الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيصال الدعم لمستحقيه

فهمي الكتوت

2011 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الاردن- تراجعت الحكومة عن فكرة إصدار البطاقة الذكية لإيصال دعم مادتي الخبز والغاز للمواطنين المستحقين وفق ما نشرته جريدة العرب اليوم نقلا عن مصدر مطلع، وتبحث الحكومة عن آلية جديدة لإيصال الدعم لمستحقيه... المشكلة ليست في عدم إيصال الدعم للفئات والشرائح الاجتماعية العليا القادرة على شراء الخبز والغاز بالقيمة الفعلية، و ليست هناك مشكلة بعدم دعم سلع القادمين للبلاد بهدف العمل أو السياحة، لكن المشكلة في حرمان المواطنين من الدعم تحت مسميات مختلفة، فلنا تجارب مريرة في هذا المجال، سبق وطرحت قصة إيصال الدعم لمستحقيه، وسرعان ما اختفى الدعم نهائيا، وأصبح شعار إيصال الدعم لمستحقيه عبارة كلمة السر لإلغاء الدعم. هذا ما فعلته حكومة البخيت السابقة عند تعويم أسعار المشتقات النفطية، وما فعلته حكومة الكباريتي عندما رفعت أسعار الخبز ... لم يعد هذا الشعار يتمتع بمصداقية. صحيح ان الموازنة تعاني من عجز كبير والمديونية لامست 12 مليار دينار، لكن هذه المديونية الضخمة التي تفوق إمكانيات الدولة الأردنية، والتي أصبحت فوائدها اعلى بكثير من الدعم المقدم لمادتي الخبز والغاز، ليست ناتجة عن الدعم، والجميع يعلم ان الجزء الأهم من هذه المديونية بسبب الفساد المستشري في الدولة بمظاهره المتعددة، أو بسبب القرارات الخاطئة الصادرة عن مسؤولين تسلقوا مواقع متقدمة وحساسة في الدولة نتيجة الفساد والرشا، والمواطنون يدفعون ثمن هذه السياسات، وآخر المشاريع الفاشلة مشروع الباص السريع ، الذي أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس يحيى الكسبي، رئيس اللجنة الفنية المكلفة بدراسة المشروع فشل المشروع لعدم إمكانية الاستمرار في تنفيذه لأسباب متعددة منها الأزمة المرورية الخانقة لحركة السير في المنطقة، وعدم دراسة المنطقة الجغرافية، كون هذا الخط ليس متصلا وإنما سيكون هناك تقطع في سيره، وبالتالي فان الخط لم يعد سريعا ولم يعد يفي بالغرض، علما ان الكلفة المقدرة للمشروع السريع تصل إلى 173 مليون دينار، إضافة الى مبلغ مليوني دينار لأعمال التصميم، وبعض الأمور اللوجستية.
على الحكومة ان تظهر حرصا على المال العام، قبل ان تمارس سياسة الإفقار والتجويع لشرائح واسعة في المجتمع، بالغاء الدعم بحجة إيصاله لمستحقيه، فالشعب لا يثق بالحكومات المتعاقبة بسبب التفريط بالمصالح العليا للدولة فالسياسات الاقتصادية والمالية التي طبقت منذ عشرات السنين والتي أدت الى إغراق البلاد بالمديونية، وفرض سياسات ضريبية متحيزة ضد الفقراء، وعقد صفقات بيع مؤسسات الدولة لرأس المال الأجنبي دون مبرر وبسعر بخس للحصول على العمولات، وإصدار مئات القوانين المؤقتة التي أضرت في الاقتصاد الوطني، وترك المواطنين تحت رحمة الاستغلال دون رقيب او حسيب لكبار التجار والسماسرة، حكومات تمارس هذه السياسات المعادية للشعب، ليست مؤهلة للحصول على ثقة المواطنين.
أما السؤال الذي يطرح نفسه: هل للمواطن حق بدعم السلع الأساسية المرتفعة التكلفة كالخبز والمياه والطاقة والخدمات الصحية والتعليمية، ام ان سياسات الدعم تشكل نوع من التشوهات الهيكلية للموازنة كما يحلو للبعض وصفها، عندما نعلم ان 86% من الإيرادات المحلية للدولة من جيوب المواطنين، منها71% تحت باب إيرادات ضريبية 3487 مليون دينار و 15% تحت باب "إيرادات بيع السلع " 702 مليون دينار، وحكاية بيع السلع مصطلح لتحصيلات ضريبية منها على سبيل المثال 181مليون دينار رسوم طوابع واردات ومنها 123 مليون دينار إيرادات رسوم تسجيل الأراضي، فالممول الرئيسي لخزينة الدولة الشعب الأردني، ومن حق هذا الشعب الاستفادة من أمواله الذي ائتمن الحكومة عليها، وعلى الحكومة ان تنفقها بالاتجاه الذي يوفر الأمن والاستقرار والعمل، وضمان السكن والمواصلات والمياه والطاقة والخبز والتعليم والعلاج بأسعار مناسبة، إذا وظيفة الإيرادات الضريبية إعادة توزيع الدخل، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهذا ما نص عليه الدستور الأردني، فالدعم حق للمواطن يحرم على الحكومة إلغاءه، وبغير ذلك تكون الحكومة غير مؤتمنة على أموال الشعب.

اللافت ان الحكومة التي ترغب بتوفير نفقات الدعم، لم تفكر لحظة واحدة بضبط نفقاتها الأخرى المتزايدة عاما بعد آخر، فعلى الرغم من نمو الإيرادات الضريبية إلا ان النفقات العامة نمت بوتائر أعلى بكثير، فقد ارتفعت معدلات نمو النفقات الجارية بنسبة 23.8% عن مستوى إعادة تقدير 2010 بعد إصدار ملحق الموازنة الأخير، في حين ان معدلات نمو الإيرادات المحلية بقيت بحدود 12.4% ، وهنا يكمن الخلل في الموازنة العامة للدولة، الأمر الذي يبقي عجز الموازنة العامة للدولة ضمن مستوياتها المرتفعة. ورغم حصول الخزينة على مساعدات استثنائية من المملكة العربية السعودية غير واردة في الموازنة، قيمتها 1400 مليون دولا، إلا ان مصادر وزارة المالية تشير ان النفقات الإضافية على الموازنة بقيمة 584 مليون دينار سوف لا تؤثر على مستوى حجم عجز الموازنة الرسمي لعام 2011 والمقدر بحوالي 1160 مليون دينار... بدلا من القول ان العجز سينخفض بقيمة 410 ملايين دينار، وكأن لسان حال الحكومة يقول إنها ستنفق باقي قيمة المساعدات بملحق موازنة ثاني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا