الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمعة تغييب الوطن

سعيد رمضان على

2011 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


جمعة تغييب الوطن

عندما انظر إلى الأفق، أرى الديمقراطية ترافق الشمس في غروبها، مؤكدة على حلول ظلام ليل طويل .. أقول ذلك بسبب الغباء السياسي الذي أعلن عن نفسه على الساحة المصرية في أيام متتالية .
في مقال سابق نشر يوم الخميس السابق على جمعة تغييب الوطن .. قلت، ان المتواجدين حاليا على الساحة، لا يمثلون مصر ولا يمثلون الثورة .. ولا يعرفون فن السياسة .. لكنى لم أعرف انهم يستهدفون القضاء على الثورة، وعلى مصر ، ولا يملكون ذرة واحدة من الأخلاق .
وبداية فلا تهمنى السفارة الإسرائيلية .. فلتحترق في نيران جهنم .. فأنا لا أريدها في مصر، كما لا أريد إسرائيل ان تكون في قلبنا العربي .. وسبق أن قلت ان إسرائيل دولة محتلة، وسفارتها في مصر غير شرعية، ووجودها هو باتفاق أنظمة لا باتفاق شعوب ، كانت مغلوبة على أمرها وتحت نير القهر وقت الاتفاقيات .
لكنى أتعجب من هؤلاء الذين يشعلون النيران ثم يتبرؤون منها .. فعلى مدار أيام كانت الدعوات هنا وهناك صريحة ضد جيش الوطن .. الذي يتكون من أبناء الوطن .. كما أن هناك دعوات ضد المجلس العسكري بعيدة عن الجيش ككل .. ودعوات ضد الداخلية .. وضد الوزارة .. وضد شرف .. وكانت التعبئة تحدث تماما كما حدثت في وزارة إعلام جوبلز في عصر هتلر .. منظمة لها أهداف ومستمرة .. وعلى أيدي خبراء أو بتوجيه خبراء .. فهي أمامنا في كل مكان كإعلان تليفزيوني، يبث كل دقائق للدخول في ثنايا العقول، مترسخا في الأفئدة .. كأن الذين يفعلونها يمتلكون خبرة طويلة .. في الشحن النفسي عبر الإعلام والإنترنت.
ثم أن قبل الجمعة غاب بعض المنظرين للحدث والداعيين إليه عن القاهرة .. بعضهم خارج مصر .. وبعضهم ظلوا في بيوتهم، أي انهم غابوا عن قلب الحدث الذي دعوا إليه على مدار أسابيع ..
ثم هاهم جميعا ظهروا ليتبرأوا من الكل .. رافعين عقيرتهم بالصياح :
" مالناش دعوة "
ثم يرفعون أصابعهم بالاتهامات .. مرة ضد أنصار مبارك .. ومرة ضد حكومة شرف .. ومرة ضد المجلس العسكري .. تاركين هؤلاء الأطفال البالغين من العمر أربعة عشر عاما والشباب الآخرين، الذين تصدروا المشهد يحترقوا لوحدهم .. دون أدنى مسئولية على الذين أثاروهم ..
وبمثل هذا الاستهتار بعقولنا يريدون ان يحكمونا ، ويسيرون حياتنا .. ويعلنون في كل مكان أن الديمقراطية ماتت .. مع أنهم هم الذين قتلوها، ثم بكوا بدموع التماسيح عليها ..
ومن المؤسف أن كثير من الناس، راهنوا على أبطال الدعاوى والشعارات وخسروا الرهان .. ومن الغريب أن الذين ركبوا الثورة باحثين عن المناصب ،اتهموا سابقا المجلس العسكري، بعدم القدرة على إدارة شئون البلاد ثم يوجهون له تلك التهمة العبقرية بأنه المخطط ، والقادر على التدبير وأنه وحده حرك خيوط المؤامرة .. وما قبلها من مؤامرات لإفساد الثورة والسيطرة على حكم البلاد .
فكأن التعدي على مديرية أمن الجيزة، و التبول على وزارة الداخلية، وإلقاء المولوتوف الطوب عليها ونزع شعارها ، مؤامرة من الجيش وليس شحن إعلامي نفسي ضد الوزارة .
وكأن التعدي على السفارة السعودية، مؤامرة وليس شحن إعلامي نفسي بسبب ما حدث في مطار جدة .
وكأن الهجوم على سفارة إسرائيل، مؤامرة وليس شحن نفسي بسبب جنودنا في سيناء والتاريخ الأسود لإسرائيل في المنطقة العربية ..
والأغرب أن أبطال الدعاوى والباحثين عن المناصب والمزيفين ، الذين هللوا لإنزال علم إسرائيل أول مرة .. يعلنون اليوم أن اقتحام السفارة خطأ .. وتعدى على حقوق دولة يدخل في باب المحرمات .. كأن أنزال العلم من على سفارة دولة ليس تعدى على سيادة .. فالتعدي واحد في الحالتين مع الفرق في حجم الفعل .. فكيف يهللوا لذاك ويرفضوا ذاك .. والمستهدف في الحالتين واحد وهو إسرائيل، عدوتهم اللدودة كما كانوا يظهرون كل يوم .
وقبل جمعة تغييب الوطن ،أعلن المجلس العسكري كما أعلنت وزارة الداخلية ، سحب القوات الأمنية لترك الحرية للمتظاهرين بدون احتكاك، طول يوم الجمعة وحتى منتصف الليل ..فهل هذه مؤامرة أم استجابة للثورة، بعد تلك الاتهامات المتكررة لقوات الأمن بغلق ميدان التحرير ضد الثوار ..
أن ما يظهر من تبرأ من فئات ، تطلب المظاهرات كل يوم ، وتتهم الكل بالخيانة والفشل ، ليس سوى مظهر خارجي لما هو أعمق وأفدح .. فهناك نوع من الجبن وانعدام الضمير سيطر عليهم، لا يعبر فقط عن فشلهم كثوريين .. بل يعبر عن انتمائهم الحقيقي لأنفسهم وذواتهم النرجسية ، وليس لوطنهم مصر .. لكن موقفهم يعبر أكثر عن انتمائهم لتلك السيولة الأخلاقية، التي تحكم فئات عديدة في الأوساط السياسية والثقافية في مصر. ففي أي مشكلة أو اختلاف، تظهر فورا ردود الفعل السلبية ، فيتم الإنكار مؤكدين على انهم أبطال، ثم يتوجه البعض إلى سب البعض الآخر، واتهامه في ثقافته وتاريخه ووطنيته .. وهاهي الساحة .. مليئة بالشتيمة لا بالأخلاق .. مليئة بالدعاوى لا التسامح .. مليئة بالكذب والتضليل لا الحق والصراحة ، مليئة بالتهريج لا التعقل والكل يقول : " مالناش دعوة .. أنا منها براء "
ثم أسأل والحيرة تأكلني : أنريد الديمقراطية حقا، ومصلحة مصر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل