الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة فبراير وجهنا المشرق

الفيتوري بن يونس

2011 / 9 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بغض النظر عن مظاهر سفالات السفلة و أعراض أمراض النخبة فإن ثورة فبراير أيا كان التاريخ الحقيقي لانطلاقتها كشفت عن الجانب المشرق لشعب ظن الجميع بمن فيهم أنا أن النظام قتل فيه خلال أربعة عقود كل قيمة إنسانية .
هذا الجانب المشرق برز أول ما برز في أولئك الفتية الذين كانوا مضرب مثل لنا في الميوعة والانحلال بل والتخنث ، فإذا بهم يعطوننا درسا في الشجاعة و الإقدام عندما تصدوا بصدورهم العارية للأسلحة المضادة للطائرات مثبتين في الوقت نفسه صدق مقولة أن المظاهر غالبا كذابة .
لينجلي بعد ذلك معدن هذا الشعب العظيم في ذلك التلاحم الرائع وتلك الألفة العفوية وهذا الإيثار المنقطع النظير في صور لم ولن تستطع حتى الكاميرا أن تعبر عنها لأنها ستنقلها بدون روح وبغير غوص في الأعماق .
فها أنت ذا تهتف بليبيا الواحدة وعاصمتها طرابلس رغم كل الغبن والتهميش الذي تحس أنه مورس على مدينتك وما أن تتوقف هنيهة لالتقاط أنفاسك أو استرجاع صوتك الذي خانك لعدم تعوده على الهتاف حتى يحدثك من كان يهتف معك بكل عفوية و حميمية بل و يقسم لك بأغلظ الإيمان أن تقاسمه رغيفه أو فنجان قهوته دون أن ينسى إذا كان من المبتلين بآفة التدخين مثلك أن يخرج لك علبة سجائره التي اشتراها لتوه بضعف ثمنها رغم انه لم يسبق لك أن رأيته في حياتك ولو كنت فعلت لما خطر لك أن تبادله حتى التحية ، وهذا الكهل يخرج كل ما في جيبه من دراهم ليقدمه لتلك الواقفة في شباك جمع التبرعات المزدحم ليذهب بحثا عن صديق يستدين منه ثمن أرغفة خبز لأولاده وان لم يجد فلا بأس من المبيت على الطوى وذاك التاجر الذي لو تجرأت يوما وطلبت منه أن يقرضك عشرة دنانير لردك تبلدا بكل ضمير مستريح ينفق عشرات الآلاف توفيرا للأساسيات للمحتاجين مجانا وذاك الطفل الذي لا يفقه في الدنيا شيئا سوى ألعابه وتذمره من مدرسة الحساب التي تحتاج إلى تعلم الحساب يتحول بكل طفوليته الساذجة إلى رجل مرور ينظم حركة سير السيارات وسائقيها يطيعون أوامره الطفولية المتضاربة تشجيعا له و إعجابا به وهذا الذي كان صديقك ثم اختلفتم فنأى كل منكم عن الآخر مغاضبا يلتقيك في ساحة الاعتصام فيعانقك بكل الشوق ويقبلك بكل الحب وكأن شيئا لم يحدث بينكم .
وهذه التي كان زوجها أو خطيبها أو حتى حبيبها يغار عليها حتى من نسمة القبلي ويقيم عليها الدنيا ولا يقعدها لمجرد أن رن هاتفها خطأ تزاحم الرجال بمباركته أو بدونها لتقوم بدورها .
ويخذلك مخزون ذاكرتك من أسماء الإشارة لتعيد تكراره من جديد لتقول ذلك الطبيب النطاسي الذي تطبق شهرته آفاق مدينته يترك عيادته الخاصة ليعمل متطوعا في مستشفى عام أو ميداني مضحيا حتى براحته ، وذاك المحامي المفوه يسخر قدرته على الإقناع في بث الحماس في أولئك الشباب المتحمس أصلا لمساعدته في تنظيف هذا الشارع أو ترميم هذا المبني أو ذاك المركز .
وتنتهي كل أسماء الإشارة من قاموس الخليل بل وتنتهي حتى قدرتك على تكرارها ولا تنتهي تلك الصور الجميلة التي قدمها شعبنا في ثورته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن