الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (25): ملاحظات عابرة

عبير ياسين

2011 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن أن ننكر دور وسائل الاتصال الجديدة فيما حدث ويحدث فى مصر والمنطقة العربية. وبدون تعظيم الدور إلى حد القول بأن الفيسبوك هو المسئول عما حدث، أو تقليله لحد التهميش والإنكار يمكن القول أن هناك دور واضح لوسائل التواصل الاجتماعية فيما حدث ويحدث. ومن جانب أخر، لا يمكن إنكار أهمية اللحظة التاريخية التى تمر بها المنطقة فى عمومها وكل حالة ثورية فى ذاتها، بما فيها الحالة الثورية فى مصر، ليس لإرتباطها بالماضى فقط ولكن لما يفترض فيها كمرحلة رسم للمستقبل. فالمستقبل وليد اللحظات الحالية. ولأهمية تلك النقاط وأهمية اللحظة أورد تلك :الملاحظات السريعة:


أولا: تحولت أرقام الأعضاء المنضمن لأى مجموعة أو صفحة إلى مؤشر شعبية بشكل غير حقيقى ومغلوط. فمن ناحية تحولت عضوية المجموعات إلى عمل لا يملك الفرد فيه قرار مباشر. فبمجرد الضم لمجموعة يتحول الشخص لعضو حتى يقوم بنفسه بالدخول وإلغاء العضوية. وأن كان البعض مثلى لا يتلقون تلك الأخبار فى صورة رسالة مباشرة فأن اكتشاف العضوية فى تلك المجموعات قد يحتاج لعدة أيام يتبعها ترك المجموعة أو المجموعات فى ظل تزايدها الشديد واعتبارات أخرى موضوعية أذكرها فيما بعد.

ثانيا: أن الانتماء لصفحة ما ليس دوما دليل موافقة على أفكار الصفحة أو تفويض وكارت أخضر لما ينشر عليها أو ما تتخذه من مواقف. ففى بعض الأحيان، تكون عضوية الصفحة وسيلة لمتابعة أكبر قدر من الأخبار من مصادر متعددة. المشكلة أن القائمين على الصفحات والإعلام يتعامل مع تلك الأرقام بصورة خاطئة عندما يعتبرها مؤشر شعبية أو نوع من التصويت الغير مباشر على ما تعلنه الصفحة من مواقف. ولعل متابعة دقيقة لتعليقات أعضاء الصفحة كما يطلق عليهم تبرز أن الكثير منها قد لا يتفق بالضرورة مع ما تعلنه الصفحة من مواقف أو ما تورده من تعليقات على الأخبار التى تقوم بنشرها.

ثالثا: أن الأحداث خلال الثورة ارتبطت برغبة شديدة فى متابعة ما يحدث، وظهرت العديد من المجموعات والصفحات التى أعلنت قيامها بتغطية ما يحدث ونشر الأخبار من مصادرة متعددة. ومثلت عضوية تلك المجموعات والصفحات فى هذا الإطار وسيلة لمتابعة ما يجرى. ولكن كما هو الحال مع العديد من الأشياء لم تلتزم تلك الصفحات بخطها المعلن وتحولت معظمها إلى أخبار الفن والمنوعات والنقل من بعضها البعض بما قلل من أهميتها وسهل تركها أو مجرد أهمالها

رابعا: أن جزء أساسى من فوائد الثورة هو القراءة النقدية وعدم القبول بفكرة التلقى دون المشاركة. ولهذا تتحول قراءة تعليقات القراء فى العديد من المواقع إلى متعة خاصة. فما ينشر فى الصحف وعلى صفحات الفيسبوك ليس مجرد خبر ولكن مجال لنقاش واعتراض وقبول يبرز تزايد الأهتمام بإبداء الرأى فيما يحدث، والإشارة لنقاط التناقض أو الاختلاف. تلك المكاشفة التى تبرز عودة المواطن إلى الواجهة هى الضمانة الأساسية للتغير فى مصر، فكلما شارك المواطن فى النقاش كلما أدرك الآخرين أن الحقيقة فقط هى الممكنة، وأن محاولة التلاعب بالحقيقة لن تمر دون محاسبة.

خامسا: أتعجب ومعى البعض من تحول عدد من الشخصيات من ساحة العمل الإكاديمى لساحة العمل السياسى، والتحول للارتباط بشكل واضح وعلنى لتيار أو مؤسسة سياسية ما دون أن يدرك القائم بهذا حقيقة الاختلاف فى دوره ومكانته قبل وبعد توليه لمنصبه أو مكانه السياسى. بالطبع لا أقول بأن العمل السياسى يقلل من حقيقة المعرفة الإكاديمية للشخص ولكنها تحوله لطرف فى المعادلة وتطرح فكرة تعارض المصالح بين ما يمثله من دور وما يحاول أن يعلنه من أفكار.
تتعدد القراءات حول هذا التعارض الذى سقط البعض ضحيته فيما سبق ولم يبقى لهم لا مكانتهم الإكاديمية ولا دورهم السياسى. لسان حال البعض، أن كان الشخص وعلى الرغم من اقترابه من مؤسسات صنع واتخاذ القرار غير قادر على توصيل رأيه بشكل مباشر فهذا كارثة، وأن كان قادر على هذا فأن خطابه المعلن فى صورة إكاديمية يهدف لتحسين صورة فصيل ما والتأكيد على جودة تحديات تستحق التقدير عند مواجهتها. فى كل الأحوال قراءة ما يكتبه الشخص وهو بعيد عن السلطة (حتى وأن كان يسعى للتقرب منها) يحتلف عن قراءة ما يكتبه وهو فى حضن السلطة.

سادسا: استمعت إلى نقاش طويل حول ما يحدث وحول الانتخابات القادمة، ورغم أن أحد أطراف النقاش ينتمى كما يفترض لتيار ليبرالى إلا أن حديثه أعادنى لفترة لم تبعد عن الذاكرة بعد. السياسى المنتمى لتياره الليبرالى أعتبر أن مصر على وشك الدخول فى حرب أهلية وأن المخرج الوحيد للتعامل مع مخاطر اللحظة تتمثل فى أن تكون الانتخابات توافقية وليس تنافسية. توقفت كثيرا أمام تلك الكلمات، أليست نفسها آليات النظام المراد إسقاطه من صفقات تتم فى الغرف المغلقة وتقسيم مسبق للمقاعد؟ وأليست مصر التى نرغبها هى دولة ديمقراطية تقوم على انتخابات تنافسية حرة ونزيهة؟
للآسف بعض القوى السياسية التى لا تعترف بدورها فيما ألت إليه الأحداث تصر على عدم الإستعداد للاختبار والتفرغ بدلا من هذا لإدارة معاركها على الفضائيات. محاولة تلك القوى أن تؤكد على المخاطر من فصيل ما وما يمكن أن يحدث بحصوله على الأغلبية، هى محاولة للهروب من المعركة الحقيقية الممثلة فى معركة صناديق الانتخابات. كما أنها تهين الشعب المصرى وتشكك فى قدرته على الاختيار والحكم وهو أمر لا يختلف أيضا عن رؤية النظام السابق حول الشعب الغير معد للديمقراطية بعد.
على تلك القوى أن تتحمل مسئوليتها السياسية وان تدخل حلبة المنافسة بدلا من استخدام الهجوم كوسيلة للدفاع، وبدلا من التشكيك فى قدرة المواطن المصرى على الاختيار، وبدلا من التلويح بمخاطر معركة لم تدخلها أصلا. فلتبدأ تلك القوى فى الإستعداد للامتحان القادم بدلا من تقديم مبررات السقوط المؤكد أن استمرت فى سياستها القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو