الأوكرانية من جر بلدها نحو التبعية الاقتصادية والسياسية.
أما عن الأساليب غير الشريفة وغير القانونية التي اتبعها فيكتور يوشينكو وأتباعه في حملتهما الانتخابية فهذا ما تؤكده الاتصالات الهاتفية التي أجريتها مع الأصدقاء في أوديسا وكييف الذي اتضح أن يوشينكو وزمرته قاموا بتأجير باصات أرسل فيها الطلاب من مدن أوديسا ولفوف وفولين وجيتومير وغيرها من مدن غرب أوكرانيا مع دفع مبالغ مالية لهم لقاء اشتراكهم في المظاهرات المؤيدة ليوشينكو في كييف حيث وفر لهم الأخير الخيام والغذاء والملابس وحتى مستحضرات الهلوسة المثيرة للأعصاب كالمادة المعروفة بالأستاسي التي تخلط مع الشاي والقهوة التي توزع على المتظاهرين في العاصمة كيف. أما عن اتهام يوشينكو بأن الحكومة مسؤولة عن تسميمه وهذا ما أدى الى تشوه وجه ، فهذا ادعاء خال من الصحة وأثبتته التقارير الصحية التي كتبها أطباء مستقلون. في حين يعرف الناس في كييف وأوديسا علاقة يوشينكو وزوجته بالمافيات الغربية وفروعها في بولندا ودول بحر البلطيق مثل لتوانيا ولاتفيا التي تمول حملته الانتخابية.
أما في حالة انقسام أوكرانيا الى شرقية وغربية وهذا ماصوت له 3500 ممثل عن المنظمات السياسية والاجتماعية والنقابية في مدينة دونيتسك قبل حوالي اسبوع فسوف تلحق نتائجه السيئة غرب اوكرانيا. والسبب في ذلك هو تركز صناعات استخراج الفحم الحجري والمتالوروجيا (الحديد والصلب) والصناعات الكيمياوية والكهربائية والسيارات وغيرها في شرق اوكرانيا وهذا ما يخاف منه الغربيون.
يراهن القوميون الأوكرانيون على حصان طروادة الذي سوف يؤدي الى قصم ظهورهم ويأتي بنتائج لاتحمد عقباها على الشعب الأوكراني الذي بدأ يشعر للتو بتحسن أوضاعه الاقتصادية في ظل حكومة فيكتور يانكوفيتش الذي رفعت الرواتب والمعاشات التقاعدية وتسمح بازدواج الجنسية وقرارها في سحب القوات الأوكرانية من العراق وغيرها من الاصلاحات الاقتصادية والسياسية التي انتظرها بفارغ من الصبروالذي لا يريد أن يفقدها بمجيئ يوشينكو وأتباعه الموالين للغرب. وهنا لابد من أن نؤكد على الأخطاء اتي ارتكبها كوتشما رئيس الجمهورية في مجال حقوق الانسان والاعتقالات التعسفية في عهده وقمع الحريات وغيرها من السلبيات التي يستغلها القوميون الذي هو واحد منهم في الهجوم على فيكتور يانكوفيتش وأنصاره. أنا متأكد من أن الشعب الأوكراني الواعي لمصالحه سوف يفهم أهداف الغربان الغربية الأمريكية التي طارت على عجلة اليه من بولندا ولتوانيا والاتحاد الأوروبي اللذين يظهرون له وكأنهم يدافعون عن حريته ومستقبله وما يضمرون له من نوايا سيئة ستظهر نتائجها سريعاً كما حدث في جمهورية جورجيا وتبديل شفيرنادزه بآخر أكثر منه ميلاً للغرب وهو ما حدا به الى ارسال 1000 جندي الى العراق لمساندة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في إدامة احتلال وطننا الحبيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة